استوحى موقع ميدل إيست مونيتور هذا العنوان من تصريح المحامية سانية الدهماني، المحللة السياسية بإحدى الإذاعات الخاصة بتونس، والتي أحيلت إلى التحقيق في "أعمال إجرامية"، وكانت تلك الأعمال تعليقا على المحالين للتحقيق في القضية المعروفة باسم "التآمر على أمنالدولة". وقبل ذلك بأيام قليلة، حكم على الصحفي محمد بوغالب، المعروف بجرأته الشديدة، بالسجن ستة أشهر بسبب منشور على مواقعالتواصل الاجتماعي أثار غضب وزير الشؤون الدينية.

المرسوم 54 في الدستور التونسي هو الذي قيد حرية التعبير بشكل حاد وغير مسبوق، حيث جعل كل من له علاقة بالشأن العام وكأنه فيمنطقة ملغمة، لا يعرف متى سيداس عليه. وبما أن الأداة المهنية الأساسية للصحفيين والمحامين والسياسيين هي التعبير، فإنهم الأكثر عرضةللمساءلة القضائية والملاحقة الأمنية.

وقال ميدل إيست مونيتور في تقرير، إن الرئيس قيس سعيد يصر على إنكار المعارضة والاستخفاف بمواقف المنظمات الدولية التي تؤكد فيتقاريرها أن تونس تمر بأزمة وأن حرية الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني تقلصت بشكل كبير وأن حرية الصحافة يتم تقييدها باستمرار.

وفي لقاءه الأخير مع وزير الداخلية وكبار المسؤولين الأمنيين، أكد لهم سعيد أن "من يحاول الاعتداء على الدولة ومؤسساتها لن يفلت منالعقاب"، مضيفا أن "الحرية لا تعني الفوضى. ويجب ممارسة الحرية في إطار القانون" كما أشار إلى أن "بعض الجهات التي لا تظهر للعلنهي من تعمل على تفاقم الأوضاع في البلاد وإثارة الأزمات" 

وعلى الرغم من التأكيدات الرسمية بأن تونس بلد حر، فمن المتوقع أن تتصاعد وتيرة الاحتجاجات في الداخل والخارج بمناسبة اليوم العالميلحرية الصحافة الذي يحتفل به سنويا في 3 مايو. وفي العام الماضي، سجلت منظمة مراسلون بلا حدود في تقريرها تراجع تونس 27 مركزافي التصنيف العالمي. وحصلت على المرتبة 121 من أصل 180 دولة، فيما احتلت المرتبة 73 عام 2020، و94 عام 2021.

ونظراً لنطاق المحاكمات الواسعة التي تعرض لها العديد من الصحفيين والمتعلقة بحرية التعبير، هناك احتمال كبير أن يتراجع تصنيف تونسالعالمي هذا العام. ولهذا السبب حملت صحيفة المغرب العربي مقالها الرئيسي هذا الأسبوع عنوان "إلى أين تتجه تونس: سياسيا، إلىالوراء". وهو سؤال يعكس مدى الارتباك الذي يحيط بالجميع، بما في ذلك أنصار النظام. 

لا أحد يملك الجواب، ولا أحد يستطيع تبرير كل ما تصدره السلطة. تعيش معظم هيئات التحرير، بغض النظر عن المؤسسة الإعلامية، سواءكانت صحيفة أو إذاعة أو تلفزيون، في حالة من القلق المستمر، لأنها لا تعرف متى سيتم استدعاء أحد صحفييها أو ضيوفها لسؤالهم عنقضية ظنوا أنه كان أمراً طبيعياً مناقشتها في البلاد. ومع كل حدث من هذا القبيل، تشعر هذه المجالس بأن مستويات الأكسجين لديهاتنخفض تدريجياً، ولذلك تعيد النظر في سياستها التحريرية لتظل قادرة على البقاء والتنفس.

أما السجناء السياسيون المنسيون، فهم في السجن منذ فترة طويلة، رغم أن قضاياهم تفتقر إلى الأدلة التي تبرر استمرار سجنهم. وهذا مايؤكده محاموهم، ولهذا يطالب أهاليهم بسرعة محاكمتهم وتطبيق القانون عليهم، لأن السلطات تجاوزت الحد الأقصى لمدة الحبس الاحتياطي. وتعتبر هذه القضية خطيرة للغاية لأنها تمثل الخط الفاصل بين الاعتقال القانوني وغير القانوني. ولا يجوز إبقاء أي متهم خلف القضبان دوندليل أو حكم قضائي. 

وختم ميدل إيست مونيتور: "تونس بحاجة إلى التوقف والتأمل في وضعها. حرب الاستنزاف بين رئيس الدولة ونخبة بلاده يجب أن تتوقف. استعادة الأمل أمر ممكن. ويكفي أن يقف قيس سعيد ويلقي خطابا شجاعا يعلن فيه عن عدة إجراءات تتعلق بالأساس بإتاحة الحريات منجديد، لتعود بسمة الشعب إلى وجوههم، ويتنفس الجميع الصعداء".

https://www.middleeastmonitor.com/20240501-journalism-has-become-a-risky-profession-in-tunisia/