تعجبت المواقع الصحفية الأوروبية والامريكية خاصة من تأخر الفصل في قضية قتل الباحث الايطالي جوليو ريجيني في مصر منذ 2016 إلى اليوم، وعزت ذلك إلى طلب أخير أمام محكمة ايطالية عقدت قبل 24 ساعة محاكمتها واستدعت شهود منهم عدد من المسئولين، على رأسهم عبد الفتاح السيسي، ورئيس وزراء إيطاليا السابق، ماتيو رينزي، ووزير الخارجية السابق، باولو جنتيلوني، بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الإيطالية العملاقة إيني، كلاوديو ديسكالزي، بحسب وكالة الأنباء الإيطالية الرسمية على أن يبت في مثولهم أمامها في 18 مارس المقبل.


واستدعاء الايطاليين الاخيرين كان سببه دفع السيسي من خلال "حكومته" نحو 11 مليار دولار من دماء المصريين في مشتريات أسلحة من إيطاليا في السنوات الاخيرة كى تغلق إيطاليا المحاكمة في جريمة قتل ريجينى التي ربما يمتد التحقيق فيها بالوصول إلى الجاني الحقيقي الذي يرجح أن يكون محمود النجل الأكبر للسيسي والذي قالت تقارير أنه وراء تعذيب ريجيني وقتله، بحسب ناشطين.
 


بدأت محكمة إيطالية، محاكمة 4 ضباط أمن دولة مصريين، غيابيًا، متهمين بخطف وقتل الطالب الإيطالي، جوليو ريجيني، في القاهرة في 2016، بعد تأخير طويل بعدما طُرحت تساؤلات حول قانونية الإجراءات.   
 

وقالت المحكمة: "نأمل أن تبدأ المحاكمة أخيرًا. نأمل، بعد قرار المحكمة الدستورية، أن نكون قادرين على محاكمة من فعل كل شر العالم بحق جوليو"، بحسب محامية أسرة ريجيني أليساندرا باليريني، وزميلها جياكومو ساتا، عقب الجلسة الأولى للمحاكمة.
 

شبكة يورونيوز

شبكة يورونيوز نشرت تحقيقا مفصلا عن قضية ريجيني وطرحت فيه سؤال عن أسباب تأخر المحاكمة رغم توصل المحققين لأسماء المتهمين منذ 2018؟.


وتوصلت إلى أن السبب الذي وصفته ب"السياسي"  هو تورط ظباط أمن الدولة في قتل ريجيني والذي يمكن أن يقود الي السيسي نفسه..".


واهتمت الصحافة الأجنبية ببدء محكمة إيطالية المحاكمة الغيابية للمتهمين بقتل وتعذيب الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في مصر قبل 8 سنوات.


وقالت إن الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الطالب المقتول لم يُنس في وطنه، حيث بدأت للتو محاكمة جديدة.


وتسعى إيطاليا مرة أخرى إلى تحقيق العدالة للباحث الشاب، بعد أن اشتبهت السلطات المصرية على نحو خاطئ في عمله جاسوسًا أجنبيًا.


كان ريجيني، طالب الدكتوراه في جامعة كامبريدج، في القاهرة لإجراء أبحاث حول النقابات العمالية المستقلة في مصر - وهو موضوع حساس للغاية في البلاد، حيث قمعت الحكومة الاستبدادية حركات الاحتجاج غير الرسمية منذ عام 2013.


وفي 3 فبراير 2016، بعد تسعة أيام من اختفائه، عُثر على جثة مشوهة ونصف عارية على جانب طريق بضواحي العاصمة. وكانت تظهر على جسده علامات التعذيب الشديد – كسور في العظام، وطعنات، وحروق بالسجائر، وكدمات.


وتسببت القضية في توتر كبير بين إيطاليا ومصر، وبعد مرور ثماني سنوات، لا يزال الأمر بعيدًا عن الحل.

