أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة وفاة رضيعين نتيجة الجفاف وسوء التغذية في شمال القطاع.

وقالت الوزارة في بيان: "توفي رضيعان نتيجة الجفاف وسوء التغذية في مستشفى كمال عدوان بشمال قطاع غزة".

وأفادت بوصول عدد من الأطفال الرضع الذين يعانون حالات خطيرة؛ بسبب الجفاف وسوء التغذية إلى مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة.

وأوضحت أن الجفاف وسوء التغذية "يهددان حياة آلاف الأطفال والحوامل في قطاع غزة".

ودعت الوزارة المؤسسات الدولية إلى "إجراء مسح طبي شامل في أماكن الإيواء، لرصد وعلاج المصابين بالجفاف وسوء التغذية، ومنع الكارثة الإنسانية".

وشددت على أن "المؤسسات الأممية عليها مسؤوليات أخلاقية ووظيفية لحماية الأطفال والنساء، وتوفير كل أسباب النجاة من المجاعة التي تضرب قطاع غزة".

وطالبت الوزارة المجتمع الدولي بـ"وقف جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، من خلال الاستهداف والتجويع والأوبئة".

وفي 19 فبراير الجاري، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من أن الارتفاع الحاد في سوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات في قطاع غزة يشكل "تهديدًا خطيرًا" على صحتهم، خاصة مع استمرار الحرب المدمرة.

وقال تيد شيبان، نائب المدير التنفيذي لليونيسف، إن غزة على وشك أن تشهد "انفجارًا في وفيات الأطفال"، الأمر الذي من شأنه أن "يضاعف مستوى وفيات الأطفال الذي لا يطاق بالفعل".

وذكّر بأن اليونيسف حذرت من أن القطاع "على شفا أزمة تغذية".

وفي 17 نوفمبر الماضي، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن سكان شمال قطاع غزة أصبحوا "على حافة المجاعة، ولا ملاذ يأوون إليه" في ظل الحرب المستمرة منذ أشهر.

 

جثث رضع متحللة على أسرة المستشفيات

وفي السادس عشر من فبراير الجاري، وعلى سرير صغير في مستشفى النصر للأطفال غربي مدينة غزة، كانت ترقد جثة رضيع فلسطيني متحللة، بعدما لفظ أنفاسه الأخيرة قسرًا إثر حرمان إسرائيل له من حق العلاج، تاركة خلفها واحدة من حكايات الوجع الفلسطينية التي باتت لا تُحصى.

على مقربة من سريره، يعلو العلاج معلقًا في الهواء كالأمل المتلاشي، حيث لم يتمكن من الحصول عليه بعدما أجبر الجيش الإسرائيلي الأطباء على مغادرة المستشفى، الكائن بحي النصر.

هذا الطفل، كما عدد من الأطفال الآخرين، تُركوا فريسة للموت البطيء، بعد اقتحام القوات الإسرائيلية لهذا المستشفى قبل عدة أشهر، ومنع إخراجهم لتلقي العلاج في مكان آخر.

حيث أكد الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة أشرف القدرة، في تصريح لـ"الأناضول"، وفاة 5 أطفال رضع في مستشفى النصر، والعثور على جثثهم متحللة؛ جراء طرد الجيش الإسرائيلي للأطقم الطبية، ورفضه إجلاء هؤلاء الرضع حتى لفظوا أنفاسهم الأخيرة.

وعقب انسحاب الجيش الإسرائيلي من حي النصر تأكد وفاة الأطفال على أسرة المستشفى.

وفي 10 نوفمبر الماضي، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن القوات الإسرائيلية حاصرت مستشفيي "الرنتيسي" و"النصر للأطفال" غرب مدينة غزة، وأجبرت الأطقم الطبية على مغادرتهما.

وقال القدرة: "نتيجة رفض الاحتلال الإسرائيلي إخراج الأطفال الرضع المرضى من مستشفى النصر وإجلاء الأطقم الطبية، اكتشفنا أثناء أيام التهدئة وفاة 5 منهم" بعد أن تُركوا يواجهون مصيرهم المحتوم بمفردهم.

وفي 24 من نوفمبر الماضي، بدأت تهدئة "إنسانية" في قطاع غزة استمرت 7 أيام، جرى خلالها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.

وبعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من حي النصر، تبين للعيان الحجم الهائل من الدمار داخل قسم الأطفال الخدج في المستشفى، حيث ظهرت مشاهد صادمة لم تخطر على بال أحد.

