على الرغم من أنه من المعتاد تنفيذ حركة الشباب الصومالية سلسلة من الهجمات تستهدف قواعد صومالية تضم قوات دولية؛ إلا أن وقوع هجوم إرهابي في قاعدة غوردون التي تُديرها الإمارات في العاصمة الصومالية مقديشيو، والذي أسفر عنه مقتل ضُبّاط إماراتيين وضابط بحريني، إلى جانب مقتل وإصابة عدد من القوات الصومالية، مع إعلان حركة الشباب الصومالية تبنّيها تنفيذ الهجوم؛ يحمل في طياته العديد من الدلالات التي تقف وراء تنفيذ هذا الهجوم، وفي هذا التوقيت في خضمّ ما تشهده الساحة الصومالية من اضطراب أمني على وقع الاستراتيجية الصومالية لمكافحة الإرهاب.

 

وقال موقع الشارع السياسي في تقرير نشره تحت عنوان "الهجوم على قاعدة غوردون الاماراتيه بالصومال: الأسباب والدلالات" أن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عزم على طرد حركة الشباب من معاقلها في وسط وجنوب الصومال، إلى جانب تزامن هذا الهجوم مع توقيع إقليم أرض الصومال مذكرة تفاهم مع إثيوبيا، أثارت العديد من الانتقادات الإقليمية، وهو ما يدفع للتساؤل بشأن: دوافع ودلالات تنفيذ حركة الشباب الصومالية هجومها على قاعدة غوردون الإماراتية؟

 

مسار العلاقات الإماراتية- الصومالية: مرّت العلاقات الإماراتية- الصومالية بأشكال متعددة من الفتور والترابط والعداء، مما جعل مسار العلاقات بين الدولتين متعرِّجًا بحسب التفاعُلات الكبرى التي تؤثر في مسار الأحداث من جهة، وموقف الإمارات من القضايا الداخلية للصومال من جهة أخرى. ويعود الوجود الإماراتي في الصومال إلى تسعينيات القرن الماضي، خلال مواجهة القرصنة التي هدَّدت الملاحة البحرية في القرن الإفريقي، وبدأت العلاقة الإيجابية رسميًّا بين البلدين مع إطلاق المرحلة الثانية من تدخُّل الأمم المتحدة في الصومال بين مارس 1993 ومارس 1995، حيث شاركت الإمارات إلى جانب دول أخرى ببعض الكتائب العسكرية لحفظ السلام في مقديشيو، وقدّمت آلاف الخيام للاجئين الفارين من الحرب، إلى جانب بناء مشفى ميداني، تطوَّر ليصبح فيما بعد “مشفى زايد الخيري”، ثم بدأت بدعم المنظمات الخيرية والإنسانية بالمنح المالية والطبية. هذا الحضور الإماراتي في الصومال أصبح أكثر وضوحًا بعد 2014؛ فمنذ ذلك التاريخ درَّبت الإمارات آلاف الجنود الصوماليين في إطار جهود مدعومة من البعثة العسكرية للاتحاد الإفريقي، بهدف دعم جهود الحرب على حركة الشباب المتطرفة. وافتتحت الإمارات مركزًا تدريبيًا في مقديشيو، وقدَّمت مركبات إلى قوات ولاية جوبالاند ووزارة الأمن الداخلي والشرطة في الحكومة الفيدرالية، كما تكفَّلت بدفع رواتب 2407 من جنود الجيش الصومالي، وفقًا لتقرير أعده معهد واشنطن في أواخر يونيو 2023.[1] واستمر هذا الدعم إلى حين وقوع الأزمة الخليجية عام 2017 التي أفرزت العديد من الإشكالات، ومن أبرزها إيقاف برنامج تدريب الإمارات لوحدات من الجيش الصومالي في مقديشيو عام 2018 ومُصادرة الصومال مبلغ 9.6 مليون دولار من طائرة السفير الإماراتي في إبريل 2018، إلى جانب التصويت على منع شركة موانئ دبي العالمية من العمل في موانئ الصومال وتطويرها، وطلب الرئيس الصومالي آنذاك محمد عبد الله فرماجو من الإمارات الاعتذار عن تدخُّلها في شؤون الصومال الداخلية. ثم عادت العلاقات بين الطرفين إلى التحسُّن بعد وصول حسن شيخ محمود إلى منصب الرئاسة مرة أخرى في 15 مايو 2022، كما وقَّعت الإمارات مع الجيش والحكومة الصومالية اتفاقيات أمنية جديدة، من بينها الإسهام في استهداف حركة الشباب المجاهدين، وتبادل المعلومات بشأن مكافحة الإرهاب وتمويله، وإعادة تفعيل برنامج تدريب الجيش الصومالي وتمويله، إلى جانب الاعتذار عن مصادرة الأموال التي جرت في عهد الرئيس فرماجو، وإعادة الأموال المصادَرة، إلا أن الإمارات قدَّمتها كدعم في مساعي مواجهة المجاعة والجفاف في البلاد.[2]

 

