كشفت وثائق وبيانات لمعركة طوفان الأقصى عرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الصحافة، “مستوى من التفاصيل والإعداد” فاجأ المحللين العسكريين الإسرائيليين.

وأوضح ضابط في الاستخبارات الإسرائيلية أن هواتف وأجهزة كمبيوتر محمولة ونظام “جي بي إس” لتحديد المواقع وكاميرات “غوبرو” وأجهزة اتصال لاسلكية وخرائط ووثائق وكتيبات “تظهر سنوات من التحضير لمهاجمة كيبوتسات وقواعد عسكرية. إنها خطة لمعركة”.

ومن أجل الغوص في الوثائق المكتوبة باللغة العربية وفك رموز ملايين البيانات الإلكترونية، أعادت إسرائيل تفعيل وحدة تسمى “عمشات” (اختصار لقسم استعادة الوثائق والمعدات التقنية للعدو).

وأسست هذه الوحدة المرتبطة بالاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عقب حرب عام 1973.

وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” في الأول من ديسمبر/كانون الأول أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية حصلت على وثيقة قبل أكثر من عام من الهجوم تفصّل عملية مماثلة لتلك التي نفّذت في 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكن الاستخبارات اعتبرت أنه سيناريو “خيالي”.

ومن خلال تحليل البيانات التي جمعت بعد 7 أكتوبر، قال الضابط الإسرائيلي لصحفيين “أكثر ما فاجأني هو مستوى التفاصيل والإعداد” لهذه العملية.

 

دليل الأسر

اكتشفت في أجهزة كمبيوتر خطط تكتيكية مفصلة شملت لائحة أهداف وأسماء الوحدات المشاركة وأعضائها ومهمة كل واحدة منها مع التفاصيل العملياتية والتوقيت الدقيق وقائمة الأسلحة المطلوبة.

وعثر أيضا على رسم يدوي تفصيلي لمستوطنة ناحل عوز التي دخلتها حماس يوم الهجوم، وعثر في حوزة شهداء من حماس على صور دقيقة بالأقمار الاصطناعية للكيبوتسات التي تعرضت للهجوم.

وقال الضابط “فيما يخص القاعدة العسكرية (ناحال عوز)، لا نعرف. لكنها (المعلومات) لا تأتي من مصدر مفتوح” خصوصا أن كل ما عثر عليه يظهر أن “جزءا من التدريب ركّز على طريقة أخذ رهائن. وتظهر وثائق ما يجب القيام به وطريقة التعامل معهم”، كما أوضح ضابط آخر في الاستخبارات الإسرائيلية.

واكتشفت أيضا مع شهداء من حماس “قائمة مرجعية” لطريقة أخذ رهائن و”دليل محادثة” مع الرهائن.

وتشمل “القائمة المرجعية” و”دليل المحادثة” أمورا مثل “عصب العينين وتربيط اليدين وتجهيز غرفة الأسر وتفتيش ملابس الأسرى”، ومفردات بالعبرية ومرادفها بالعربية للتحدث إلى الأسرى مثل “لا تتحرك، وارفع يديك، واسكت، وامش بسرعة”.

 

ما يثير الاهتمام

كذلك، عثر على وثائق لا علاقة لها بالعملية، وبعضها له قيمة عسكرية عالية.

وقال الضابط الثاني “بعض مقاتلي حماس لم يتم إبلاغهم بأي شيء ولم يعرفوا ما الذي سيحدث. ودخل كثر إلى إسرائيل ومعهم أشياء لا علاقة لها بالهجوم. استخدم بعضهم سيارات كانوا يستخدمونها بشكل يومي” حاملين معهم معلومات قيمة.

وهكذا عثر على خريطة تفصيلية لجنوب غزة تحدد منشآت عسكرية لحماس، وفقا له.

وقالت “عمشات” إنها حصلت أيضا على صور لأنفاق في غزة عرضتها للصحفيين وتظهر ممرات معززة بالإسمنت والمعدن، واسعة ومرتفعة بشكل يتّسع لسيارة، معربة عن عدم رغبتها في كشف مصدرها.

وقال الضابط الأول إنها أنفاق “عميقة جدا” مشيرا إلى أن “غزة كلها عبارة عن أنفاق متداخلة” و”لن أفاجأ إذا كان هناك أكثر من 500 كيلومتر من الأنفاق”. وتابع “تخيلوا عدد الرهائن الذين يمكن وضعهم في الداخل ثم نقلهم”.

ولفت إلى أنه في هذا الكم الهائل من المعلومات التي حصل عليها “هناك أمور كنا نعرفها وأخرى جديدة. يعطوننا كميات منها وعلينا أن نجد ما يثير الاهتمام”.

وتشنّ إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حربا مدمّرة على قطاع غزة، خلّفت حتى عصر أمس الاثنين، نحو 16 ألف شهيد، وأكثر من 42 ألف جريح، إضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة.