أعلنت شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية في مصر التابعة للجيش، البدأ بترفيق المرحلة الثانية من المدينة، مطلع العام المقبل بتكلفة تبلغ 240 مليار جنيه (4.8 مليار دولار)، بحسب خالد عباس رئيس الشركة لمنصة "الشرق".

في حين أن رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، إيفانا فلادكوفا هولار، خلال مؤتمر صحفي مع رئيس حكومة السيسي ووزير ماليته ورئيس البنك المركزي قالت إن عناصر الاتفاق هي: "تحرير سعر الصرف، والتشديد النقدي، وإصلاح المالية العامة من خلال ترشيد الإعفاءات الضريبية للجهات الحكومية وتخفيض الاستثمارات العامة في البنية التحتية ودعم الإنفاق الاجتماعي".


وشددت هولار على أن الاتفاق يشمل إبطاء الإنفاق على البنية التحتية، بما في ذلك المشاريع "التي كانت حتى الآن تعمل خارج نطاق الإشراف المالي العادي"، بحسب هولار.


وبرنامج الصندوق طالبه بوقف الإنفاق على مشاريع ميزانيتها أكثر من مليار جنيه، حيث أعلنت شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية في مصر تابعة للجيش.


وحددت منصة "الموقف المصري"، على التواصل المطلوب "حتى لا تدخل مصر الأزمة مرة أخرى وهو تصحيح المسار الاقتصادي للبلد بشكل مباشر"، مضيفة أنه يجب أن تتوقف الحكومة بشكل عاجل عن مشاريعها القومية التي لا تدر عوائد دولارية ومشاريعها غير المدروسة.

وأكدت أنه حتى الآن ورغم الأزمة ما زلنا نسمع تبريرات مختلفة للمسار الاقتصادي الخاطيء "أنه بدون الكباري والطرق مكنش حد حيبص لرأس الحكمة"، بحسب تصريح رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع وهو يتناول ازدواج قناة السويس.


وأوضحت المنصة أن مثل هذه التصريحات "كلام غير حقيقي جذب الاستثمار الأجنبي" وأن الجاذب ليس فقط "مشروعات البنية التحتية" وأن 35 مليار في صفقة رأس الحكمة "دعم سياسي".


واستدركت أنه لو أن المشروعات القومية جذبت الاستثمار فمن الأولى حساب تكلفة المشروعات والقروض التي نفذت بها تتعمل والفوائد التي دفعت آخر 10 سنين في المسار الاقتصادي على الدين المحلي والخارجي وهو مبلغ بالتريليونيات".

وأبانت أنه في آخر 10 سنوات فقط دفعت مصر 132 مليار دولار لخدمة الدين الخارجي من أقساط وفوائد ومازال عندها دين خارجي يتخطى الـ160 مليار دولار"، تخطي الآن 186 مليار دولار.

وجزمت الورقة التي طرحتها منصة الموقف المصري أن "مشاكلنا لم ولن تحل بدون تغيير المسار الاقتصادي، التوقف عن الاقتراض غير المبرر وتنفيذ المشروعات القومية الكبرى".


وأضافت أن "المشاكل لم ولن تحل بدون سياسات اقتصادية من خارج الصندوق تعتمد على الإنتاج والتصنيع والتصدير لنوفر موارد مستدامة للدولار ولا نحتاج كل سنتين أنه يتم إنقاذنا ماليا من الخليج أو نأخد قرض من صندوق النقد".


https://twitter.com/AlmasryAlmawkef/status/1765426523404738672


مشاريع بلا جدوى 
واعترف السيسي بفشل مشروع مدينة الأثاث في دمياط، خلال حديثه بالمؤتمر الاقتصادي ورغم ذلك، عبرت تصريحاته عن  اصرار غريب في عدم اعتماد دراسات الجدوى على مشاريعه، متباهيا بأنه لو اتبع دراسات الجدوى ما أنجز 30% مما أنجزه!! وتكلفت مدينة الاثاث بدمياط -وفق تقارير صحفية تابعة للنظام- ما يقارب 3.6 مليار جنيه، ومن ضمن المشاريع التي تمت بلا دراسة جدوى واهدرت مليارات الجنيهات على مصر..

أما مشروع حفر تفريعة جديدة لقناة السويس، جمعت فيه الحكومة من المصريين نحو 64 مليار جنيه للبدء في المشروع (نحو 10 مليارات دولار وقتها)، ولم يكفِ المبلغ بسبب الرغبة في ضغط المدة لعام واحد (دون أي مبرر) فاقترضت الدولة نحو 850 مليون دولار من البنوك المحلية، بينما تحملت الميزانية العامة للدولة حوالي 7.6 مليار جنيه سنوياً، هي مقدار خدمة الدين لـ64 ملياراً جرى جمعها.

ومع أول ذكرى لافتتاحها، عقب تداول الأحاديث عن انخفاض إيرادات القناة الرئيسية، وكثرة التساؤلات عن جدوى التفريعة الجديدة، قال السيسي بحوار تلفزيوني في يونيو 2016، إن الهدف من المشروع كان "رفع الروح المعنوية للشعب المصري!" 