أسباب الخلاف: عملت الإمارات في الصومال، بوصفها موقعًا إستراتيجيًّا يمتلك التأثير في ملفات حساسة في مختلف بلاد القرن الإفريقي والبحر الأحمر، على مسارٍ موازٍ يهدف إلى التغلغل الأمني والاقتصادي فيه. على سبيل المثال، فقد أسهمت الإمارات -منذ عام 2010- في دعم إقليم بونتلاند وموَّلت خفر السواحل في الإقليم لمواجهة القرصنة، ووقَّعت اتفاقًا مع حكومة الإقليم على ترميم وتطوير وتشغيل ميناء بصاصو -مقابل ساحل عدن- لصالح شركة موانئ دبي العالمية لمدة 30 سنة، إلى جانب تمويل وكالة الاستخبارات الخاصة بالإقليم وتدريبها. كما تقاربت الإمارات مع جمهورية صومالي لاند الانفصالية -وغير المعترف بها رسميًّا- وأسهمت في تقديم تمويل لأجهزتها الأمنية عام 2016، كما وقّعت شركة موانئ دبي العالمية اتفاقًا معها يقضي بترميم وتطوير وتشغيل ميناء بربرة في ساحل الجمهورية لمدة 30 عامًا، وتطوير الواجهة البحرية للمدينة ومطارها وتمويل خفر السواحل والأمن الداخلي وجهاز الاستخبارات والجيش في الجمهورية الانفصالية وتدريبهم، وتمويل إنشاء طريق دولي سريع يربط المدينة بإثيوبيا عبر مدينة واجالي غربًا. وقد دعمت الإمارات في يناير الماضي اتفاقية إثيوبيا وحكومة أرض الصومال القاضية بمنح إثيوبيا 20 كيلومترًا من شاطئ البحر الأحمر وتحديدًا ميناء بربرة على خليج عدن لمدة 50 سنة، إلى جانب السماح ببناء قاعدة عسكرية بحرية إثيوبية في ميناء بربرة مقابل تعهُّد إثيوبيا بالاعتراف بـصومالي لاند دولة مستقلة. وقد عزَّزت الإمارات حضورها الميداني في الصومال عبر امتلاكها ثلاث قواعد عسكرية في كلٍّ من ميناء بصاصو -قاعدة علولا-، وميناء بربرة -مطار عسكري- وميناء كيسمايو بموجب اتفاق مع الحكومة الفيدرالية في 2016 لبناء قاعدة عسكرية للقوات الإماراتية في إقليم جوبا بدعم من الرئيس حسن شيخ محمود وأحمد محمد إسلام رئيس الإقليم آنذاك.[3]

 

هجوم حركة الشباب على قاعدة غوردون: أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية في بيان أصدرته مساء يوم 10 فبراير الماضي عن مقتل 4 من جنودها، وضابط بحريني وإصابة آخر، إثر ما وصفته بـ “العمل الإرهابي” في قاعدة غوردون التي تُديرها الإمارات في الصومال، وذلك أثناء أدائهم مهام عملهم في تدريب وتأهيل القوات المسلحة الصومالية، والتي تندرج ضمن الاتفاقية الثنائية بين الإمارات والصومال في إطار التعاون العسكري بين البلدين. وقد أكَّد مصدر عسكري صومالي أن الهجوم جاء نتيجة قيام جندي بفتح النار داخل قاعدة غوردون العسكرية الواقعة في العاصمة مقديشيو. علاوةً على ذلك، أوضح مصدر أمني صومالي أن القاتل هو جندي صومالي تم تدريبه حديثًا عقب انشقاقه عن حركة الشباب قبل تجنيده من الصومال والإمارات، وأثناء الهجوم قام بفتح النار على المدربين الإماراتيين ومسؤولين عسكريين صوماليين، مما أسفر عن إصابة أربعة ضباط إماراتيين، بينما قُتل أربعة جنود صوماليين، وتمَّ قتله على الفور في القاعدة. بينما أفاد اثنان من طاقم التمريض وطبيب في مستشفى رجب طيب أردوغان في مقديشيو التي نُقل إليها المصابون وقتلى الهجوم، أن ضابطًا كبيرًا من الإمارات لقي حتفه، في حين أُصيب أربعة آخرون بجروح خطيرة، بالإضافة إلى إصابة 10 جنود صوماليين، وهو الهجوم الذي أدانه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بشدة خلال زيارته للمصابين في مستشفى أردوغان. على الجانب الآخر، أعلنت حركة الشباب الصومالية عن تبنّيها للهجوم عبر بيان بثّته “إذاعة الأندلس” التابعة لها، جاء فيه أن الهجوم: “أسفر عن مقتل العديد من الأشخاص المشاركين في الجهد العسكري الإماراتي”، ووصف البيان الإمارات بأنها “عدو للشريعة الإسلامية لدعمها الحكومة الصومالية في جهودها لمحاربة الحركة”، كما أضافت الحركة بأن مقاتليها قتلوا 17 جنديًّا.[4]

 

