"سواء كان ذلك نتيجة للغطرسة أو لشيء آخر، فقد استخفت إسرائيل بشدة بقدرات حماس ونواياها العملياتية، معتقدة أن الحركة كانت راضية بأن تكون على الهامش، حتى عندما كانت جماعات أخرى مثل حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين تشن الهجوم"، هكذا بدأ موقع "المونيتور" تحليله الذي أشار به إلى قوة حركة المقاومة التخطيطية.

وقال الموقع في التحليل الذي كتبه "كولن بي كلارك": "في أعقاب هجوم حماس المدمر ضد إسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي، شعر محللو مكافحة الإرهاب وصانعو السياسات في جميع أنحاء العالم بالحيرة بشأن الكيفية التي يمكن بها لأجهزة المخابرات الإسرائيلية المتبجحة أن تفشل في هذه المؤامرة المعقدة".

وأضاف: "وحتى عندما تدرب مقاتلو حماس لأسابيع على حدود إسرائيل مع غزة، تشبث الإسرائيليون بمفاهيم مسبقة مفادها أن التدريبات العسكرية كانت مجرد مواقف وأن حماس كانت أكثر اهتمامًا بالتنمية الاقتصادية. ومما لا يصدق أن هذا ظل هو الحال حتى عندما قامت حماس ببناء مستوطنات إسرائيلية وهمية للتدريب على الغارات".

ومن خلال فشلهم في التشكيك في افتراضاتهم السابقة، اعتقد مسؤولو الاحتلال والقادة العسكريون أن حماس كانت راضية بأن تكون على الهامش. 

بالنسبة للجزء الأكبر، ظلت حماس هادئة منذ اتفاق وقف إطلاق النار في مايو 2021 بوساطة مصرية. كان الهجوم بمثابة مناورة مشتركة للأسلحة، حيث تم إطلاق آلاف الصواريخ والتسلل عن طريق البر، وحتى مقاتلي حماس على طائرات شراعية آلية. وتداخلت أجهزة تشويش مع أجهزة الاتصالات الإسرائيلية على الحدود.

من المؤكد أن هناك عوامل مهمة أخرى، وخاصة الاضطرابات السياسية الداخلية الشديدة التي تحيط بالكيات الإسرائيلي، حيث خرج آلاف الإسرائيليين إلى الشوارع للاحتجاج على محاولة رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" السيطرة على السلطة القضائية. وتحدث الجنود وجنود الاحتياط المتقاعدون في جيش الدفاع الإسرائيلي بصراحة عن مدى تأثير عدم الاستقرار السياسي في إسرائيل على الاستعداد العسكري.

ولفت التحليل إلى أن زمن الرد العسكري الإسرائيلي الذي وصل إلى 10 ساعات على هجوم حماس هو دليل على أن ضعف الاستعداد العسكري. وعلى نحو متصل، قامت القوات الإسرائيلية بنقل الموارد من غزة إلى الضفة الغربية للتعامل مع تصاعد العنف في مدن مثل جنين وأريحا، حيث اشتبك الفلسطينيون مع المستوطنين الإسرائيليين وزادت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين عملياتها.

 بشكل عام، أصبح من الواضح الآن أن إسرائيل كانت مفرطة في الرضا عن براعتها التكنولوجية، معتقدة أن مزيجًا من التكنولوجيا والحواجز المادية يغني عن الحاجة إلى القوى العاملة. لقد أعطت تكنولوجيا مراقبة الحدود للجيش الإسرائيلي شعوراً زائفاً بالأمان، وعندما هاجمت حماس مراكز الاتصالات الإسرائيلية بطائرات مُسيرة، مما أدى إلى تعطيلها، لم يكن لدى الجنود الإسرائيليين أي وسيلة للتواصل مع بعضهم البعض. وكما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، فقد شملت العديد من عمليات المراقبة الرئيسية الأخرى الفشل في مراقبة اتصالات حماس وتجميع القادة العسكريين في قاعدة حدودية واحدة.

ويؤى التحليل أن الهجوم أظهر القدرات المتزايدة لحماس، حتى في الأمن السيبراني. وبسبب قوة إسرائيل في تجنيد مصادر بشرية داخل الجماعات الفلسطينية المسلحة، ظل العديد من قادة حماس غير مطلعين على الخطة، حتى أثناء تدريب أعضائهم. وعليه، لم يتم تسريب تفاصيل العملية.

وفي مقال نشر مؤخرًا على مدونة "Lawfare" الأمريكية، عرض خبير الإرهاب "دانييل بايمان" سلسلة من العوامل المرتبطة بفشل الاستخبارات الإسرائيلية، بما في ذلك التقييم الضعيف لقدرات حماس ونوايا حماس وسوء فهم لسياسات إسرائيل والمبالغة في تقدير فعالية الأجهزة الأمنية الإسرائيلية واحتمال عدم الرغبة في الاستجابة للتحذيرات الاستخباراتية.

وتابع التحليل: "وسواء كان ذلك نتيجة للغطرسة أو لشيء أكثر دنيوية، فقد قللت إسرائيل بشدة من قدرات حماس ونواياها العملياتية. ومع ذلك، على مدى السنوات القليلة الماضية، عملت حماس بشكل وثيق مع عناصر من حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني للتدريب على أنظمة الأسلحة المتطورة". 

وفي هذه المرحلة، يستعد الإسرائيليون لتوغل بري محتمل في غزة؛ حيث يمثل القتال في المناطق الحضرية دائمًا تحديًا هائلاً، حتى بالنسبة للجيوش الأكثر قدرة. ويتفاقم هذا التحدي بسبب وجود عشرات الرهائن في جميع أنحاء غزة. ومن المرجح أن يشعر الإسرائيليون بالقلق إزاء الأمور الأخرى التي ربما تكون أجهزة استخباراتهم قد فاتتها، مثل الاستعدادات المكثفة التي تجريها حماس لاستدراج قوات الدفاع الإسرائيلية إلى غزة قبل شن الكمائن وتفجير الأجهزة المتفجرة المرتجلة، وهي السمات المميزة لحرب العصابات.

وختم التخليل: "إذا شنت إسرائيل غزوًا بريًا واسع النطاق، فقد تجر جهات فاعلة أخرى إلى المعركة، بما في ذلك حزب الله على الجبهة الشمالية. وإذا حدث هذا فإن الصراع في غزة ينطوي على احتمالات خطيرة للتصعيد إلى حريق يشمل المنطقة بالكامل، مما قد يجر إليه إيران، وربما الولايات المتحدة. وفي ظل القليل من المناقشات حول المبادرات الدبلوماسية الجادة، فقد يصبح الشرق الأوسط على شفا حرب دموية أخرى بلا نهاية في الأفق".

https://www.al-monitor.com/originals/2023/10/israels-intelligence-blunder-gaza-misreading-hamas-abilities-intentions