رغم أن انسحاب حزب "الوحدة الوطنية" (الذي لديه 21 نائباً بالكنيست) برئاسة الوزير بيني غانتس من حكومة الطوارئ يمثل ضربة معنوية كبيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولكن استقالة غانتس وحزبه لا تعني بالتبعية سقوط حكومته.
وأعلن الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس، مساء الأحد، انسحابه من الحكومة، ودعا إلى إجراء انتخابات مبكرة "في أسرع وقت ممكن".
كما أعلن الوزيران غادي آيزنكوت (رئيس أركان سابق) وحيلي تروبير المنتميان لحزب معسكر الدولة الذي يقوده غانتس بدورهما استقالتهما عقب استقالة غانتس.
استقالة غانتس جاءت بعد أن منح إنذاراً لنتتياهو
خطوة استقالة غانتس تأتي ضمن تداعيات حرب تشنها إسرائيل على غزة، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي؛ ما خلّف أكثر من 121 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وقال غانتس، رئيس حزب "الوحدة الوطنية"، في مؤتمر صحفي: "بقلب مثقل، أعلن رسمياً انسحابي من الحكومة.. نتنياهو يمنعنا من التقدم نحو نصر حقيقي".
وفي 19 مايو/أيار الماضي، منح غانتس، المرشح الأبرز لتشكيل الحكومة المقبلة، نتنياهو مهلة حتى 8 يونيو/حزيران الجاري، لوضع استراتيجية واضحة للحرب على غزة وما بعدها، وإلا فإنه سيستقيل من الحكومة.
وكان غانتس قد طالب نتنياهو، خلال الإنذار الذي قدمه قبل أسابيع، بوضع استراتيجية من 6 أهداف تتضمن: إعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، وهزيمة حماس، ونزع السلاح من قطاع غزة.
كما تشمل الاستراتيجية تحديد بديل لحماس في غزة، وعودة سكان شمالي إسرائيل إلى منازلهم بحلول الأول من سبتمبر/أيلول، والدفع بعملية التطبيع مع السعودية، واعتماد خطة الخدمة العسكرية في إسرائيل، إلا أن نتنياهو لم يعلن عن هذه الاستراتيجية.
وكان حزب غانتس قد انضم في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد أيام من هجوم طوفان الأقصى، إلى حكومة نتنياهو المتطرفة، وباتت تُسمى حكومة الطوارئ، وعلى إثرها جرى تشكيل حكومة أو مجلس الحرب المصغر، ويضم نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت وغانتس الذي كان رئيساً سابقاً لهيئة الأركان.
 بينما يشارك في المجلس بصفة مراقب كل من قائد الأركان السابق غادي آيزنكوت (حزب الوحدة الوطنية)، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر.
لهذه الأسباب لن تسقط حكومة نتنياهو بالتبعية
ولا يعني انسحاب حزب "الوحدة الوطنية" (21 نائباً) من الحكومة سقوطها، فحين انضم إليها كان نتنياهو مدعوماً بالفعل من 64 نائباً من أصل 120 في الكنيست.
ولتشكيل أو استمرار حكومة، يلزم الحصول على ثقة 61 نائباً على الأقل.
ويضم ائتلاف نتنياهو الحاكم الذي تشكل قبل الحرب وهو يتألف من حزب الليكود اليميني، وقائمة الصهيونية الدينية اليمينية المتطرفة (التي تتشكل من حزبين هما حزب الصهيونية الدينية" بقيادة سموتريش و"حزب "القوة اليهودية" بقيادة بن غفير)، وحزبين متشددين دينيين (شاس ويهدوت هتوراة)، وما زال هؤلاء يدعمون حكومته.
ولكي تسقط حكومة نتنياهو يجب أن يتخلى عن تأييدها أربعة نواب، ومن الصعب أن يأتوا من حزب بن غفير وسموتريش المتطرفين واللذين يعدان أكبر المستفيدين من هذه الحكومة، كما أنه رغم انتقادات يوآف غالانت عضو الليكود لنتنياهو ومراراً، ولكن ما زال من الصعب معرفة قدرته على قيادة انشقاق داخل الحزب الذي يسيطر عليه نتنياهو بقوة، بعد استقالة غانتس الذي خاطبه الأخير خلال خطاب الاستقالة، داعياً إياه إلى تقديم استقالته بشكل غير مباشر بقوله: "أنت قائد شجاع، والقيادة هي فعل الصواب".
ولسنوات تعمّد نتنياهو، إضعاف فرص خلق قيادة بديلة له في حزب الليكود، فمنذ أن أصبح رئيساً للوزراء للمرة الثانية في عام 2009، لم يقم مطلقاً بتعيين نائب دائم يتولى قيادة البلاد تلقائياً إذا تم عزله بشكل غير متوقع أو عزله من منصبه عن طريق عزله. وبدلاً من ذلك، في كل مرة يسافر فيها إلى الخارج أو يخضع لإجراء طبي تحت التخدير، يعين نتنياهو وزيراً كبيراً مختلفاً من حزب الليكود ليكون بديلاً مؤقتاً له، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Times of Israel.
تبقى بعض الأحزاب الدينية الأرثوذكسية المتشددة الشريكة في الحكومة مثل شاس وهي أقل ارتباطاً أيدولوجياً وسياسياً بنتنياهو من بن غفير وسموتريش.
وينظر البعض إلى الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة مثل (شاس ويهدوت هتوراة)، التي تمكنها مواقفها السياسية المرنة بشأن العديد من القضايا غير الدينية من الانضمام إلى حكومات أكثر وسطية، على أنها الفصائل الأكثر احتمالاً لدعم حملة لإجراء تصويت بحجب الثقة عن نتنياهو، حسب تقرير لموقع VOX الأمريكي.
ولكن هل يمكن أن يتحقق سيناريو انسحاب الأحزاب الدينية الأرثوذكسية في ظل ضغط المعارضة الإسرائيلية لتمرير قانون تجنيد المتدينين.