أكدت ورقة تحليلة بعنوان، "استشهاد الدكتور عصام العريان في سجون العسكر.. قراءة في تفاصيل الجريمة" أن منع الأمن الوطني تسليم جثمانه لأسرته ومنع الدفن والعزاء شعبيا، يؤكد أن نظام العسكر يصر على أن تكون المعركة معه صفرية حيث أن الدلالات والرسائل قالت إنها جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد.


وقال موقع "الشارع السياسي" الذي نشر الورقة التحليلية إن الانقلاب حاول التغطية على الجريمة بالزعم أن "العريان" أصيب بأزمة قلبية في أعقاب إدارته لحلقة نقاشية شارك فيها عدد من قادة الجماعة بسجن العقرب شديد الحراسة.


إلا أن الرواية الأمنية لم تفصح (إلى اليوم) عمن هو "القيادي الإخواني" الذي نشبت بينه وبين "العريان" مشادة كلامية، ولماذا لم يتم الإفصاح عن اسمه حتى تكون الرواية موثقة؟ ولماذا لم يتضمن بيان النيابة أي ذكر لهذا الموضوع؟ ولماذا لم تؤخذ شهادة هذا القيادي في التحقيقات إذا كانت الرواية الأمنية صحيحة؟، بحسب تساؤلات الموقع.


ومنها إلى اعتبار أن رواية الداخلية ثم الصمت عن هذه الرواية والاكتفاء بما نشر حولها في بداية الإعلان عن الوفاة المفاجئة، يمكن أن يفتح عليهم أبواب الاتهام، بخلاف البراهين القوية التي تعصف بها.


وأكد "الشارع السياسي" الموقع البحثي المعروف أن أدلة وبراهين تعصف بهذه الرواية الأمنية الركيكة، ومنها ما نشرته صحيفة  "عربي بوست" نقلا عن مصادر أمنية خاصة بسجن العقرب؛  أكدت أن المشادة وقعت بالفعل، لكنها لم تكن بين "العريان" وأحد قيادات الإخوان، كما اشاع إعلام الأذرع ورجحت بشكل شبه مؤكد أن المشادة وقعت من جانب قيادة أمنية رفيعة مارست البطش والتهديد وربما أكثر من ذلك؛ وهو ما أفضى إلى استشهاد "العريان".


وأشارت إلى أنه بداية من إعلان وفاته بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجئة ليلة الخميس في حبسه الانفرادي؛ ومع عدم توافر أي مقومات صحية لعلاج مثل هذه الحالات داخل السجون بخلاف بطء تحرك إدارة السجن في الاستجابة للاستغاثة كلها عوامل تؤكد أن ما جرى هو قتل عمد.

وكان د. عصام العريان تحدث في غير مرة أمام القضاء، عن افتقاده للعلاج الذي يحتاجه، ووفاة العديد من المعتقلين نتيجة غياب الرعاية الطبية في السجون، وأنه أصيب بفيروس سي داخل السجن، وطلب السماح بعلاجه في معهد الكبد، لكن مسؤولا في السجن أبلغه أن الأمن الوطني رفض إرساله إلى المستشفى.


وأشارت إلى أن تلك الأسباب دفعت منظمة "العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" إلى فتح تحقيق عاجل في ملابسات وفاة "العريان".


تحت التعذيب
والورقة كشفت في وقت قريب من الاغتيال الذي تعرض له "العريان"، عن بطش أمني داخل المعتقل أفضى للوفاة تحت التعذيب عززها ما نشرته حملة "حقهم"الحقوقية في بيان لها حيث لفتت إلى أن الدكتور عصام العريان تُوفي وغُسّل وكُفن ودُفِن دون أن يراه أحد.


وأضافت أنه أجبرت أسرته على مراسم الدفن كما حددتها وزارة الداخلية بحضور 12 شخصا فقط من الأسرة، كما جرى الدفن ليلا، دون السماح لأحد من الأسرة كما هو معتاد بالذهاب إلى السجن لاستلام الجثمان وتغسيله وتكفينه.. 


وأشارت إلى أنه عند وصولهم إلى المقابر وجدوا الداخلية قامت بالفعل بإدخال الجثمان إلى المقبرة، وعندما تمسك أفراد الأسرة برؤية الجثمان سُمح لهم (بعد سجال) بدخول المقبرة دون اصطحاب التليفونات أو أيّة مصابيح، فلم يتمكنوا من رؤيته فعليا بسبب الظلام وقصر المدة وحالة الضغط الشديدة المفروضة عليهم.

