قال الخبير الاقتصادي الفلسطيني محمد أبو جياب، إن الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة حولت المجتمع إلى طبقة واحدة تعاني الفقر أو الفقر المدقع، ودمرت 80 بالمئة من قطاع الزراعة، و90 بالمئة من قطاع الصناعة.

وأضاف أبو جياب، في مقابلة أجرتها وكالة "الأناضول" معه بشأن التأثيرات الاقتصادية للحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ نحو 7 أشهر، أن "الجيش الإسرائيلي دمر خلال هذه الحرب كل شيء على المستوى الاقتصادي.. ولم يعد هناك قدرة إنتاجية واحدة، ولم يتبق حتى طبقات اقتصادية في قطاع غزة".

 

الجميع فقراء

وأوضح أن الحرب دمرت الطبقتين العليا والوسطى وتمت تسويتهم بالفقراء، فالقطاعات الصناعية التي دمرتها الطائرات والدبابات الإسرائيلية تحول أصحابها وعمالها جميعهم إلى فقراء.

وبين أن الطبقة الوسطى التي كانت تعتاش من خلال القطاعات الصناعية والإنتاجية والزراعية انضمت اليوم إلى طبقة المسحوقين والفقراء في قطاع غزة.

وأكد أن "قطاع غزة مدمر كليًا على مستوى البنية التحتية الاقتصادية، وعلى مستوى المدن الصناعية أيضًا، وعلى مستوى القطاعات الإنتاجية".

وعن واقع الزراعة والصناعة، قال أبو جياب إن "نهج التدمير الإسرائيلي تسبب بتعطيل ما نسبته بين 80 و90 بالمئة من الإنتاج الزراعي في قطاع غزة، وتوقف القطاعات الصناعية بالكامل وتدمير أكثر من 90 بالمئة من مكونات البنية الصناعية التحتية ومصانع وطاقة وغيرها، وفق الخبير الاقتصادي.

وأوضح أن "كل الفروقات في المجتمع الفلسطيني تآكلت، ولم تعد هناك طبقات اقتصادية، والجميع أصبح سواسية في ظل هذه الحرب المدمرة".

الخبير الاقتصادي أشار إلى أن "جميع أفراد المجتمع أصبحوا فقراء ويحتاجون إلى المساعدة، بعد أن قضت الحرب على مكونات العملية الاقتصادية والطبقات الاقتصادية الفلسطينية في قطاع غزة".

 

التعافي يكلف عشرات المليارات

وعن متطلبات التعافي، قال الخبير إن إعادة الحياة إلى القطاعات الصناعية واستعادة الحياة للطبقات الدنيا والمتوسطة والمرتفعة على مستوى الاقتصاد، يتطلب سنوات من العمل الجاد وإعادة الإعمار، وضخ عشرات المليارات من الدولارات، إضافة إلى إعادة القطاعات الصناعية والزراعية للعمل والإنتاج من جديد.

ومطلع فبراير الماضي، قال مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، إن استعادة الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة قبل الحرب على القطاع ستستغرق عقودًا من الزمن، مؤكدًا الحاجة الملحة لكسر دائرة التدمير الاقتصادي التي جعلت 80 بالمئة من السكان يعتمدون على المساعدات الدولية.

ووفق تقرير مشترك للأمم المتحدة والبنك الدولي صدر مطلع إبريل الجاري، بلغت قيمة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية في غزة حوالي 18.5 مليار دولار.

وأشار إلى أن أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.3 ملايين نسمة، باتوا على شفا مجاعة، كما يعاني كامل السكان انعدام أمن غذائي وسوء تغذية حادين.

 

إبادة القطاع الصناعي في غزة

وفي الإطار ذاته، قدّر الجهاز المركزي للإحصاء بفلسطين خسائر القطاع الصناعي في غزة والضفة الغربية بنحو 1.5 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة من الحرب الإسرائيلية على القطاع التي شنها الاحتلال منذ السابع من أكتوبر الماضي.

وقال الدكتور سمير حليلة، المطور الرئيس للمنطقة الصناعية في غزة: "لم يعد مهما إحصاء حجم الخسائر هل هي 1.5 مليار دولار أو 3 مليارات لأنه تمت إبادة القطاع الصناعي بشكل كامل".

وأضاف في حديث للجزيرة أنه تم تدمير 4 مصانع في اليوم الأول للحرب بينما دُمر الباقي خلال فترة الهدنة، مشيرًا إلى أن الجرافات الإسرائيلية دخلت المنطقة الصناعية وأتت على كل ما فيها رغم أنه لم تكن هناك مقاومة ولا معارك ولا أنفاق.

وأوضح سمير حليلة أن المنطقة الصناعية -التي أسس عام 1998- توجد بمنطقة آمنة على الحدود مع إسرائيل، ومعه ذلك تم استهدافها.

وقال: نحن كمطورين خسرنا 18 إلى 20 مليون دولار، بالإضافة إلى ما بين 8 و9 ملايين أخرى جراء استهداف مشروع الطاقة الشمسية بالمنطقة الصناعية.

وأضاف حليلة: "كل الألواح الخاصة بالطاقة الشمسية كان يتم استهدافها لمنع أي أساس لإقامة حياة أو استمراراها".

وتابع: "كلنا نواجه تحديًا كبيرًا من أجل إعادة بناء الحياة من جديد"، لكن "الإرادة الحديدية لأهلنا في غزة اختبرناها عقب كل حرب.. كانت إرادة الحياة هي الغالبة، بـ10 أو 15 شيكلات يعملون على بناء حياتهم في غزة التي لا مكان لهم سواها".

وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية في يومها الـ 200 إلى 34 ألفًا و183 شهيدًا، و77 ألفًا و143 مصابًا.

ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر الماضي، حربذًا مدمرة على غزة خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وفق مصادر فلسطينية، ما استدعى محاكمة تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بدعوى "إبادة جماعية".