لم يتوقف الهبوط في قيمة الجنيه مقابل الدولار منذ عودة البنوك للحياة أمس الأحد. وصعد أعلى سعر للدولار في البنوك المصرية إلى 48.7 في الوقت الحالي وبات الدولار قريبًا من كسر مستوى 49 في السوق الرسمية.

 

سعر الدولار في مصر اليوم

وسجل ميد بنك سعر 48.7 جنيهًا للدولار للبيع و48.6 للشراء اليوم. فيما سجلت بنوك الإمارات دبي الوطني (DFM:ENBD) ومصرف أبوظبي الإسلامي وبنك الكويت الوطني وبنك الاستثمار العربي سعر الدولار عند 48.6 للبيع.

فيما يسجل سعر الدولار في البنك الأهلي المصري وبنك مصر 48.5 جنيهًا مقابل الدولار للبيع و48.45 للشراء.

 

أسباب هذا التراجع

ويفسر العديد من المحللين الاقتصادين هذا التراجع في ضوء توقف مصر عن قبول دفع فوائد كبيرة على أذون الخزانة كيلا تفاقم من خدمة الدين الأجنبي. إلا أن هذا يدفع الأموال الساخنة للتخارج من الاقتصاد الذي لم ينجح في الفترة التالية لحصوله على قرض صندوق النقد الدولي بعد زيادته وأموال صفقة رأس الحكمة، في تطوير أي مصادر لتوليد الدولار، وفقًا لـ"إنفستنج".

وقد ظهرت العديد من المظاهر السلبية مثل ظهور أوفربرايس على أسعار السيارات من جديد وكذلك توقعت فيتش سوليوشنز استمرار التضخم في مصر عند مستوى 30% في المتوسط خلال عام 2024 وأن يصل إلى متوسط 18% في عام 2025. وتعد هذه التوقعات أعلى من التقديرات السابقة من المؤسسة. وأسهمت أخبار زيادة أسعار الكهرباء في يوليو في تغيير النظرة المستقبلية للتضخم.

ومن جهتها، توقعت مديرة تطوير الأعمال بشركة الأهلي للاستثمار، حنان وجدي، أن يعاود الدولار تراجعه مقابل الجنيه خلال الأيام المقبلة، مؤكدة أن الارتفاع المفاجئ له يوم أمس أمر وارد الحدوث وبدون مبررات، مع عودة الأعمال بعد فترة إجازة طويلة، وتصاعد الأحداث الجيوسياسية التي تحدث في المنطقة.

وتشير خبيرة سوق المال إلى أن الطفرات المفاجئة في أسعار الدولار قد تحدث في سوق الأسهم والذهب، من دون أن يكون لها سبب واضح، وغالبًا ما يستمر الصعود لفترة قليلة من الزمن، ثم تعاود نشاطها وفقًا للضوابط الحاكمة للسوق.

تفسر وجدي توقعاتها المتفائلة بأن البنك المركزي لديه حاليًا حصيلة جيدة من الدولار والعملة الصعبة بالاحتياطي النقدي، مع توقع بإفراج صندوق النقد الدولي عن الدفعة الثالثة من القرض الموجّه لدعم الاقتصاد، بعد استكمال عمليات المراجعة للنفقات الحكومية وبرنامج الإصلاح الاقتصادي، والتي انتهت في 8 يونيو الجاري، مع توقع المزيد من القروض وبرامج الدعم المالي المقدمة من الاتحاد الأوربي وتدفقات جديدة من الاستثمار الأجنبي المباشر.

وتؤكد خبيرة سوق المال أن توافر الدولار في البنوك وسهولة حصول المتعاملين عليه بالكميات المطلوبة، يظهر استقرارًا وثباتًا في سعر الصرف مع وجود معلومات عن توجه الحكومة إلى زيادة عمليات مبادلة الديون قصيرة الأجل بأخرى طويلة الأجل، تسهم في تحسين قدرة الاقتصاد، على مواجهة الضغوط المالية والمفاجئة التي تسببها التطورات الجيوسياسية والمحلية، وفقًا لـ"العربي الجديد".

 

عودة المصريين في إجازة عيد الأضحى

وروجت بعض المواقع الإلكترونية المحلية وصفحات بوسائل التواصل الاجتماعي خلال فترة العيد، ارتفاعًا مفاجئا في سعر الدولار عند سعر 60 جنيهًا، اعتبرها خبراء محاولة من المضاربين على الدولار والعملات الصعبة استغلال إجازة العيد الطويلة في تنشيط سوق سوداء، استمدت زخمها من سفر مجموعات كبيرة من المواطنين للخارج، واستعادة نشاط تحويل الدولار من المصريين العائدين في إجازة العيد خارج القنوات الرسمية، مع غلق أبواب شركات الصرافة والبنوك فترة زمنية طويلة.

دفعت عودة السوق السوداء وزارة الداخلية إلى تنظيم حملات أمنية على مضاربين في العملة، أسفرت عن ضبط كميات محدودة، بلغت قيمتها نحو 24 مليون جنيه (تقريبًا نصف مليون دولار)، خلال الأسبوعين الماضيين. أعلن البنك المركزي عن زيادة الاحتياطي النقدي إلى 46.125 مليار دولار نهاية مايو الماضي، بمعدل زيادة 5 مليارات دولار عن إبريل 2024، مدفوعًا بزيادة حصيلة الدولة من العملة الصعبة، جراء التنفيذ الكامل لصفقة بيع مدينة رأس الحكمة، للصندوق السيادي بدولة الإمارات، بلغت قيمتها 35 مليار دولار.

 

المضاربة وصلت إلى البنوك

بدأت المضاربة على الدولار في البنوك خلال الأسبوع الثاني من يونيو الحالي، حيث قفز سعر الدولار في البنك المركزي إلى 47.55 جنيهًا للشراء و47.69 للبيع يوم 10 يونيو، مرتفعًا بنحو 70 قرشًا عن تعاملات الأسبوع الأول من يونيو. منحت الهوة الواسعة بين سعري البيع والشراء البنوك المحلية فرصة المضاربة على شراء الدولار بأسعار أكثر ارتفاعًا.

وقال محللون ماليون إن تحرك سعر الدولار في البنوك يرجع إلى ضبابية المشهد الاقتصادي، في ظل تأخر التشكيل الوزاري المنتظر منذ أسبوعين، وتفضيل كثير من الشركات والأفراد حائزي العملة الصعبة، عدم التنازل عما لديهم من دولار، لصالح البنوك لحين الانتهاء من تشكيل الحكومة الجديدة، وفقًا لـ"العربي الجديد".

كما أوضح الخبراء أن عدم وضوح الرؤية الاقتصادية للحكومة، ومعرفة الشخصيات التي ستتولى المناصب الوزارية المحركة للاقتصاد، توازيًا مع تراجع عائدات السياحة، مع انتهاء الموسم الشتوي وتوجيه جزء من مدخرات الشركات للإنفاق على السياحة الطاردة، ورحلات الحج، أسهمت في ندرة العرض من الدولار والعملات الصعبة أمام البنوك، بينما ازداد الطلب من جانب الجمهور والمستوردين للمواد الغذائية ومستلزمات التشغيل في المصانع.