فبين تحلل جثث الرُضع على الأسرة، وبين الدمار الذي خلفه الجيش الإسرائيلي داخل المستشفى، تبرز مشاهد مروعة داخل تلك هذا القسم، حيث تتناثر عظام صغيرة على الأسرة.

وبينما تسير في أروقة المستشفى المخصص للأطفال تجد أجهزة طبية مدمرة وجدران ساقطة من شدة القصف الإسرائيلي.

فيما يظهر تناثر للأدوية والعلاجات المخصصة للأطفال، التي من المفترض أن يكونوا حصلوا عليها للتعافي.

وخارج المستشفى، يظهر حجم الدمار والتخريب الهائل بعد توغل القوات الإسرائيلية، حيث تم تدمير الأسوار الخارجية للمستشفى، إضافة إلى تجريف الأراضي حولها، وتركها في حالة من الفوضى التامة.

 

جثامين متحللة للأطفال

ومن جهته، قال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إسماعيل الثوابتة، "عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي من حي النصر، تم العثور على جثامين أطفال على الأسرة في المستشفى".

وأضاف: "بالفعل ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة ضد الإنسانية في مستشفى النصر للأطفال"، وفقًا لـ"الأناضول".

وأشار إلى أن الأطباء رفضوا طلب الجيش الإسرائيلي مغادرة المستشفى بشكل فوري؛ لأن في المستشفى مجموعة من الأطفال المرضى يعتمدون على أجهزة التنفس الصناعي، وأبلغوا الجيش أن تركهم سيؤدي إلى وفاتهم فورًا، وأنهم بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية والطبية.

وأوضح الثوابتة، أن القوات الإسرائيلية أجبرت الأطباء على مغادرة المستشفى تحت تهديد السلاح، وبعد عشرين يومًا عادت الطواقم الطبية للمستشفى لتجد الأطفال المرضى توفوا جميعًا، وأصبحت جثامينهم متحللة ويخرج منها الدود.

وشدد على أن "هذه الجريمة مخالفة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف وكل الاتفاقيات الدولية".

وحمّل الثوابتة، إسرائيل والإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي مسؤولية هذه الجريمة.

ودعا الدول العربية والإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي "إلى إعادة تأهيل وترميم المستشفيات التي تعرضت للتدمير والتخريب من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي".

 

موت الأطفال بسبب سوء التغذية ونقص الطعام

وفي تصريحاتٍ سابقة لمدير مستشفى كمال عدوان، حسام أبو صفية، أكد أنّ عددًا من الأطفال في شمال القطاع، ماتوا بسبب سوء التغذية ونقص الطعام، وانتشار الأمراض الناتجة عن العدوان والحصار الإسرائيلي المتواصلين.

وأوضح أبو صفية، وفقًا لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، أن أغلب الحالات التي تصل إلى المستشفى في الآونة الأخيرة، تعاني أعراض الجفاف الحاد بسبب سوء التغذية، إضافة إلى انتشار العدوى على مستوى الجهاز الهضمي والنزلات المعوية.

ونبّه إلى أنّ المواليد الجدد يصلون إلى المستشفى في حالات حرجة جدًا، وتظهر عليهم علامات الضعف والشحوب بسبب سوء تغذية الأمهات.

وبحسب معطيات المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فقد تم تسجيل 8 حالات وفاة في منطقة شمالي القطاع، نتيجة المجاعة وسوء التغذية.

ويعاني واحد من بين كل 10 أطفال في غزة -دون سن الخامسة-من سوء التغذية الحاد، وفقًا لبيانات أولية من الأمم المتحدة من خلال قياسات الذراع التي تظهر مستويات الهزال لدى الأطفال.

وذكرت مؤسسة “أكشن إيد” الخيرية أنّ بعض الناس يلجؤون إلى أكل العشب، مضيفةً أن “الجميع في غزة يعانون الآن الجوع ولا يحصل الناس إلا على 1.5 لتر أو لترين من المياه غير الصالحة للشرب يوميًا لتلبية جميع احتياجاتهم”.

وبحسب منظمات حقوقية محلية ودولية، فإن سلطات الاحتلال تستخدم التجويع سلاحًا، كعقاب جماعي بحق سكان شمال قطاع غزة.

وارتفعت، اليوم الثلاثاء، حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ نحو 5 أشهر إلى "29 ألفًا و878 شهيدًا و70 ألفًا و215 مصابًا".

وإلى جانب الضحايا، خلفت الحرب دمارًا هائلًا في المنازل والبنى التحتية والمستشفيات، فضلًا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة، وفق بيانات فلسطينية وأممية، وهو الأمر الذي أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للمرة الأولى في تاريخها بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".