تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للجدار الذي تبنيه مصر من جهتها الحدودية مع قطاع غزة إمعانا في زيادة العوازل بين الحدود الشرقية لسيناء وبين غزة عبر بناء جدار إسمنتي جديد قرب السياج الحدودي الشائك مع قطاع غزة.


ويعتبر الجدار الجديد هو الثالث من نوعه إضافة الى الجدار الذي أقامه المخلوع مبارك في 2009م، والجدار الفولاذي الذي بناه السيسي في العام 2020م بعمق كبير تحت الأرض على طول الخط الحدودي كما أنه يشبه إلى حد كبير الحاجز الذي يقيمه الاحتلال بين مستوطناته وحدود قطاع غزة الشمالية والشرقية ويعمل جدار ضد التهريب..


الصهاينة سبق أن أعلنوا أن الجدار الذي ستبنيه مصر هو بتمويل أمريكي ثم عدلت معاريف الصيغة إلى أنه تمويل خليجي من دولتين وأن سبب تدشينه هو الخوف من تكرار 7 أكتوبر!


وقبل أسابيع كان رئيس الشاباك يجري مباحثات مع القاهرة لإقامة جدار حدودي حول غزة يعالج "سلبيات" محور "فيلادلفيا" (صلاح الدين) الحدودي، كما يراها الاحتلال وناقشه مع واشنطن.


ومول الأمريكيون، عن طريق الخليجيين بناء الجدار الذي سيركز على الأنفاق، ويحاول منع التهريب تحت الأرض بين مدينتي رفح المصرية والفلسطينية، بحسب الإعلام الصهيوني التي أفادت بوجود مشكلة أخرى تتعلق بمستوى الإشراف على معبر رفح البري بين مصر وغزة.


ويخشى مراقبون من الآثار المترتبة على التهجير القسري لسكان غزة كثيرة، بما في ذلك العزلة الدولية، وانهيار اتفاقيات "إبراهيم"، وحتى تجديد الأعمال العدائية مع مصر.

https://twitter.com/Sinaifhr/status/1754171338015506565



طرد أهالي غزة

غير أن من غير الواضح لماذا يبني السيسي الجدار وصدر الأحد 4 فبراير تحليل لمركز أبحاث جيمس تاون الأمريكي إلى أن إسرائيل تسعى إلى إجبار جميع سكان قطاع غزة تقريباً، الذين يبلغ عددهم 2.2 مليون نسمة، على النزوح إلى سيناء!

وقال التحليل إنه أصبح الآن حوالي 1.9 مليون من سكان غزة مشردين، وليس لديهم سوى القليل أو لا شيء ليعودوا إليه عندما تتوقف الحرب المستمرة منذ 4 أشهر.

واقترح مسؤولون صهاينة العديد من الخطط المماثلة لترحيل سكان غزة إلى دول أخرى مثل جمهورية الكونجو الديمقراطية أو مصر، وبرروا ذلك بالإعلان أن رغبة سكان غزة الرئيسية في هذه المرحلة هي تدمير إسرائيل.


حيث قالت تقارير إن حكومة الليكود منخرطة في مفاوضات سرية مع العديد من الدول لقبول النازحين من غزة، وأبرزها جمهورية الكونجو الديمقراطية، وهي دولة تعاني من الأزمات البيئية والتحديات الإنسانية وعدم الاستقرار السياسي والحرب الداخلية المستمرة.


وبحسب التحليل الأمريكي، رفضت "مصر" بشدة مقترحات إعادة توطين سكان غزة في بلادها، واعتبرت أن أي إعادة توطين "طوعية" تتشابه مع التهجير القسري غير القانوني، وعلى وجه الخصوص، ترى القاهرة أن نقل سكان غزة إلى سيناء يشكل خطرًا على السلام بين مصر و"إسرائيل".

وعليه خلص إلى أنه "ما دامت مصر والفلسطينيون في غزة يرفضون فكرة إعادة التوطين، فلن يتسنى تنفيذ الخطة دون عواقب خطيرة على مستقبل الكيان.


مخططات قديمة

ونقل سكان غزة إلى سيناء بشكل متكرر كان ضمن مخططات بدأت في خمسينيات القرن الماضي، لكن سيناء لم تكن المكان الوحيد المطروح لطرد سكان غزة.


وأضاف التحليل أن خطة سرية في 1969 كانت تشجع سكان غزة على الهجرة إلى باراجواي وظهرت الخطة في عام 2020!


ودعت الصفقة، التي تفاوض عليها الموساد مع ديكتاتور باراجواي والمتعاطف مع النازية ألفريدو ستروسنر، إلى انتقال 60 ألف فلسطيني إلى الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية.


وأضافت أنه في النهاية لم يفعل ذلك إلا 30 فلسطينيا، اقتحم اثنان منهم السفارة "الإسرائيلية" وقتلوا سكرتير السفير.


خطط جديدة

وعرضت وزيرة الاستخبارات الصهيونية جيلا جملئيل، الجمعة، الخطوط العريضة لخطة ما بعد الحرب للسيطرة على الحدود بين مصر وغزة.

وأضافت الوزيرة الصهيونية أنه بنهاية الحرب، لن تكون هناك سلطات بلدية في غزة، ولن يكون هناك مصدر عمل، وستتقلص الأراضي الزراعية بنسبة 60%، وسيكون هناك اعتماد كامل على المساعدات الإنسانية، وكل هذه الظروف ستشجع على "الهجرة الطوعية".

