د. منى الحداد

يقصد بتطييب الخواطر: القيام بمساعدة كل من أصيب بشيء في حياته -ماديًا أو معنويًا- والعمل على التخفيف عنه من همّه وشدّته، والسعي لحلّها، والتفريج عنه. ومن أمثلة ذلك: المواساة عند فقد حبيب أو عزيز، والاعتذار للآخرين عند الخطأ؛ لأن الإنسان يَرِدُ عليه الخطأ في تعامله مع الناس؛ وكفارته الاعتذار، وتبادل الهدايا، وقضاء الحوائج، ومراعاة النفسيات، ومخاطبة الناس على قدر عقولهم.

وبالمعنى الذي يشتمله جبر الخاطر وصفه الله تعالى:

(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران/159.

 

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ...  رواه مسلم.

 

لماذا تطييب الخواطِر؟

١/ لأنها عبادة وطاعة لله تعالى، عبادة غائبة عن المجتمع في زمن كثرت فيه الأنانية والاهتمام بالذات ونسيان الآخرين، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».

 

٢/ تأليفًا للقلوب، وتوحيدًا للصفوف، واصطفافًا على طريق الحق والخير.

لأنّ الأمّة لا تتحمّل التفرق والتشرذم الواقع الآن، وهي أحوج ما تكون إلى ما يؤلّف الأفئدة.

 

لأنّ في زماننا قد تعقّدت ظروف الناس، فكثرت الديون، وزادت الهموم، وانتشرت المآسي، فنحن بحاجة إلى نشر هذا الخلق بين الناس.

 

 ٣/ لنيل معية الله تعالى في الدنيا والآخرة؛ ففي الحديث: «مَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ». وعند مسلم: «وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ». ولذا يقول بعضهم: «من مشى في حاجة أخيه جبرًا للخاطر، نال معية الله في المخاطِر».