أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة، اليوم الأحد، أن الجيش الإسرائيلي دمر ألف مسجد وعشرات المدافن في القطاع، واغتال أكثر من 100 داعية، خلال حربه المتواصلة منذ 7 أكتوبر الماضي.

وقالت الوزارة، في بيان: "بلغ عدد المساجد التي دُمرت بشكل كلي وجزئي 1000 مسجد من أصل 1200 مسجد، بينها المساجد الأثرية، وتحتاج لإعادة الإعمار بتكلفة 500 مليون دولار تقريبًا".

وأضافت أن "آلة الغدر الصهيونية اغتالت أكثر من 100 داعية، من العلماء والوعاظ والخطباء والأئمة والمؤذنين والمحفّظين". كما "يستمر الاحتلال الصهيوني في تدمير عشرات المقابر ونبش القبور التي انتهكوا حرماتها (...) وسرقوا جثامينها، في تحدٍ واضح للدساتير الدولية والحقوق الإنسانية"، وفقًا للبيان.

وأفادت وزارة الأوقاف، بأن "مقابر الطوارئ الموجودة في محافظات غزة امتلأت ولم يعد هنالك متسع للدفن فيها، أو تعذر الوصول إليها بفعل الجرائم الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، مما اضطرنا إلى دفن شهدائنا في الأرصفة وداخل البيوت والأسواق والمدارس وباحات المستشفيات".

وشددت على أنه "ضمن حربه الدينية، دمر الاحتلال الصهيوني كنيسة الروم الأرثوذكس وعددًا من المقرات الإدارية ولجان الزكاة ومدارس تعليم القرآن الكريم ومقر البنك الوقفي".

الوزارة ختمت بيانها قائلة: "ولهذا كله؛ نستنصر أمتنا العربية والإسلامية والضمائر الإنسانية وكل حر وشريف، أن يقفوا عند مسؤوليتاهم تجاه إخوانهم في قطاع غزة".

 

استهداف روح الأمّة وجسدها

الجيش الإسرائيلي دمّر 380 مسجدا و3 كنائس بغزة يعود بعضها لأكثر من ألف عام

ويرى أستاذ الشريعة الإسلامية الدكتور أحمد الشحروري، أنّ ما أقدم عليه العدوّ الصهيوني من استهدافٍ للمساجد، يلخص حكاية خوف أعداء الإسلام من هذه المساجد، مشددًا في الوقت ذاته على أنّ الحملة الحاقدة على المساجد قديمة، وهي حملةٌ غربيةٌ صليبيةٌ تلموديةٌ بامتياز.

ويلفت الشحروري للقول: إنّ عدونا يعرف دور المسجد، ويعلم أنّ الذي ربى كوادر المقاومة هو المسجد، وعدونا يعلم أن الذي يحافظ على صلوات الجماعة في المسجد هو الذي يحمل همّ أمّته وهو الذي يفهم، والفهم أسوأ سلاحٍ بالنسبة لهم يوجه لصدورهم في حسابهم.

وينوه إلى أنّ “الإمعان في استهداف المساجد بإزالتها وتدميرها هو عملٌ مباشرٌ في تخريب دور المسجد"، وفقًا لـ"المركز الفلسطيني للإعلام".

ويتابع بالقول: لقد سعى أعداؤنا لتدمير دور المسجد في الحياة المدنية، ولذلك كمموا الأفواه ووضعوا القوانين التي تمنع الخطباء من قول ما يريدون وتمنع الواعظ أن يعظ إلا بإذن مسبق من الحكومات والدول، وهي مأمورة من عدوها ولا تملك إلا أن تسمع وتطيع.

ويستدرك: “هذه الخطورة التي حذرنا منها مرارًا ومنذ سنوات ونحن نتحدث عن دور المسجد في النكاية في العدوّ، لذلك يريد العدوّ أن يغلق مساجدنا وأن يجعلها تقتصر على أداء الطقوس الجامدة التي لا روح فيها، وهو اليوم يغلق المسجد حسًا ومعنى، ماديًا ومعنويًا، ويتقصد المسجد كما يتقصد المدرسة كما يتقصد المستشفى".

ويتعمّق الشحروري في قراءته للاستهدافات الصهيونية للرموز السابقة فيقول: هو يتقصد علاج الروح، ويتقصد علاج الجسد، فعلاج الروح يكون في المسجد والمدرسة، وهو هدم المسجد كما هدم المدرسة، وعلاج الجسد يتمثل في المستشفيات فهدم المستشفيات.

