يسيطر الحديث عن التوصل إلى اتفاق لهدنة بين إسرائيل وحماس على العديد من الدول والسياسيين ووسائل الإعلام المختلفة، ويبرز التساؤل عن المسؤول عن عرقلة التوصل إلى هذه الهدنة؟ هل هي مطالب حماس، التي وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأنها وهمية؟ أم هو نتانياهو نفسه؟

وتجمع كل التقارير، على أن نتانياهو يبدو في المشهد الحالي، المعرقل الوحيد للوصول إلى اتفاق، في ظل تصريحاته، التي رفض فيها مقترح حماس لاتفاق هدنة، وقال فيها إن "الحرب لن تنتهي إلا بتدمير حماس"، وفقًا لـ"بي بي سي".

 

بين الهدنة والتصعيد

وجاء رفض نتانياهو لمقترح حماس الأخير، خلال مؤتمر صحفي عقده الأربعاء 7 من فبراير، حيث جدد وعيده بتدمير الحركة، وقال إن النصر التام على حماس، هو الحل الوحيد للحرب في غزة، مضيفًا "النصر الكامل وحده هو الذي سيسمح لنا باستعادة الأمن في إسرائيل، في الشمال والجنوب"، مؤكدًا أن إسرائيل لن تقبل شروط حماس الأخيرة، بشأن صفقة بخصوص الرهائن، لكنه لم يستبعد استمرار المفاوضات من أجل التوصل لاتفاق مقبول، لتأمين إطلاق سراح نحو 130 رهينة، محتجزين في قطاع غزة، وفقًا لما ذكرته صحيفة جيروزاليم بوست.

وتعزز تصرفات نتانياهو، بجانب تصريحاته، ما تشير إليه التقارير، من أنه بات العقبة الوحيدة، أمام التوصل إلى اتفاق للهدنة في غزة، إذ أعطى في الوقت نفسه، إشارة لشن عملية برية على مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، والتي يُعتقد أنها الملجأ الأخير لقادة حماس، وهو ما حذرت منه الأمم المتحدة مؤخرًا، إذ قال مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية، الثلاثاء 6 فبراير، إن أي تحرك من إسرائيل لتوسيع عمليتها البرية في غزة، لتشمل مدينة رفح المكتظة بالسكان جنوبي القطاع، قد يفضي إلى "جرائم حرب يجب منعها بأي ثمن".

وكانت وكالة رويترز، قد نقلت عن سامي أبوزهري رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس في الخارج، قوله في معرض الرد على ما قاله نتانياهو "تصريحات نتنياهو هي نوع من المكابرة السياسية، وإنه معني باستمرار الصراع في المنطقة"، وأضاف أبو زهري "رسالتنا للجميع أن الحركة تعاملت بمرونة مع ورقة باريس وهذا من موقع القوة لا الضعف وأن الحركة جاهزة للتعامل مع جميع الخيارات".

 

العقبات الخمس

نشرت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية تقريرًا يؤكد أن هناك 5 عقبات تحول دون توصل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

وأشار كاتب التقرير إغناسيو سمبريرو قبل إيراد العقبات الخمس إلى أن المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين لم تنقطع رغم وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إياها بـ"الوهمية"، وفقًا لـ"الجزيرة".

كما أشار إلى أن هذه المفاوضات مستمرة عبر الوسائل الإلكترونية من خلال وسطاء من مصر والولايات المتحدة وقطر، قائلًا إنه وبعد مرور أكثر من 4 أشهر على بدء الحرب الإسرائيلية عل قطاع غزة فإن إسرائيل لم تحقق بعد أهدافها بالكامل ولا يبدو أنها ستحققها.

وأوضح أن مقترح الاتفاق الذي أعد في باريس ينص في حده الأدنى على هدنة إنسانية على 3 مراحل، تبدأ الفترة الأولى لمدة 3 أسابيع وتستمر في المجمل 135 يومًا، ويتم خلالها إطلاق سراح مجموعة من الأسرى الإسرائيليين البالغ عددهم 132 مقابل إطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين.

وفي ما يلي العقبات الخمس التي أوردها الكاتب ووصفها بأنها عقبات رئيسة:

1 - مجلس الوزراء الإسرائيلي يرى أن عدد من تطالب حماس بإطلاق سراحهم من السجون الإسرائيلية -أي 1500- مبالغ فيه.

2 - تريد حماس أن تؤدي هذه الهدنات الإنسانية المتسلسلة الثلاث إلى وقف نهائي لإطلاق النار. في المقابل، يرفض نتنياهو القيام بذلك لأنه يريد أن يكون له مطلق الحرية في استئناف الهجوم إذا رأى ذلك ضروريًا، وقد أخبر الوسطاء القطريون والمصريون حماس أنه عندما تنتهي هذه الهدنات فإن الضغوط الدولية سوف تجعل من المستحيل تقريبًا على تل أبيب العودة إلى الحرب.

3 - تطالب حماس الجيش الإسرائيلي بالسماح في المرحلة الأولى بالتنقل بحرية داخل غزة وعودة 1.5 مليون مدني إلى الشمال المدمر، وأخيرًا انسحاب الاحتلال من القطاع بأكمله، لكن الحكومة الإسرائيلية مستعدة فقط لسحب جيشها من المراكز الحضرية الرئيسة.

4 - تريد حماس من إسرائيل أن تمنع دخول المستوطنين برفقة قوات الاحتلال إلى ما يسمى "جبل الهيكل" في القدس، مما يعني فعليًا عدم اقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك، حيث سمحت لهم الحكومة الإسرائيلية بهذه الاقتحامات بدءًا من عام 2003.

5 - تطالب حماس أيضًا بفتح جميع حدود غزة لدخول المساعدات الإنسانية عبرها قبل إعادة إعمار القطاع، وهو ما قد يستغرق 3 سنوات على الأقل. من جانبها، ترغب إسرائيل في فرض سيطرتها على ما يدخل غزة برًا لمنع إدخال الأسلحة عبر معبر رفح مع مصر، وبالتوازي مع ذلك سيتعين على تل أبيب والقاهرة الاتفاق على الكيفية التي سيتمكن بها الإسرائيليون من مراقبة الأنفاق بين شبه جزيرة سيناء وغزة.

 

معبر إيريز

وعلق الكاتب بأنه من الممكن إعادة فتح معبر إيريز، وهو المعبر الحدودي بين إسرائيل والقطاع مؤقتًا، ولكن بأي حال من الأحوال لا يمكن لليد العاملة الفلسطينية العودة إلى العمل هناك.

وأشار سمبريرو إلى أن نتنياهو يفضل شن هجوم كبير على رفح وإحراز نصر كامل على إعادة الرهائن، وهو الخيار المفضل لأغلبية حكومته المكونة من وزراء متشددين، ولكن ليس من قبل الرأي العام.

وأضاف أن استطلاعًا للرأي نُشر الأسبوع الماضي كشف أن 51% من الإسرائيليين يعطون الأولوية لإنقاذ الرهائن، في حين يفضل 36% فقط القضاء على حماس.

وقال الكاتب إن نتنياهو لم يحدد متى يجب أن يبدأ الهجوم البري على رفح، وإن رد الفعل الوحيد لحماس هو إعلانها أن أي "عدوان عسكري واسع النطاق" من شأنه أن يضع حدًا فوريًا لأي مفاوضات.