قالت مجلة “ريسبونسيبل ستيتكرافت” الأمريكية أن إسرائيل اهانت السيسي وأظهرته ضعيفا أمام العالم خلال عدوانها على غزة وأظهرته بلا قيمة ولا أي قوة.

قالت أن الجيش الاسرائيلي خرق كل الاتفاقيات والعهود الموقعة، حين أعلن أنه سيطر على محور فيلادلفيا (محور صلاح الدين)، المنطقة العازلة ذات الأهمية الإستراتيجية بين غزة ومصر، والتي يبلغ طولها تسعة أميال وعرضها 300 قدم.

وقال الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة (غولف ستيت أناليتيكس) الأميركية، جورجيو كافييرو، إن إسرائيل اختبرت بذلك “اليد الضعيفة” لنظام مصر خلال العدوان الجاري.

قال في مقال نشرته مجلة “ريسبونسيبل ستيتكرافت”، الصادرة عن معهد “كوينسي” الأميركي، إن “نظام مصر ليس لديه الكثير ليفعله ليرد على التصعيد الإسرائيلي”

وأوضح كافييرو -الذي يعمل أيضا أستاذا مساعدا في جامعة “جورج تاون” الأميركية- أن من المحتمل أن يكون للوضع في ممر فيلادلفيا آثار كبيرة على السلام البارد بين إسرائيل ومصر في المستقبل

وأكد أنه “بشكل عام، تسببت الأشهر الثمانية الماضية (من العدوان على غزة) في معضلات صعبة لحكومة (النظام) المصري”

وذكر كافييرو أن “المسؤولين في القاهرة أمضوا شهورا في دق ناقوس الخطر بشأن تقدم الجيش الإسرائيلي نحو الحدود بين مصر وغزة، خوفا من أن تدفع هذه الحرب الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية”

وأضاف أنه “في الوقت نفسه، تسعى حكومة نظام عبد الفتاح السيسي إلى تجنب تصعيد التوترات مع الحكومة الإسرائيلية، بينما تحاول في الوقت نفسه السيطرة على الغضب المتزايد بين المواطنين المصريين المؤيدين بشدة للفلسطينيين”

ووصف السفير الأميركي السابق في قطر، باتريك ثيروس، وضع العلاقات المصرية-الإسرائيلية بـ “العلاقة الباردة التي تتجه بالفعل نحو الجمود العميق”، لكنه قال أنه “ليس لدى أي من الحكومتين مصلحة في قطع العلاقات الرسمية”

وتابع: “لقد تصاعدت الضغوط الداخلية في مصر وستزداد سوءا، وبالفعل أظهر النظام الحالي في القاهرة أنه قادر على قمع المظاهرات بفاعلية، ولكن يجب أن تكون هناك نقطة على السيسي فيها أن يفعل شيئا لتهدئة الرأي العام”

وقال ثيروس: “لا أعرف متى أو أين أو ماذا يجب على السيسي فعله لتهدئة الرأي العام، لكنه سيضطر أن يفعل شيئا”

وفي 24 مايو 2024، استُشهد جنديان مصريان خلال اشتباك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي قرب الحدود بين مصر وغزة.

“ورغم أن القاهرة وتل أبيب اتخذتا خطوات سريعة لاحتواء التداعيات المحتملة للحادث الدموي، إلا أن الاشتباك أظهر هشاشة العلاقات المصرية-الإسرائيلية وسط هذه الفترة المضطربة”، وفق كافييرو.

وكما اتضح من ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن استشهاد الجنديين أدى أيضا إلى زيادة الغضب في أوساط الشعب المصري.

وأضاف كافييرو أن “سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا، والحرب في غزة بشكل عام، كانت سببا في وضع حكومة السيسي تحت ضغوط كبيرة من مختلف الأطراف”

وتابع: “يبدو أن الوضع العام الذي يكشف نقاط ضعفها باضطراد، جعل حكومة السيسي تشعر بالإهانة”

وأردف أنه “في نهاية المطاف، مع الاعتماد الكبير للجيش المصري على الولايات المتحدة للحصول على مساعدات مالية وعسكرية، وعدم قدرته على التحدي الفعلي للقوات الإسرائيلية، فليس هناك الكثير الذي يمكن للقاهرة أن تفعله لمواجهة تل أبيب”

واستدرك: “مع ذلك، وفي ظل وجود غضب شعبي متزايد، لا يستطيع السيسي أن يتجاهل الضغوط الداخلية، في وقت تشكل فيه عوامل أخرى -مثل التدهور الاقتصادي-تحديا لاستقرار نظامه وشرعيته”

من جانبه، أكد ثيروس أن “غزة سلطت الضوء على ضعف (نظام) مصر، فلا يمكنه تهديد إسرائيل بأي شيء يأخذونه على محمل الجد، دون أن يتسبب ذلك في تهديد العلاقات مع الولايات المتحدة والمساعدات التي يتلقاها منها”

واستطرد: “كما لا يمكنها أن تفعل الشيء الوحيد الذي طلبه الإسرائيليون منها، وهو استقبال الملايين من سكان غزة الذين تريد إسرائيل تهجيرهم من القطاع”

وأضاف ثيروس أنه “بخلاف الحفاظ على الوضع الراهن، فليس لدى نظام مصر ما يقدمه، وصحيح أن لديه اتصالا مع حركة حماس في غزة، لكن الإسرائيليين لا يقدرون ذلك”

وقالت المجلة : كيف ستؤثر هذه السيناريوهات على اتفاق كامب ديفيد؟، وأشارت إلى أن “الواضح هو أن الحكومة في القاهرة تريد لهذه الحرب أن تنتهي في أقرب وقت ممكن لتخفيف هذه الضغوط على نظام السيسي، ولهذا السبب يعمل جاهدا مع قطر للتوسط في وقف دائم لإطلاق النار”

وأضافت أنه “لسوء الحظ، فإن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها القاهرة لإنهاء هذه الحرب المروعة لم تثبت نجاحها بعد”

وختمت المجلة قائلا: “إلى أن تتحقق هذه النتيجة، فإن حكومة النظام المصري ستبدو ضعيفة، وستظل عرضة للخطر إلى حد بعيد”.