الإمارات وحركة الشباب: في يونيو 2023 نفَّذت الإمارات غارة بطائرة مُسيّرة استهدفت اجتماعًا لقيادات في حركة الشباب، في أول انخراط فعلي من قِبلها لاستهداف الحركة، حيث استهدفت غارة جوية منزلًا في بلدة دوماي التي تسيطر عليها حركة الشباب في ولاية مدق، وذلك بالتزامن مع التحضيرات العسكرية للحملة العسكرية التي أعلنت عنها الحكومة الصومالية وبدأت تنفيذها منذ يوليو 2023. دفع الاستهداف حركة الشباب إلى تصعيد عملياتها ضد القطاعات العسكرية التي تُدرِبها الإمارات في مقديشيو، إلى جانب تصفية عدد من المدنيين بتهمة تعاوُنهم معها، من بينها تنفيذ هجوم انتحاري في سبتمبر 2023 داخل قاعدة دامانيو العسكرية التابعة لقوات المغاوير الصومالية التي تدربها الإمارات في مديرية دينيلي في مقديشيو، وقد أدى الهجوم إلى مقتل قُرابة 20 عنصرًا وإصابة 30 آخرين. تصف أدبيات الحركة الدول المنخرطة في الصراع بين الحكومة الصومالية وتنظيم حركة الشباب المجاهدين بأنها “دول صليبية” تخضع لتوجيهات الولايات المتحدة، كما تركز بيانات الحركة الإعلامية على وصف قوات هذه الدول والوحدات التي تدربها بـ “الميليشيات” و”المرتزقة”. من ناحية أخرى، ركّز خطاب الجماعة انتقاده لكلٍّ من الإمارات وتركيا، بوصفهما أبرز الدول المسلمة التي تمتلك حضورًا عسكريًّا داعمًا للدول الصليبية -حسب وصفها-، حيث وصف الشيخ أحمد عمر أبو عبيدة قائد الحركة في مايو 2022 في خطاب له بأن دورهما في تأجيج الصراع أساسي في الصومال، وأكد -في سياق خطابه- أن هاتين الدولتين، من أسباب البلاء في الصومال، وتقفان عقبة أمام تطوُّره، فتركيا عضو في تحالف الناتو “الصليبي”، تعبث -بحد وصفه- باقتصاد البلاد، واستولت على مطار مقديشيو ومينائها، وأنشأت قاعدة عسكرية لحماية عمليات استنزاف الاقتصاد الصومالي، أما الإمارات فهي الأخرى تسعى للسيطرة على الموانئ الصومالية خارج مقديشيو، وإنشاء قواعد عسكرية لها على طول خط ساحل البحر الأحمر، وتسعى لتعزيز نفوذها بجيش تشكّله من المرتزقة في المنطقة. في هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن الحركة نفذت عمليات متعددة ضد مصالح إماراتية قبل حادثة الاستهداف المشار إليها آنفًا، منها اغتيال مدير عمليات موانئ دبي العالمية في ميناء بصاصو حيث قُتِل باول أنطونيو فراموسا -من دولة مالطا- بالرصاص عن قرب أثناء تجوُّله في أسواق السمك قرب الميناء في أيار/ مايو 2018، وسبق ذلك في يونيو 2015 استهداف موكب إغاثي تابع للهلال الأحمر الإماراتي بعملية انتحارية في مقديشيو، حيث قُتل في الهجوم 6 صوماليين تابعون للهلال الأحمر، وأُصيب العشرات جراء التفجير.[5]

 

