اعتبر المحلل العسكري الإسرائيلي عاموس هارئيل، أن ثمن إطلاق الأسرى الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية هو اعتراف حكومة تل أبيب بالفشل في حربها على قطاع غزة.

جاء ذلك في مقال للمحلل البارز بصحفية "هآرتس" الاثنين الماضي، غداة إعلان أبو عبيدة، متحدث "كتائب القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس"، مساء الأحد، أن مصير العديد من الأسرى في غزة "بات مجهولًا خلال الأسابيع الأخيرة"، مرجحًا مقتل عدد منهم مؤخرًا.

وقال هارئيل: "خلافًا لما قد يتصوره المرء من بعض التقارير الإعلامية، لا يوجد حتى الآن أي اقتراح ملموس على الطاولة لعقد صفقة أخرى لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لدى حماس".

وأضاف: "حتى الآن هناك مجرد أفكار طرحها الوسطاء القطريون والمصريون بدعم أمريكي"، معتبرًا أن "مطالب حماس في الجولة الحالية من المحادثات عالية جدًا".

وتابع: "هذا ليس فقط لأنها تطالب بصيغة (الكل مقابل الكل)، أي إطلاق سراح جميع الرهائن مقابل جميع السجناء الفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل".

وترعى مصر وقطر إلى جانب الولايات المتحدة، جهودًا للتوصل إلى هدنة مؤقتة ثانية في غزة، بعد الأولى التي انتهت مطلع ديسمبر 2023 واستمرت 7 أيام.

وبحسب هارئيل فإن "حماس تسعى أيضًا إلى الحصول على شيئين آخرين مترابطين: وقف طويل الأمد لإطلاق النار، والالتزام بعدم تعرض قادتها للأذى".

لكنه استدرك قائلًا إن موافقة إسرائيل على مثل هذه الصفقة "ستعني نهاية الحرب بشكلها الحالي".

وأردف: "الموافقة تشكل اعترافًا من الحكومة والجيش بأنهما فشلا مرتين: في بداية الحرب، وفي تحقيق الأهداف الطموح التي وضعاها لأنفسهما بعد بدايتها، وهي هزيمة حماس وتفكيك قدراتها".

وأشار إلى أن "بعض كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين يقولون إن إسرائيل ليس لديها خيار آخر، لأن هذه الأهداف تتعارض مع هدف إطلاق سراح جميع الرهائن، وهذا هو الهدف الوحيد الذي يمكن تحقيقه حقًا في الوقت الحالي".

 

"انتصار حماس في الحرب"

وتحدث هارئيل عن أن الفشل الذريع الذي منيت به إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، يُلزمها أخلاقيا بـ"تحرير الأسرى، حتى لو كان ذلك على حساب الاعتراف بالفشل".

وتابع: "ما يعني عمليًا قبول انتصار حماس في الحرب، ولو أن ذلك سيكون مؤقتًا فقط".

وأكد أنه "بالنسبة لحماس، لم يعد الهدف تهدئة مؤقتة، بل البدء في طريق ينتهي إلى وقف إطلاق النار الذي يضمن بقاء حكمها ويحمي كبار مسؤوليها من الأذى".

وتابع: "سيجد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صعوبة بالغة في قبول مثل هذه الصفقة: أولًا، لأنه إلى جانب الاعتراف بالفشل في الحرب، فإن ذلك سيتضمن تنازلًا غير مسبوق فيما يتعلق بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين".

وأوضح أن السبب الثاني هو أنه من "شبه المؤكد أن يؤدي ذلك إلى انهيار ائتلافه الحاكم بسبب رحيل شريكيه المتطرفين، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش، وحزبيهما".

وأردف: "في الوقت الحالي، يتجنب نتنياهو اتخاذ القرار ويلعب على كسب الوقت، فمن ناحية ينثر كل يوم أو يومين وعودًا فارغة حول مواصلة الحرب حتى النصر".

"ومن ناحية أخرى، فهو يرسل أجوبة غامضة لحماس عبر الوسطاء، مما يخلق الانطباع بأن هناك مفاوضات دون تقدم حقيقي نحو التوصل إلى اتفاق"، وفق المحلل العسكري.

وفي السياق، أشار هارئيل إلى أنه "في الأيام القليلة الماضية، تجددت الحملة العامة من أجل إطلاق سراح الرهائن في إسرائيل وخارجها. يبدو أن هذا نابع من إدراك أن الرهائن ليس لديهم الوقت".

وذكر بهذا الصدد أن "عدد المؤيدين لصفقة الكل مقابل الكل (جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل جميع الأسرى الفلسطينيين)، يفوق عدد المعارضين قليلا".

وأردف: "يبدو من غير المرجح أن يغير هذا رأي نتنياهو، لكن المعضلة ستصل قريبًا إلى عتبة شركائه المؤقتين في الحكومة ومجلس الوزراء، الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت".

ولفت إلى أنه "في وقت قريب، وربما حتى في الأسابيع القليلة المقبلة، قد يضطر الاثنان إلى اتخاذ قرار بشأن سحب حزب الوحدة الوطنية من الائتلاف، رغم الخطر الواضح المتمثل في أن ذلك يزيد من نفوذ اليمين المتطرف على قرارات الحكومة".

وختم قائلًا: "الإدارة الأمريكية على حق، فالحرب في غزة عالقة إلى حد كبير، والدليل على ذلك يمكن العثور عليه في البيانات الصحفية اليومية التي تلخص أحداث اليوم السابق والتي يرسلها متحدث الجيش الإسرائيلي إلى جميع الصحف".

 

إحصاءات عن الأسرى الإسرائيليين

وبحسب إحصاءات إسرائيلية، أسرت "حماس" نحو 239 شخصًا خلال هجومها على مستوطنات محاذية لقطاع غزة في 7 أكتوبر، بادلت عشرات منهم خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام (حتى 1 ديسمبر الماضي) مع إسرائيل، التي تحتجز في سجونها نحو 8000 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.

وتقدر إسرائيل وجود نحو "137 رهينة ما زالوا محتجزين في قطاع غزة"، وفق تقارير إعلامية متطابقة، وتصريحات مسؤولين إسرائيليين.

وتربط "حماس" التفاوض على الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها، بـ"وقف كامل للحرب على قطاع غزة"، وهو ما ترفضه تل أبيب.

وأدى اغتيال إسرائيل صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" و6 من كوادرها، في غارة جوية بالضاحية الجنوبية لبيروت يوم 2 يناير الجاري، إلى تعقيد مسار المفاوضات المحتملة.

والأحد، قال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة "جارية وتمر بتحديات ومقتل أحد كبار قادة حركة حماس الفلسطينية (صالح العاروري)، يمكن أن يؤثر عليها، لكننا نستمر في النقاشات مع كافة الأطراف للتوصل لاتفاق في أقرب وقت ممكن".

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، الثلاثاء، ارتفاع عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى "24 ألفًا و285 شهيدًا و61 ألفًا و154 مصابًا"، منذ 7 أكتوبر الماضي.

جاء ذلك في بيان للوزارة عبر منصة تليجرام، للكشف عن آخر إحصائيات "اليوم الـ 102 للعدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة".

وخلّفت الحرب الإسرائيلية المدمرة ضد قطاع غزة "كارثة إنسانية غير مسبوقة" وتسببت بنزوح أكثر من 85 بالمئة من سكان القطاع خلال 3 أشهر، وهو ما يعادل 1.9 ملايين شخص، وفق بيانات صادرة عن السلطات الفلسطينية والأمم المتحدة.