أظهرت بيانات "الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء"، الاثنين الماضي، أن التضخم السنوي في أسعار المستهلكين بالمدن تباطأ إلى 28.1 بالمئة في مايو مقابل 32.5 بالمئة في إبريل.

وواصلت معدلات التضخم التباطؤ للشهر الثالث على التوالي في مايو بعد قفزة مفاجئة في فبراير.

وعلى أساس شهري، تراجعت الأسعار 0.7 بالمئة في مايو، في حين انخفضت أسعار المواد الغذائية 3.0 بالمئة.

وارتفعت أسعار الأغذية 31 بالمئة في مايو على أساس سنوي.

وسجل التضخم ارتفاعًا على مدار عام حتى الآن، متأثرًا إلى حد كبير بالنمو السريع في المعروض النقدي.

وكان استطلاع شمل 19 محللًا توقع أن يتراجع التضخم السنوي إلى 30.4  بالمئة في المتوسط، وفق وكالة "رويترز".

وتمر مصر بـ"أزمة اقتصادية شديدة" من جراء نقص النقد الأجنبي، وتواجه تبعات جيوسياسية لنزاعين مفتوحين على حدودها وهي الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، والنزاع في السودان إلى الجنوب.

 

معاناة الأسر من الغلاء الشديد

وبالتزامن مع قرار حكومة الانقلاب بزيادة سعر رغيف الخبز المدعوم بنسبة 300 في المئة لأول مرة منذ 30 عامًا، بحسب تصريحات لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي جدلًا كبيرًا بسبب غضب المواطنين من استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية بين الحين والآخر.

وخلال السنوات العشر الماضية منذ تولي قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر في عام  2014، ارتفع سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه والذي انعكس بدوره على أسعار جميع السلع، لتعلو الأصوات التي تشكو من الغلاء الشديد وصعوبة المعيشة، خاصة ما يتعلق بأسعار الأطعمة الأساسية، لا سيما بعد عزوف الكثيرين عن شراء السلع الترفيهية والمستوردة.

قال أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، كريم أبو المجد، إن المصريين اعتادوا مقارنة الأسعار خلال السنوات الماضية بسعر كرتونة البيض أو كيلو "البانيه" أو صدور الدجاج الأبيض المنزوع من العظام أو كيلو اللحم البقري البلدي، وهي السلع التي تستخدمها الأسر بصورة منتظمة في وجباتها الأسبوعية، لكن مع ارتفاع الأسعار بصورة مضاعفة خلال الأعوام العشر الماضية، باتت الأزمة عميقة في المجتمع بسبب زيادة جميع أسعار السلع الأساسية المحلية الأخرى وليس اللحوم فقط.

وأضاف أن "المعاناة من شراء الاحتياجات الأسبوعية والشهرية للأسر المتوسطة في مصر، باتت حالة متجددة كل مرة يقررون فيها الذهاب للسوق أو للسوبر ماركت، حتى إن فكرة الالتزام بقائمة الاحتياجات الأساسية فقط أو وضع ميزانية محددة للمشتريات صار أمرًا صعبًا مع أسعار تزيد بصورة يومية وأحيانا كل ساعة"، وفقًا لموقع "الحرة".

وأعطى الخبير الاقتصادي صورة تلخص الفرق بين أسعار السلع الغذائية الأساسية خلال الأعوام العشر الماضية، قائلًا إن "أسعار السلع في مصر ارتفعت أكثر من 4 مرات خلال عقد، كما تراجعت قيمة الجنيه بنحو 78% خلال 10 سنوات".

وأضاف أنه "وبمقارنة أسعار السلع الغذائية الأساسية خلال الأعوام العشر الماضية، نجد أن أسعار السلع التي كان المواطنون يشترونها بـ100 جنيه في عام 2014 وصلت إلى نحو 444 جنيهًا في 2024، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء".

وتابع أبو المجد "ويعني هذا أن أسعار السلع ارتفعت أكثر من 4.4 مرات خلال 10 سنوات، وأن المصريين فقدوا نحو 77% من قدرتهم الشرائية خلال الفترة نفسها".

وأشار إلى أن "السلع الأساسية التي نتحدث عنها لا تتضمن بالطبع الملابس والأدوات المدرسية أو الأجهزة الكهربائية أو مواد البناء وغيرها، والتي تحولت إلى رفاهيات لا يفكر فيها الكثيرون".

وانتقد الخبير الاقتصادي سياسات الحكومة، قائلًا إنه "ليس من الطبيعي أن ترفع الدولة الضرائب المفروضة على الشعب وفي الوقت نفسه، تضاعف الأسعار"، محذرًا من خطورة ما يحدث اقتصاديًا على تركيبة المجتمع وانهيار الطبقة المتوسطة واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء".

وأضاف أن "موازنة العام المقبل 2024/ 2025، كشفت ارتفاعًا في الضرائب المحصلّة بنسبة تتجاوز 32%، وذلك على الرغم من زيادة حد الإعفاء الضريبي على ضريبة الدخل إلى 60 ألف جنيه بداية من العام الحالي، بعدما زادت الحصيلة الضريبية من 1.55 تريليون جنيه العام الجاري إلى نحو 2 تريليون جنيه في العام المالي المقبل".

وتابع "وترجع الأسباب الرئيسة في زيادة معدلات الضرائب المُحصلّة إلى زيادة حصيلة الضريبة على القيمة المضافة على السلع بنسب تزيد عن 30%، فضلًا عن زيادة حصيلة الضرائب المقتطعة من رواتب الموظفين الحكوميين بنسب 26.5%، وزيادة قيمة الضرائب المحصلة من قناة السويس بسبب زيادة سعر الصرف بعد وصول الدولار لأكثر من 47 جنيهًا".

 

تضاعف الأسعار

وبمقارنة أسعار أبرز السلع الغذائية الأساسية، في مارس 2024، مقابل مثيلاتها في مارس 2014، بالاعتماد على بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نجد مضاعفة الأسعار أكثر من مرة خلال السنوات العشر الماضية.

وبلغ متوسط سعر كيلو اللحم البقري والجاموسي، في مارس 2024، إلى 403 جنيهات، مقابل 76 جنيهًا، في مارس 2014.

ووصل سعر الدجاجة، في مارس 2014 إلى 25 جنيهًا، مقابل متوسط سعر بیع كیلو لحم دجاج مزارع بقيمة 108 جنيهات.

وبالنسبة للبيض، وصل سعر الواحدة  5.6 جنيه، في مارس 2024، مقابل 1.10 جنيه، في مارس 2014.

ووصل متوسط سعر كيلو السمك البلطي، في مارس 2024 إلى 90 جنيهًا، مقابل 23 جنيهًا، في مارس 2014.

وبلغ متوسط سعر كيلو الجبن الأبيض، في مارس 2024 نحو 157 جنيهًا، مقابل 38 جنيهًا، في مارس 2014.

وبالنسبة للخضراوات في مارس 2024، وصل سعر كيلو الثوم 65 جنيهًا، والبصل 30 جنيهًا، والطماطم 16 جنيهًا، مقابل الأسعار في مارس 2014 والتي بلغت  6 جنيهات للثوم، و5 جنيهات للبصل، و4 جنيهات للطماطم.

وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في مارس الماضي، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن قفز إلى 35.7 بالمئة في فبراير من 29.8 بالمئة في يناير، مدفوعًا بشكل أساسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات.

وتأتي الزيادة نتيجة لخفض قيمة الجنيه، حيث سمح البنك المركزي، للجنيه بالانخفاض إلى نحو 50 جنيهًا للدولار من 30.85 جنيه، وهو المستوى الذي كان ثابتًا عنده على مدى الاثنا عشر شهرًا الماضية.