دوافع ودلالات استهداف الشباب للقاعدة الإماراتية في الصومال: تتعدَّد الدوافع التي تقف وراء تنفيذ حركة الشباب الصومالية لهجومها على قاعدة غوردون الإماراتية. أولها؛ تنامي النفوذ الإماراتي في الصومال في عهد الرئيس شيخ محمود: فمع وصوله إلى السلطة في 15 مايو 2022، بدأت إرهاصات استعادة الإمارات مكانتها ونفوذها في الصومال مرة أخرى استكمالًا لسنوات ماضية من الانخراط، وذلك عقب تدهور العلاقات الإماراتية الصومالية في عهد الرئيس الصومالي السابق محمد عبد الله فرماجو خلال الفترة (2017- 2022). وتتعدَّد المؤشرات الكاشفة لاستعادة العلاقات الإماراتية الصومالية قوتها بعودة الرئيس الصومالي شيخ محمود إلى السلطة، أبرزها؛ إفراج الصومال عن مبلغ 9.6 مليون دولار كانت قد صادرتها إدارة الرئيس الصومالي السابق فرماجو، تبعها مُصادقة مقديشيو في فبراير 2023 على اتفاق رسمي للتعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب مُكونة من 13 مادة، تمنح أبو ظبي الحق في التحقيق وجمع المعلومات واستخدام المرافق الإقليمية، واستيراد المعدات العسكرية، إلى جانب إنشاء مراكز تدريب للعسكريين، وتوفير وتمويل قوات مكافحة الإرهاب. وعقب شهر من تصديق البرلمان الصومالي على الاتفاق، استقبلت منطقة جوبالاند المركبات العسكرية الإماراتية للشروع في بناء قاعدة جديدة ستمتلكها وتديرها أبو ظبي. ولم يقتصر التعاون الصومالي الإماراتي على الملف الأمني، بل تنوَّعت أبعاد التعاون لتشمل ضخ استثمارات لتطوير ميناء بصاصو في بونتلاند، عقب إبرام شركة الخدمات اللوجستية متعددة الجنسيات الإماراتية “دبي بورت وورلد” اتفاقية مع الولاية في ديسمبر 2022، لتوسيع وتطوير الميناء، بالإضافة إلى ضخّ استثمارات بقيمة 442 مليون دولار أمريكي لتطوير مرافق وميناء بربرة وتحديث وتطوير الميناء، وهو ما يأتي تنفيذًا للاستراتيجية الإماراتية لتعزيز تمركزاتها على جانبي البحر الأحمر، وتحديدًا في منطقة القرن الإفريقي باعتبارها نقطة التقاء خليج عدن وبحر العرب بالبحر الأحمر. وثانيها؛ اتفاقية أرض الصومال وإثيوبيا وازدواجية الموقف الإماراتي بشأن سيادة الصومال: أعلنت إثيوبيا في يناير الماضي عن توقيع مذكرة تفاهم مع جمهورية أرض الصومال، لاستئجار 20 كيلو متر من ميناء بربرة المُطل على خليج عدن لمدة 50 عامًا؛ لأغراض تجارية وعسكرية؛ حيث يمنحها الاتفاق فرصة لبناء قاعدة بحرية في ميناء بربرة، وذلك نظير اعتراف إثيوبيا بأرض الصومال كدولة مستقلة، وهو ما أثار انتقاد حكومة الصومال، التي وصفت مذكرة التفاهم بأنها انتهاك لسيادتها. وأعلنت حركة الشباب الصومالية عن رفضها لهذه الخطوة، واصفةً الاتفاق بأنه غير قانوني وينتهك السيادة الصومالية، وأنه مدعوم من “المرتدين والخونة”، مثلما جاء على لسان المتحدث الرسمي باسم الحركة علي محمود راجي، داعيًا جميع الصوماليين إلى الوقوف دفاعًا عن بلدهم، والقتال ضد من وصفهم بـ “الغزاة”. وحملت تصريحات الحركة وعيدًا ضمنيًّا للقوى الإقليمية الداعمة للحراك الإثيوبي في القرن الإفريقي بشكل عام، وفي إقليم أرض الصومال بشكل خاص، والتي يأتي على رأسها الإمارات؛ فعلى الرغم من خروج أبو ظبي ببيان في 18 يناير أكدت فيه دعمها لوحدة الصومال واستقلاله، ودعم حكومة الصومال الفيدرالية في ممارسة كامل سيادتها على أراضيها؛ إلا أن السياسة الإماراتية في منطقة القرن الإفريقي تكشف عن عمق الشراكة بين أبو ظبي وأديس أبابا، كما تكشف عن ازدواجية الموقف الإماراتي تجاه سيادة الصومال، بينما تحرص أبو ظبي على بناء شبكة علاقات قوية وممتدة مع حكومات الولايات الصومالية، وليس فقط مع الحكومة الصومالية مُستغلة في ذلك حالة الاستقطاب السياسي بين حكومة مقديشيو وعدد من الولايات الصومالية، ومساوئ نظامها الفيدرالي. وثالثها؛ تقويض الاستراتيجية الصومالية لمكافحة الإرهاب: مع تولي الرئيس حسن شيخ محمود رئاسة الصومال في مايو 2022، أعلن اعتماد استراتيجية لقتال حركة الشباب وطردها من معاقلها في وسط الصومال في أغسطس 2022، بدعم دولي وغربي، حقّقت على إثره مقديشيو نجاحات أولية في تحرير مساحات كبيرة من الأراضي والقرى وعواصم المقاطعات في عام 2022، لكن سرعان ما تمكّنت حركة الشباب من هزيمة القوات الصومالية وإصابتها بسلسلة من الانتكاسات منذ يناير 2023، أدَّت إلى تراجع عمليات التطهير بشكل واسع. وفي يناير 2024، صرّح مسؤولون صوماليون بأن القوات الصومالية تعتزم تطهير حركة الشباب من معاقلها المتبقية في وسط الصومال بحلول فبراير 2024، وتجري الآن الاستعدادات النهائية لبدء هجوم شامل في الجنوب، تنفيذًا لأهداف الرئيس الصومالي المُتمثِّلة في القضاء على كافة معاقل الحركة تزامنًا مع استكمال قوات الاتحاد الإفريقي انسحابها الكامل المُقرَّر في نهاية العام 2024. ومن ثم، يأتي هجوم حركة الشباب على قاعدة غوردون الإماراتية؛ ليبعث برسالة إلى الحكومة الصومالية بأنها لن تنجح في تحقيق الهدف المُمثَّل في القضاء على الحركة ومعاقلها في وسط وجنوب البلاد. هذا بالإضافة إلى كون تنفيذ الحركة مثل هذه الهجمات على أيدى أحد المنشقين عن الحركة، والذي عملت القوات الصومالية والإمارات على تجنيده، يهدف إلى التقليل من جدوى استراتيجية الحكومة لمكافحة الإرهاب وعدم فعاليتها، بما في ذلك الاستقطاب الفكري لعناصر الحركة لدفعهم على الانشقاق عنها، وتجنيدهم من الحكومة الصومالية، بل ودفع الحكومة إلى التشكيك فيها وفي كافة العناصر المُنشقين عنها، والذين تم إعادة تجنيدهم في صفوف القوات الصومالية، وما لذلك من انعكاسات على تقويض رغبة السكان المحليين من التعاون مع القوات الصومالية في المستقبل ضد حركة الشباب. بالإضافة إلى طرح الحركة نفسها كخيار بديل قوي لحماية أمن الصومال وسيادته، بدلًا من القوات الصومالية، مُستغلة انشغال الرئيس الصومالي في ملف صفقة الموانئ بين إثيوبيا وأرض الصومال.[6]

 