أما مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، التي وصفت بكونها "ثقباً أسود" ابتلع موارد مصر عبر سنوات، دون وجود فائدة تذكر على المواطنين أو الاقتصاد، صرح المهندس خالد عباس، نائب وزير الإسكان للمشروعات القومية، والرئيس الحالي لشركة العاصمة الادارية بأن حجم الإنفاق به حتى شهر مارس 2021 بلغ من 400 مليار إلى 500 مليار جنيه.


مدينة العلمين الجديدة، التي كشف وزير الإسكان، العام الماضي، عن مجموعة أبراج بالمدينة، بلغت تكلفتها وحدها 38 مليار جنيه وبلغت تكلفة مشروعي المونوريل والقطار السريع -وفق تصريحات رسمية- 26 مليار دولار، أي ما يزيد على 400 مليار جنيه.

أما الطائرة الرئاسية الجديدة من طراز بوينغ (747-8) القصر الرئاسي الطائر، والملقبة بـ"ملكة السماء"، التي تعاقدت عليها حكومة السيسي، وتسببت أخبارها في صدمة للشارع المصري، بلغت تكلفتها نصف مليار دولار (9 مليارات جنيه بسعر الصرف وقتها) وهي تعتبر خامس طائرة رئاسية تشتريها مصر بزمن السيسي.


وفي عام 2016 وقَّعت الحكومة المصرية عقداً مع شركة داسو الفرنسية لشراء 4 طائرات من طراز "فالكون إكس 7" الفاخرة، الصفقة بلغت قيمتها 300 مليون يورو، أي ما يوازي قرابة 4 مليارات جنيه مصري، وتضاف جميعها إلى سرب طائرات رئاسية تملكه مصر يصل عددها إلى 24 طائرة. فضلاً عن شراء السيسي أيضاً قبل ذلك أنظمة مضادة تعمل بالأشعة تحت الحمراء لحماية طائراته الرئاسية بقيمة 104 ملايين دولار.

أما صفقات شراء السلاح، فجعلت من مصر، وفقاً لـ"معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام" (SIPRI) ثالث أكبر مستورد للسلاح بالعالم عام 2020، وأنفقت مصر عليها ما يقرب من 44 مليار دولار أمريكي (800 مليار جنيه مصري).


قصور وعاصمة

ولم يقنع السيسي بما تملكه مصر من عدد 30 قصراً واستراحة رئاسية، فأضاف إليها قصراً في العاصمة الإدارية، مساحة السكن الرئاسي به (طبقاً لتقرير بموقع الجزيرة مباشر، اعتمد على صور ملتقطة بالأقمار الصناعية) تُقدر بـ50 ألف متر 
مربع، أي أنه 10 أضعاف مساحة البيت الأبيض، الذي تبلغ مساحته 5 آلاف متر مربع فقط.

يُضاف لها قصر رئاسي أسطوري، بمدينة العلمين الجديدة، على ساحل البحر المتوسط، ومجمع لرئاسة الجمهورية، بالغ الضخامة، يتم إنشاؤه قرب مدينة المستقبل بطريق مصر الإسماعيلية الصحراوي، كشفت عنه تقارير صحفية، رغم التكتم الرسمي بشأنه.

كما أراد السيسي تخليد اسمه ببناء مسجد أطلق عليه اسم "الفتاح العليم"، بالعاصمة الإدارية، تم افتتاحه في يناير 2019 ليُعد أكبر مساجد مصر بسعة 17 ألف مُصلٍّ.

وفور الانتهاء منه، تم البدء في مشروع بناء مسجد مصر، الذي سيعد رابع أكبر مساجد العالم بسعة تتجاوز 100 ألف مصلٍّ ويضم أعلى مئذنتين في مصر بارتفاع 140 متراً، وبتكلفة مبدئية قدرت بـ750 مليون جنيه.

بالإضافة لبناء أكبر كاتدرائية قبطية بالشرق الأوسط، تسمى كاتدرائية "ميلاد المسيح"، على مساحة 15 فداناً وتسع أكثر من 8000 آلاف فرد، وتتواجد كذلك بالعاصمة الإدارية كما تم بناء أعلى سارية علم في العالم بارتفاع 207.8 متر ويتخطى ارتفاعها برج القاهرة، تتكون من الحديد الصلب بوزن إجمالي 1040 طناً وتكلفة تجاوزت 55 مليون جنيه ويبقى الهوس الأعظم ببناء الكباري، السمة المميزة لعصر السيسي، الذي بشر المصريين في عام 2020 ببناء 40 كوبري جديداً في القاهرة وحدها تكلفة تنفيذها  تتخطى الـ16 مليار جنيه.

بينما نشرت وزارة النقل، في بيان لها في 29 يونيو من هذا العام، إنجازات الوزارة خلال 8 سنوات، فحدثتنا عن بناء 900 كوبري ونفق جديد في مختلف محافظات مصر وغير ذلك الكثير من المشاريع، التي أهدرت الأموال وضيعت الموارد، وجمدت الثروات في كُتل أسمنتية وحديدية، مع إهمال تام لأولويات المواطن من غذاء وصحة وتعليم.