 

المتهمون الأربعة

وحدد الادعاء الإيطالي أربعة ضباط أمن مصريين مشتبه بهم في مقتله وهم والمتهمون هم الرائد مجدي إبراهيم عبد العال الشريف؛ واللواء شرطة طارق صابر، الذي كان مسؤولاً كبيراً في جهاز الأمن الداخلي وقت اختطاف ريجيني؛ العقيد هشام حلمي، الذي كان يخدم في مركز أمني مسؤول عن شرطة منطقة القاهرة التي كان يعيش فيها الإيطالي، والعقيد أيسر كمال، الذي كان يرأس قسم شرطة مسؤولاً عن عمليات الشوارع والانضباط.


وأصبح صابر حالياً مساعد وزير الداخلية للأحوال المدنية، وكان خلال الواقعة يعمل مدير قطاع في جهاز الأمن الوطني، وهو الذي أصدر تعليماته بمتابعة ريجيني بناء على تقرير رفع إليه من أحد مساعديه عن أنشطته البحثية وتواصله مع نقيب الباعة الجائلين، بمناسبة بحثه عن النقابات المستقلة في مصر.


أمّا الضابط الثاني، وهو العقيد آسر كمال، والذي كان يعمل رئيساً لمباحث المرافق بالعاصمة، وتوجد دلائل على أنه هو الذي أشرف على رسم خطة تعقّب ريجيني في إطار التنسيق بين الأمن الوطني والأمن العام، فقد تمّ نقله بعد الحادث بعدة أشهر للعمل بمحافظة أخرى. أما المقدم مجدي شريف، فقد سبق ونشر ادعاء روما اسماً رباعياً تقريبياً له هو "مجدي إبراهيم عبد العال شريف"، وهو الضابط الذي أبلغ ضابط أفريقي بأنه سمع منه حديثاً عفوياً أثناء تدريب للضباط الأفارقة في كينيا عام 2017، اعترف فيه بتورطه في قتل ريجيني، أو "الشاب الإيطالي" كما وصفه، إلى حد القول إنه "لكمه عدة مرات" بسبب "الاشتباه في كونه جاسوساً بريطانياً".


وتتجه التحقيقات الإيطالية إلى أن مجدي شريف شارك ثلاثة ضباط آخرين، غير المشتبه فيهم، في إدارة ملف ريجيني، وأنهم جميعاً قاموا بتكوين شبكة من المخبرين حول ريجيني، والتي تضم - حسب السيناريو الإيطالي - كلاً من زميلة ريجيني المقربة الباحثة نورا وهبي، وشريكه في السكن محمد السيد الصياد، ونقيب الباعة الجائلين. وفي ختام تحقيقاتها.


وحتى الآن، لم يتمكن المدعون الإيطاليون من اتخاذ إجراءات ضدهم، وفي ديسمبر 2020، برأت "النيابة العامة المصرية" جميع المشتبه بهم الأربعة من المسؤولية في مقتل ريجيني. ومع ذلك، رفضت إيطاليا إسقاط القضية!!



وعود السيسي

ووعد عبد الفتاح السيسي بمساعدة عائلة ريجيني في الكشف عن حقيقة وفاة ابنهم ــ ولكن لم تسر الأحداث على هذا النحو.


وأجرت إيطاليا ومصر تحقيقات منفصلة، وتوصلتا إلى نتائج مختلفة للغاية. وأشار الادعاء المصري في البداية إلى أن ريجيني قُتل في حادث سير، ثم وجه أصابع الاتهام إلى عصابة إجرامية قتلت الشرطة أعضائها بعد ذلك في تبادل لإطلاق النار. ورفضت إيطاليا هذه النظريات واتهمت المسؤولين المصريين بالتضليل.


وبدا التعاون بحسب الصحافة الأوروبية عوضا عن الصحافة المعارضة ومنها موقعنا بين المحققين الإيطاليين والمصريين محكومًا عليه بالفشل منذ البداية.


ففي عام 2016، حُرم الضباط الإيطالييون الذين أرسلتهم روما إلى القاهرة من التعاون الكامل مع الفريق المصري. وقد حصلوا على لقطات من كاميرات المراقبة من يوم اختفاء ريجيني، لكنها تحتوي على فجوات غير مبررة.