مجددا تساءلت الورقة عن أسباب منع الأسرة من رؤية الجثمان وتغسيله وتكفينه ودفنه بطريقتها؟ ولماذا أصرت الداخلية على دفن الجثمان دون أن يراه أحد؟ وهل أريد بذلك إخفاء الحقيقة والتغطية على جريمة قتله بالتعذيب؟ أم أن "العريان" مات بعدوى "كورونا" وتريد السلطة المستذئية التغطية على الجريمة لعدم إثارة الرأي العام المحلي والدولي ضدها؟

أنواع التنكيل 

وساقت الورقة مجموعة انتهاكات تسببت في استشهاد "العريان" ومعتقلين آخرين يحرمون منها وما زالوا في سجون انقلاب 30 يونيو، ومنها الحق في الزيارة؛ حيث كشفت أسرة "العريان" أنها لم تره منذ 11 شهرا، منذ جلسة النطق بالحكم في القضية المعروفة إعلاميا بالتخابر مع حماس.

وربطت الورقة بين هذا الحق و استئناف زيارات السجون بجميع مقار الاحتجاز اعتبارا من السبت 22 أغسطس 2020م.. ولكن الزيارة لا تزال ممنوعة عن قيادات الإخوان بالسجون منذ سنوات في عصف كامل بحقوقهم في ظل محاكمات مسيسة تفتقد إلى أبسط معايير العدالة والنزاهة.


حشود الجنازات

وعن إصرار أجهزة النظام الأمنية على عدم السماح بدفن "العريان" في مقابر الأسرة بقرية ناهيا بمحافظة الجيزة وعدم السماح كذلك بإقامة عزاء مع الانتشار الأمني الواسع سواء خلال مراسم الدفن التي جرت من الألف إلى الياء تحت إشراف الأمن، قالت إنه ذات الأمر في حالتي الأستاذ محمد مهدي عاكف مرشد الجماعة السابق، ومع الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي في يونيو 2019م، معتبرة أن ذلك يؤكد أن نظام انقلاب 30 يونيو لا يزال هشا وضعيفا، رغم حشوده الأمنية الكثيفة وارتكابه عشرات المذابح المروعة والإرهاب المتواصل للشعب بالقمع والسحق.


وقالت إن الانقلاب يخشى من جنازات قادة الإخوان من أن تكون المشاركة الشعبية واسعة وكبيرة، وبالتالي فإن هذه الحشود الغفيرة التي ستشارك في جنازة قيادي إخواني سوف تتناقلها كاميرات الفضائيات والصحف والمواقع الدولية والمحلية، وسوف تثبت أن الجماعة رغم عمليات الاستئصال الجارية بحقها منذ الانقلاب والتي لم تحدث من قبل لأي فصيل سياسي مدني، لا تزال تتمتع بشعبية جارفة.

ورأت أن أجهزة السيسي الأمنية تخشى من الحشود المشاركة في جنازات الإخوان، لأن الأجهزة الأمنية مصابة بفوبيا الحشود والثورة بشكل عام، حتى أنها ترى أن أي حشود شعبية غير مسيسة في هذه الجنازات، يعزز المخاوف الأمنية بسبب الضغوط التي يتعرض لها جموع الشعب حاليا.

بديل الإعدامات
و"الإهمال الطبي" متعمد داخل السجون، وقالت الوقرة إنه بتعليمات من السيسي مباشرة، وتهدف إلى وفاة أكبر عدد من هؤلاء القادة داخل السجون، حتى يتجنب النظام مهاجمته من الخارج في حال تنفيذ حكم الإعدام بحقهم، وأن قطاع السجون لديه تعليمات من وزير الداخلية، اللواء محمود توفيق، بعدم الاستجابة نهائياً لمطالب أي من قيادات جماعة "الإخوان"، الذين يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة، بالعلاج داخل مستشفى السجن أو على نفقتهم الخاصة في مستشفيات خارجه، علاوة على منع إدخال الأدوية لهم من خلال ذويهم"، كما جرى توثيق شهادات لأطباء أجبروا على كتابة تقارير عن صحة بعض  قيادات الجماعة بما يخالف الحقيقة، وأن عدداً ممن وافتهم المنية من قيادات الإخوان داخل السجون.

وأضافت أنه تمّ التلاعب في التقارير الطبية الخاصة بهم، لإخلاء ساحة إدارات السجون التي كانوا محتجزين فيها من تهمة الإهمال الطبي أمام المنظمات الدولية.

وبحسب شهادة طبيب فإن "الهدف الأساسي من نقل الأجهزة الأمنية للسجناء السياسيين إلى المستشفيات المتواجدة خارج السجون، كان تجنب الضغوط الخارجية، عبر إعداد واستصدار تقارير مزيفة، بعد إجبار الأطباء وإدارات المستشفيات الحكومية على ذلك".
وتؤكد شهادات هؤلاء الأطباء أن شعار السلطة تجاه قادة الجماعة الذين يعانون من أمراض مزمنة هو "سيبوهم يموتوا".