هجوم غوردن، شبح القاعدة ودلالات العملية: ينبني الحضور الإماراتي في الصومال على إستراتيجيتها في السيطرة على قواعد النقل البحرية في القرن الإفريقي وشرقي إفريقيا ومنطقة المحيط الهندي، وقد قامت الإمارات بالاستثمار المباشر في شريط ساحلي طويل بدءًا من ميناء السخنة جنوب السويس والغردقة وشرم الشيخ وغرب بورسعيد مرورًا بموانئ الصومال بربرة، وبصاصو وكيسمايو، وصولًا إلى العديد من الموانئ في راوندا، وموزمبيق، ومدغشقر، وأنجولا، وغينيا، وجنوب إفريقيا، والسنغال وجمهورية الكونغو الديمقراطية؛ ومن ثَمَّ فإن القرن الإفريقي موقع إستراتيجي لتوسيع النفوذ الإماراتي في اليمن، ودعم سياساتها فيه. بناءً على ذلك كان لا بُدّ من تعميق التحالُفات الأمنية والعسكرية مع الصومال وأقاليمه المختلفة، كلّ على حدة، إلى جانب تعزيز تعاوُنها مع الحكومة الفيدرالية، وهو ما أثمر بتحويل ميناء بربرة -مؤقتًا- إلى مركز إقليميٍّ للموانئ الإماراتية من ناحية، وقطع الطريق -نظريًّا- على السفن الإيرانية التي كانت ترسو في بصاصو، بهدف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين في اليمن. مطلع فبراير 2024 وقّع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود قانونًا يلغي صفقة الميناء واعتبرها انتهاكًا للسيادة، وهدّد بحرب ضد الاتفاقية لحماية البلاد، بالرغم من أن علاقة الرئيس الحالي جيدة مع الإمارات بخلاف القيادة السابقة التي اختارت لغة العداء وتجميد المشاريع معها. في هذا الجو المشحون، جاءت عملية حركة الشباب حاملة في ثناياها دلالات لا تُخطئها العين، بداية من استغلال روابط عشائرية مع منفذ العملية، والذي دفعته الحركة لينخرط ضِمن الجيش عمدًا، ومع ظهور اللحظة المناسبة، استهدف العنصر أكبر رتبة إماراتية في الصومال، في مشهد لم يسبق وقوع شيء شبيه له فيها. تستمد الحركة معظم قوتها من استغلال الروابط العشائرية في مجتمع ما زالت الكلمة فيه سياسيًّا وعسكريًّا للعشيرة في الدرجة الأولى، ومن هذا المنطلق، لن نستغرب أن تميل بعض القبائل في المناطق الشمالية نفسها لمساندة حركة الشباب التي تمتلك أذرعًا وقواعد في محيط مدينة بصاصو، فقد رفضت عشيرة “عيسى” المنتشرة في مدينتَي زيلع ولوكهي العشائر منح إثيوبيا أي منفذ بحري في أراضيها، وربما يتطور المشهد لصدام بين هذه العشائر من جهة، وحكومة أرض الصومال وإثيوبيا من جهة أخرى، في شيء مشابه لما حصل في مدينة لاسعانود عام 2023 ، حيث أخرجت العشائر قوات جيش أرض الصومال منها بالقوة، علمًا أن السياسة الإثيوبية لن تضمن الاستقرار في أرض الصومال دون إثارة فتنة بين القبائل، وهو ما سيحرّض الحركة للاستنفار بهدف ضم أكبر عدد من مقاتلي العشائر إلى صفها لمواجهة الغزاة الإثيوبيين. تُعَدّ العملية مؤشرًا على أن استسلام عناصر حركة الشباب للقوات الحكومية بهدف الانضمام لها، جزء من خطة تجهيز عملاء داخل الجيش الصومالي، مستغلين بذلك الروابط الاجتماعية والوساطات العشائرية التي تضغط على الضباط والقيادات في الجيش لتسهيل دسّ عناصر من التنظيم في الجيش، وهذا مؤشر على استمرار جعل الولاء القَبَلي وسيلة للضغط والاستقطاب والتجنيد وتقديمه على عامل الحرفية والكفاءة. في الإطار ذاته، تندرج عملية الحركة ضد الضباط الإماراتيين في إطار الثأر من مقتل عدد من قياداتها في هجوم الطائرة الإماراتية المسيّرة في يونيو 2023 من جهة، ومواجهتها لاستراتيجية الإمارات الداعمة لإثيوبيا في الحصول على منفذ بحري في صومالي لاند من جهة أخرى، ومن المحتمل بشكل كبير أن تدفع العملية الإمارات لتكثيف هجماتها -بطائرات دون طيار بداية- على الحركة، ومحاولة استقطاب عشائر معينة لتكوين ميليشيات خاصة موازية للقوات الحكومية وداعمة لها في حربها ضد التنظيم، وهو ما يزيد من التوتر الأمني والعشائري في البلاد، وهو بالضبط الجوّ الملائم لعودة ترسيخ حضور التنظيمات الجهادية في المشهد مرة أخرى. من المحتمل أن تتجه الإمارات لمراجعة أنشطتها وخفض حضورها في الصومال خشية مزيد من الهجمات ضدها في الأشهر القادمة. وتجدر الإشارة إلى أن وقوع هجمات مماثلة على منشآت تدريب الجنود الصوماليين في مقديشيو التي تدعمها الولايات المتحدة وتركيا وبعثة القوات الإفريقية احتمال وارد الحدوث أيضًا.[7]

 