وبعد أن وجهوا أصابع الاتهام إلى جهاز الأمن المصري، أصبح الوضع أكثر صعوبة. واتهم نواب إيطاليون الحكومة المصرية بأنها مناهضة بشكل علني لمحاولات محاكمة المشتبه بهم الأربعة أمام المحكمة.


وانقطعت العلاقات الدبلوماسية الطبيعية بين البلدين، لعام ونصف العام واستُدعي السفير الإيطالي في مصر إلى روما.


ولفت التقرير إلى أن النظرية التي أعاد المدعون الإيطاليون بنائها منذ ذلك الحين هي أن ريجيني كان تحت المراقبة عندما اختطفته قوات الأمن المصرية، ربما بسبب أبحاثه وارتباطاته اليسارية، وربما لأنه اعتُبر خطأً أنه جاسوس.


واعترفت الحكومة المصرية عام 2016 بوضع الطالب تحت المراقبة.


جريدة ايطالية


جريدة لونيونا ساردا L’UNIONE SARDA الإيطالية قالت إن السيسي من المرتقب استدعاؤه ومسؤولين مصريّين وإيطاليّين لتقديم شهاداتهم، منهم أيضا وزير الخارجية الإيطالي آنذاك باولو جينتيلوني.


وأشارت الصحيفة إلى أن المحاكمة التي انطلقت الثلاثاء تأخّرت سنتَين ونصف عن موعدها الأوّلي في 2021، بسبب تقديم فريق الدفاع آنذاك حججاً تنقض قانونية الجلسات، لناحية عدم الوصول إلى المتّهمين. كما تجاهل المحقّقون المصريون معظم طلبات تقديم المعلومات، وحاولوا مع فريق الدفاع تنويم المحاكمة.


والدا الطالب المقتول جوليو ريجيني، باولا وجوليو ريجيني، حاضرين في الجلسة الافتتاحية للمحكمة واقفين خارج المحكمة حاملين لافتة كتب عليها "الحقيقة لجوليو ريجيني".


وعثر على جثة ريجيني على الطريق السريع بعد أيام من اختفائه في العاصمة المصرية في 25 يناير 2016. وكان في القاهرة للبحث عن الأنشطة النقابية بين الباعة الجائلين كجزء من أطروحة الدكتوراه الخاصة به.


وقالت والدته إن جسده تعرض للتشويه بسبب التعذيب لدرجة أنها لم تتمكن من التعرف على طرف أنفه إلا عندما نظرت إليه. وقال نشطاء حقوق الإنسان إن العلامات الموجودة على جسده تشبه تلك الناتجة عن التعذيب على نطاق واسع في مرافق جهاز الأمن المصري.


يُذكَر أنّ الطالب ريجيني (28 عاماً) كان يُعدّ في مصر بحثاً لأطروحته عن النقابات المصرية المستقلّة، فضلاً عن اهتمامه بسطوة الجهاز العسكري على الاقتصاد المصري. وقد اختفى في القاهرة، وعُثرَ على جثّته المنكّل بها بعد أسبوعٍ، في 3 فبراير 2016.


وحاولت داخلية السيسي تلفيق التهمة إلى 5 مواطنين مصريين، قامت بقتلهم جميعا، وادعت أنها وجدت جواز سفر "ريجيني" وأوراقه معهم، لكن أخطاء في الرواية وتساؤلات ايطالية أجبرت نيابة السيسي على الاعتراف بأن الخمسة لا صلة لهم بريجيني!، لكنها رفضت التحقيق في واقعة قتل الشرطة للمواطنين المصريين الخمسة، كما رفضت النيابة التحقيق في كيفية عثور الشرطة على وثائق ريجيني الخاصة، رغم نفيها العلم بخطفه ومقتله.

 

وسبق وأُلغيت محاكمة غيابية عام 2021 في إيطاليا ضد قتلة ريجيني عند افتتاحها لأن المدعين لم يتمكنوا من إبلاغ المشتبه بهم الأربعة بالإجراءات المتخذة ضدهم. لكن المحكمة الدستورية الإيطالية قضت في سبتمبر الماضي بإمكانية المضي قدما في القضية حتى بدون حضور المشتبه بهم.