وأيدها وزير المالية بتسلئيل سموتريش (من حزب الصهيونية الدينية)، ومعه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (حزب القوة اليهودية) والعديد من أعضاء حزب الليكود في إعادة التوطين الخارجي لسكان غزة واستبدالهم بمستوطنين صهاينة.


وبرر سموتريش الهجرة "الطوعية" بالقول إن "مليوني مواطن [غزي] يستيقظون كل صباح ولديهم رغبة في تدمير دولة "إسرائيل" وذبح اليهود واغتصابهم وقتلهم".


ومع ذلك، فإن هذه الدعوات لا تحظى بدعم واسع في الحكومة الإسرائيلية، حيث وصفها وزيران من حزب الليكود بأنها "غير واقعية" وتضر بسمعة إسرائيل الدولية.


وفي منتصف ديسمبر، قال الحاخام المتطرف عوزي شرباف، وهو عضو مؤسس في الجماعة الإرهابية المحظورة "اليهودية السرية" في مؤتمر في تل أبيب حضره أعضاء الكنيست إن المستوطنات اليهودية يجب أن تعود إلى غزة كجزء من عملية تاريخية. فرصة لتحرير الأراضي التوراتية من سيناء حتى نهر النيل.


6 أكتوبر والعاشر!

 وورد ذكر هذه "الفرصة الفريدة والنادرة لإخلاء قطاع غزة بأكمله" أيضًا في ورقة بحثية بتاريخ 17 أكتوبر أصدرها مسؤولون كبار سابقون في الدفاع والاستخبارات في معهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية.

وبدلاً من سيناء، دعت الخطة إلى إعادة توطين سكان غزة في المساكن القائمة في مدينتي "6 أكتوبر" و"10 رمضان" في مصر، والتي ستشتريها إسرائيل بتكلفة 8 مليارات دولار.


جيورا إيلاند هو لواء متقاعد بجيش الدفاع الصهيوني ورئيس سابق لمجلس الأمن القومي الصهيوني، قارن غزة بألمانيا النازية.


وأعلن في بداية الصراع الحالي أن "إسرائيل بحاجة إلى خلق أزمة إنسانية في غزة، وإجبار عشرات الآلاف أو حتى مئات الآلاف على البحث عن ملجأ في مصر أو الخليج... ستصبح غزة مكانًا لا يمكن أن يوجد فيه أي إنسان". حيث روج آيلاند لنقل السكان من غزة إلى سيناء منذ عام 2004.

ودعت وثيقة مسربة من وزارة المخابرات الصهيونية بتاريخ 13 أكتوبر إلى نقل سكان غزة بشكل دائم إلى سيناء، في البداية إلى مدن الخيام، ثم إلى أماكن إقامة أكثر استقرارا في شبه جزيرة سيناء، مع إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود تمنع عودتهم إلى غزة. وأن الخطوة الأولى ستكون "نقل السكان إلى جنوب غزة" رفح ومحور فلادلفيا..


ورأى التحليل البحثي أن الانقسامات المريرة بدأت في الظهور بالفعل داخل حكومة الحرب "الإسرائيلية" بشأن مصير شعب غزة بعد الحرب.


وزير خارجية السيسي؛ سامح شكري اعتبر الوثيقة المسربة بأنها "اقتراح مثير للسخرية"، مشيراً إلى أن التهجير في حد ذاته "نشاط غير قانوني". منددا بالدعوات المطالبة بالتهجير "الطوعي" ووصفها بأنها "جريمة حرب مكتملة الأركان".


الإعلام الصهيوني سبق وروج لاقتراح بنيامين نتنياهو اقترح على البنك الدولي شطب الديون الخارجية الكبيرة المستحقة على مصر (ما يقدر بنحو 165 مليار دولار) مقابل قبول سكان غزة.


وتضمن الاقتراح بعض المساعدات المالية من دول الخليج الغنية، لكن السلطات المصرية أعلنت بصوت عالٍ رفضها للصفقة وأشار رئيس وزراء السيسي؛ مصطفى مدبولي إلى خطط حكومته لتوطين ثمانية ملايين مصري في سيناء بحلول عام2050 .


وتخشى مصر أن يستخدم سكان غزة الساخطون والمستاؤون سيناء كقاعدة لشن هجمات على "إسرائيل" في انتهاك لاتفاق السلام بين البلدين.


وبدلا من ذلك، اقترح عبد الفتاح السيسي أن تقوم تل ابيب بنقل مليوني مواطن من غزة إلى صحراء النقب من الجانب الصهيوني في جنوب البلاد إلى حين إعادتهم بعد هزيمة حماس.

 

قال مراقبون على منصات التواصل الاجتماعي تعليقا على تزايد صرخات المصريين الغاضبة بشراسة من الانفلات الاقتصادي الذي باتت معه حكومة البلاد غير قادرة على التحكم في أسعار السلع والخدمات بشكل عام مما رفع وتيرة سب قائد الانقلاب علانية في الأسواق وأمام المحلات التجارية وفي ملتقيات كمكاتب البريد والبنوك وأمام ماكينات الصراف الآلي وهو ما ترصده بشكل جيد الأجهزة الأمنية التي بدأت تلجأ إلى تدابير الاعتقال كما يحدث في مدن الجمهورية حاليا.


وأمام هذه الحالة من مصادرة الحريات لم يتبق تقريبًا على الساحة الإعلامية في مصر، سوى منصات التواصل الاجتماعي وعبر الاتصال بالفضائيات المصرية في الخارج بعيدا عن السيطرة الأمنية القوية على المواقع الإخبارية والفضائيات والصحف.