عودة العلاقة: وعادت العلاقات إلى طبيعتها مع عودة حسن شيخ محمود إلى السلطة إثر فوزه بالانتخابات الرئاسية، في 15 مايو 2022. وسرعان ما أفرج عن الأموال الإماراتية المحجوزة. وفي فبراير 2023، صدقت مقديشيو على اتفاق رسمي للتعاون الأمني مع أبوظبي، ووصلت بعد شهر من ذلك التاريخ مركبات عسكرية إماراتية إلى منطقة جوبالاند للبدء ببناء قاعدة جديدة ستمتلكها وتديرها أبوظبي. ووفقًا لتقرير معهد واشنطن فإن المساهمات الإماراتية في الصومال إيجابية إلى حدٍّ بعيد، وتشمل المساعدة في تمويل تطوير الجيش الوطني الصومالي، وتحديث مطار بربرة الذي تفكر القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) باستخدامه. وتؤدي الإمارات أيضًا دورًا في مواجهة مهربي الأسلحة الإيرانية، إضافة إلى الدعم الكبير الذي قدمته للمنظومة السياسية الصومالية، فضلًا عن الدعم الذي تقدمه لـ”أحمد محمد إسلام”، الذي يرتبط بعلاقة قوية مع أبوظبي، وسبق أن تلقّى مساعدات عسكرية منها. كما تتمتع القوات الإماراتية الموجودة في الصومال بقدرة عالية على التكيف وتنفيذ العمل المباشر والعمليات التي تتم عبر الوسائل غير المباشرة، وفقًا لتقرير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. وأضاف المعهد أن “الإماراتيين اكتسبوا خبرة واسعة، ضمن مجموعة من البيئات، في بناء قوات شريكة متمكنة قادرة على مواجهة الخصوم المحليين، وفي المواكبة المنتظمة لهؤلاء الشركاء في المعركة، عبر وجود عدد محدود من مستشاري القوات الخاصة ومراقبي الغارات الجوية”. وأشار إلى أن “زيادة التدخل العسكري الإماراتي في الصومال يمكن أن يضاعف فعالية الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وتركيا والاتحاد الإفريقي، إذا تم تنسيقه بشكل مناسب مع الجهات الفاعلة العسكرية الأخرى في البلاد”. كما لفت إلى أن “خبرة الإمارات في مواجهة تنظيم القاعدة في اليمن يمكن أن يشكل نموذجًا يُحتذى به في الصومال”، من خلال ما أسماه “نموذج العمليات الثلاثية، في عمليات مكافحة الإرهاب”، الذي تتولى فيه القوات المحلية تنفيذ الجزء الأكبر من عمليات القتال البري وإدارة مصادر الاستخبارات البشرية المحلية”.[8]

 

حدث أول من نوعه: ولأول مرة منذ بدء الوجود الإماراتي في القرن الإفريقي تتعرض القوات الإماراتية لهجوم، وعن هذا يقول الباحث حسن صالح لـ”الخليج أونلاين”: “هذا الحدث يعتبر الأول من نوعه منذ فترة، سبق أن استُهدف أجانب ولكن على مستوى استهداف قادة عسكريين إماراتيين أو خليجيين، هذا يعتبر تقريبًا الحادث الأول”. ولفت إلى أن الهجوم “ربما تنجم عنه مخاطر كبيرة، ويمكن أن يمهد لعودة الإرهاب إلى أكثر من منطقة في مقديشيو ومناطق الجنوب، والجنوب الغربي الصومالي، ويمكن أن تمتد إلى مناطق الشمالي الصومالي، وقد تزداد في مناطق الوجود الإماراتي في مقديشيو”. وأوضح صالح أن الهجوم “ربما يأتي في إطار التنافس حول النفوذ في الصومال”، مضيفًا: “هناك دواعٍ كثيرة ومؤشرات تشير إلى أن هناك بعض الدول قد تكون ذات صلة في الترتيب لهذا الحدث، في إطار الصراع الإماراتي مع بعض فواعل النفوذ الإقليمي والدولي الموجودة في الصومال”. ووفقًا للباحث صالح فإن “هذا الحدث يعد مؤشرًا لترمومتر العلاقات الصومالية الإماراتية، خصوصًا بعد التوجهات الأخيرة للحكومة الصومالية عقب توقيع اتفاقية ميناء بربرة بين إثيوبيا ودولة صومالي لاند، وهي الاتفاقية التي رفضتها حكومة الرئيس حسن شيخ محمود”. وقال: “هناك تعديل في السياسة الخارجية الصومالية، وتعديل حسن شيخ محمود لسياساته الخارجية تجاه الإمارات، وهذه المسألة ظهرت بمؤشرات واضحة في زيارته لعدد من الدول، بغرض التحالفات السياسية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية الجديدة لمواجهة المخاطر الناجمة عن الاتفاقية الإثيوبية”. واختتم حديثه بالقول: “في تقديري يعتبر هذا الحدث مؤشرًا حقيقيًا على رفض هذه الاتفاقية التي وقعتها إثيوبيا، كما أنه يذهب في اتجاه وجود توجهات أو شكل تنافس وصراع أمني عسكري إقليمي، يكون مسرحه الصومال”.[9]

 