ويقول: إنّ العدوّ لا يريد أن يبقي معنى من معاني الحياة المادية أو المعنوية، في عالم هذه الأمة المسلمة، فكيف إذا استيقظت وقامت من قمقمها وتمردت على تعليماته في الحياة المدنية العامّة الآمنة.

 

السر في صناعة روح الإنسان المقاتل

أوقاف غزة: 1000 مسجد من أصل 1200 في القطاع دُمِّرُوا - وكالة قدس برس للأنباء

ويوجه الشحروري رسالة للعدو الصهيوني: افعل ما تشاء، واحرق ما تشاء، واهدم كما تشاء، فإنّ السر ليس في الجدار والسر ليس في الإسمنت والسر ليس في السقف، ولكن السرّ في هذه الأرواح الطاهرة التي تسمو على جدارٍ وبناء، هذه الروح الفاعلة التي لن تستطيعوا قتل فاعليتها ولا جهادها ولا مرابطتها، والسر هنا فافعلوا ما بدى لكم، فإنّ ما بيننا وبينكم الأيام، وإنّ الله غالبٌ على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.

وكان الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة أكد، في آخر كلمة له، أنّ كل ما تملكه المقاومة من أسلحة، “لم تكن تجدي نفعًا أمام الترسانة الأمريكية القذرة التي نواجهها في أيدي مرتزقة الصهاينة في الميدان لولا الصناعة الأهم التي نمتلكها وهي صناعة الإنسان المقاتل، ذلك الفلسطيني المقاوم المجاهد الذي لا تقف قوة في الأرض أمام إرادته وإصراره على مواجهة قاتلي أجداده وآبائه ومدنسي مسراه ومحتلي تراب وطنه".

وتساءل أبو عبيدة: ماذا ستفعل تكنولوجيا الصواريخ والدبابات المحصنة والطائرات الحديثة بأسلحتها الفتاكة أمام قوة إيمان مجاهد يمكث شهرين وأكثر في عقدته الدفاعية منتظرًا القوات المتقدمة، منتظرًا الظفر بعدوه، وتنفيذ مهمته، محتسبًا كل ذلك لله مؤمنًا بعدالة قضيته.

 

أضعف الإيمان نصرة المساجد

حرب غزة: ماذا نعرف عن المساجد والكنائس المدمّرة في القطاع؟ - BBC News عربي

وتطرق أبو عبيدة في كلمته إلى تعمد الاحتلال استهداف المساجد، وتدمير معظمها، ووجه في ذلك رسالة للأمّة العربية والإسلامية.

وقال أبو عبيدة “نرى من واجبنا الجهادي والديني أن نحيط ملياري مسلم في العالم أن العدو الصهيوني وخلال 100 يوم، دمر معظم مساجد قطاع غزة، ودنّس وأحرق وجرّف تلك التي وصلت إليها آلياته على الأرض، وأوقف الأذان والصلاة في حرب دينية واضحة، استكمالًا لما بدأته عصابات الصهيونية الدينية من حرب على المسجد الأقصى".

وشدد على أنّ "أضعف الإيمان على من عجز عن نصرة الدماء البريئة أن ينصر المساجد". ودعا العالم العربي والإسلامي إلى "إقامة صلوات القنوت في كل المساجد ورفع الدعوات بنصر المقاومين".

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الأحد، عن ارتفاع حصيلة الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 25 ألفًا و105 شهداء، و62 ألفًا و681 إصابة، منذ 7 أكتوبر 2023.

وأضافت أنه في اليوم الـ 107 للحرب، "الاحتلال الاسرائيلي يرتكب 15 مجزرة ضد العائلات في قطاع غزة راح ضحيتها 178 شهيدًا و293 إصابة خلال الـ 24 ساعة الماضية".

وأضافت الوزارة أنه "لا زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم".

ومنذ 7 أكتوبر 2023، يشن الجيش الإسرائيلي حربًا مدمرة على غزة خلّفت كارثة إنسانية وصحية، وتسببت في نزوح نحو 1.9 ملايين شخص، أي أكثر من 85 بالمئة من سكان القطاع، بحسب سلطات القطاع والأمم المتحدة.