أعاد مقتل أربعة جنود إماراتيين مؤخرا في هجوم في الصومال تسليط الأضواء على دور الإمارات المشبوه في البلد الإفريقي وأطماع أبو ظبي المستمرة في كسب النفوذ الإقليمي وفرض أجنداتها العدوانية. وتعد أطماع الإمارات في الصومال حديثة ونشأت بعد العام 2011 واندلاع ثورات الربيع العربي، ليصبح وجود أبو ظبي في هذه الدولة يعتبره حكامها مصلحة استراتيجية محورية. لذلك عمدت الإمارات إلى توقيع اتفاقيات دبلوماسية وتجارية في عام 2013، والتي سمحت تدريجيًا بالنفوذ السياسي والاقتصادي والدبلوماسي والوجود العسكري لأبو ظبي في مشهد الصومال السياسي خلال العقد اللاحق بحسب موقع (الامارات 71) المعارض. والمشهد السياسي الصومالي معقد للغاية بعد عقود من الصراع، ويمكن تفكيك جزء من التعقيد من خلال فهم الترابط بين ثلاثة أمور: أولها؛ استغلال السياسة والعشائر، وثانيها؛ الصدمة الجماعية والمتباينة عن ثلاثين عامًا من عدم الاستقرار، وثالثها؛ التأثيرات الكبيرة التي تشعر بها الصومال للمشاركة الإقليمية داخل البلاد. ولجأت أبو ظبي للتأثير وسط هذا الترابط المعقد واستغلاله من أجل مصالح وخطط استراتيجية في الصومال الذي يملك خطًا ساحليًا بأكثر من 3000 كم، يواجه خليج عدن، قرب مضيق باب المندب ذو الأهمية الاستراتيجية العالمية، ما يجعل الصومال أحد أهم الشرايين التجارية للتجارة البحرية العالمية في العالم. وتقدم أبو ظبي نفسها بصفتها قوة إقليمية ناشئة، والحاجة للوصول إلى الساحل الصومالي يخدم هذه الاستراتيجية التي تعتبرها جزءًا من منافسة إقليمية تشمل قطر والسعودية وتركيا اللتان سبقتا أبو ظبي إلى مقديشيو. وإذا كان الساحل الصومالي يخدم أغراضًا مهمة في استراتيجية الأمن البحري الإماراتي، فإن الوصول إلى الموانئ يسترشد أيضًا بفرص الاستثمار المحتملة في السوق الإثيوبية الأكبر بكثير، وتكون مركزًا محوريًا للاستثمارات في باقي دول شرق إفريقيا. لكن الوصول إلى الموانئ كان صعبًا برفض السياسيين في مقديشيو الموافقة عليها؛ لذلك سعت الإمارات إلى إقامة علاقات أوثق مع الحكومات الإقليمية داخل الصومال. إذ تسيطر العشائر على هذه الحكومات الإقليمية بينها “أرض الصومال” (صوماليلاند) و”أرض البنط” (بونتلاند). ولكن تلك العلاقات كانت دون مستوى الشفافية الذي تعتبره مقديشيو ضروريا وهو ما أشعل خلافات استمرت سنوات في العلن. لأجل ذلك وقعت حكومة “أرض الصومال” (الإقليم الانفصالي) في 2016 اتفاقًا مع موانئ دبي العالمية بقيمة 442 مليون دولار لتطوير ميناء عميق في بربة كمركز تجاري في شرق إفريقيا. كما وقعت أبو ظبي في العام التالي اتفاقًا ببناء قاعدة عسكرية بجوار مطار المدينة وواجهتها البحرية. في 2017 وقعت موانئ دبي اتفاق لاستجار ميناء بصاصو في “بونتلاند” لمدة 30 عامًا، لحقه اتفاق ببناء قاعدة عسكرية إماراتية. هذا الأمر أثار غضب الحكومة في مقديشيو الذي اعتبرته تحديًا صريحًا لها؛ إذ تشير المادة رقم (54) من الدستور الصومالي إلى أن السياسية الخارجية لأقاليم الصومال كافة هي من اختصاص حكومة مقديشيو. وفي مارس 2018 استحوذت إثيوبيا على 19% من ميناء بربرة. وأديس أبابا تملك تاريخًا سيئًا مع مقديشيو بما تحمله من أحلام إمبراطورية توسعية.[10]

 

ما الذي يُغضب مقديشيو؟ في يناير الماضي وُجهت اتهامات للإمارات بلعب دور في اتفاقية مثيرة للجدل بين إثيوبيا و”أرض الصومال” تمنح أديس أبابا إمكانية الوصول إلى البحر بتأجير 20 كيلومترا من سواحلها لإثيوبيا غير الساحلية لمدة 50 عاما، وهي اتفاقية أثارت غضب الحكومة الصومالية ومعظم دول المنطقة في القرن الإفريقي والعالم العربي. ووقع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود قانونا يلغي صفقة الميناء واعتبرها انتهاكًا للسيادة، وهدد بقيام حرب لحماية البلاد. على الرغم من أن علاقة شيخ محمود جيدة مع أبو ظبي على عكس القيادة السابقة التي جمدت المشاريع الإماراتية مع زيادة التوتر. فمع عودة شيخ محمود إلى السلطة في مايو 2022 تم إعادة تنشيط النفوذ السياسي والدبلوماسي للإماراتيين، وهو ما كان الرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو يتحداه. إذ ظلت مقديشيو تنظر إلى أبو ظبي بتوجس خاصة بعد التوتر الذي حدث في 2017 عندما قررت حكومة “فرماجو” البقاء على الحياد في الأزمة الخليجية. وصعد التوتر إلى السطح في عام 2018 عندما احتجزت السلطات الصومالية طائرة مدنية إماراتية واستولت على 9.6 مليون دولار كانت على متنها، مع 47 فردًا من القوات الإماراتية. وقال الصوماليون وقتها إن الأموال هدفها “تحريض الأقاليم الصومالية على الضغط على حكومة مقديشيو ودعم ميليشيات مسلحة”، فيما قالت الإمارات إنها كانت رواتب المجندين الصوماليين. ويبدو أن الأمور تحسنت بشكل كبير مع بداية ولاية شيخ محمود؛ إذ كانت الإمارات أولى وجهاته الخارجية. وفي يناير2023 زار وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، أبو ظبي، ليفتح الطريق لفصل جديد من التقارب بعد خلافات سنوات “فرماجو”.[11]

 

نهاية القول: يُعد استهداف حركة الشباب الصومالية لقاعدة غوردن الإماراتية في العاصمة مقديشيو بمثابة تصعيد مِن قِبَل الحركة، ليس الهدف منه القوات الصومالية فقط، وإنما الهدف الرئيسي منه هو البعث برسالة تهديد للقوى الدولية والغربية والإقليمية الداعمة لاستراتيجية الصومال لمكافحة الإرهاب، والتي يأتي على رأسها الإمارات التي تمكّنت منذ نحو عام تزامنًا مع عودة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى السلطة في العام 2022م، من استعادة نفوذها في الصومال، ونَسج شبكة من العلاقات مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، وكذلك مع حكومات الولايات، وكذلك مع حكومة إقليم أرض الصومال وما لذلك من انعكاسات على توتر العلاقات بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات وحكومة إقليم أرض الصومال، مما أثار انتقاد حركة الشباب، خاصة في ظل ظروف إقليمية وبيئة مضطربة تتعلق بملف صفقة الموانئ بين إثيوبيا وأرض الصومال، وعزم حكومة الصومال على تنفيذ هجوم ضد معاقل حركة الشباب في جنوب البلاد.   

 

يسلط الهجوم المباغت الذي تعرضت له قوة إماراتية في العاصمة الصومالية مقديشيو، والذي شنته حركة الشباب الصومالية المتطرفة، الضوء على الوجود العسكري الإماراتي هناك. وأسفر الهجوم، الذي وقع فجر الأحد 11 فبراير، ووصفته أبوظبي بـ”العمل الإرهابي” عن مقتل 4 عسكريين إماراتيين وضابط بحريني، وإصابة ضابط إماراتي آخر، فيما أدانه الرئيس حسن شيخ محمود، ووصفه بـ”الهجوم الإرهابي الشنيع”. ووقعت الحادثة أثناء قيام القوات الإماراتية بتدريب وتأهيل القوات المسلحة الصومالية، وهو ما يعيد الحضور الإماراتي في الصومال إلى الواجهة والذي مر بفترات متقلبة خلال السنوات الأخيرة.

 

---------------------------------

[1] إبراهيم شاكر، “بعد هجوم مقديشيو.. ما شكل الحضور الإماراتي في الصومال؟”، الخليج أون لاين، 12/2/2024. متاح على الرابط: https://2u.pw/nxHJqJG

[2] د. عرابي عبد الحي عرابي، أشباح القاعدة تُطِلُّ في مقديشيو.. ماذا وراء استهداف القوات الإماراتية؟”، أبعاد للدراسات الاستراتيجية، 15/2/2024. متاح على الرابط: https://2u.pw/obNSEPo

[3] د. عرابي عبد الحي عرابي، أشباح القاعدة تُطِلُّ في مقديشيو.. ماذا وراء استهداف القوات الإماراتية؟”، أبعاد للدراسات الاستراتيجية، 15/2/2024. متاح على الرابط: https://2u.pw/obNSEPo

[4] بسمة سعد، “نفوذ إماراتي متنامٍ.. ماذا يعني تنفيذ الهجوم الإرهابي على قاعدة غوردون الإماراتية في الصومال؟”، قراءات إفريقية، 25/2/2024. متاح على الرابط: https://2u.pw/FenefOdd

[5] د. عرابي عبد الحي عرابي، أشباح القاعدة تُطِلُّ في مقديشيو.. ماذا وراء استهداف القوات الإماراتية؟”، أبعاد للدراسات الاستراتيجية، 15/2/2024. متاح على الرابط: https://2u.pw/obNSEPo

[6] بسمة سعد، “نفوذ إماراتي متنامٍ.. ماذا يعني تنفيذ الهجوم الإرهابي على قاعدة غوردون الإماراتية في الصومال؟”، قراءات إفريقية، 25/2/2024. متاح على الرابط: https://2u.pw/FenefOdd

[7] د. عرابي عبد الحي عرابي، أشباح القاعدة تُطِلُّ في مقديشيو.. ماذا وراء استهداف القوات الإماراتية؟”، أبعاد للدراسات الاستراتيجية، 15/2/2024. متاح على الرابط: https://2u.pw/obNSEPo

[8] إبراهيم شاكر، “بعد هجوم مقديشيو.. ما شكل الحضور الإماراتي في الصومال؟”، الخليج أون لاين، 12/2/2024. متاح على الرابط: https://2u.pw/nxHJqJG

[9] إبراهيم شاكر، “بعد هجوم مقديشيو.. ما شكل الحضور الإماراتي في الصومال؟”، الخليج أون لاين، 12/2/2024. متاح على الرابط: https://2u.pw/nxHJqJG

[10] “دور الإمارات المشبوه في الصومال.. أطماع كسب النفوذ الإقليمي”، Emirates Leaks، 13/2/2024. متاح على الرابط: دور الإمارات المشبوه في الصومال.. أطماع كسب النفوذ الإقليمي – الإمارات ليكس (emiratesleaks.com)

[11] “دور الإمارات المشبوه في الصومال.. أطماع كسب النفوذ الإقليمي”، Emirates Leaks، 13/2/2024. متاح على الرابط: دور الإمارات المشبوه في الصومال.. أطماع كسب النفوذ الإقليمي – الإمارات ليكس (emiratesleaks.com)