تمكن مظليون تابعون لكتائب "عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس" الفلسطينية من اقتحام مواقع عسكرية إسرائيلية خلال عملية "طوفان الأقصى"، التي أطلقتها الحركة ضد إسرائيل، فجر السبت الماضي.

وتعتمد عمليات الإنزال المظلي على امتلاك طائرات يقفز منها الجنود باتجاه الأرض مستخدمين مظلات تمكنهم من الهبوط في المواقع المحددة بأمان.

ولأن حركة "حماس" لا تمتلك طائرات عسكرية، فقد استخدمت وسائل أخرى ظهرت في إحدى الفيديوهات التي نشرتها عن عملية "طوفان الأقصى"، وهي المظلات التي تعمل بالطاقة "باورد باراشوت" أو (بي بي سي)، وتعرف اختصارًا بـ"مظلات الطاقة".

وظهر عناصر "حماس" لحظة انطلاقهم على متن مركبة صغيرة بـ3 إطارات (تشبه عربة التسوق)، معلقة في مظلة، كما تم رصد لحظة الهبوط داخل موقع عسكري إسرائيلي وعلى متن كل منها فردان، بينما ظهرت في فيديو آخر متداول خلال تحليقها في الجو، خلال عملية "طوفان الأقصى".

 

ما هي "مظلات الطاقة"؟

"مظلات الطاقة" هي نوع من المظلات التي تجمع بين ميزة المظلة التقليدية، التي يتم استخدامها للهبوط من الطائرات العسكرية، وقوة الدفع التي توفرها محركات تعمل بالطاقة، لمنحها القدرة على الانطلاق من الأرض واتخاذ مسارات محددة بقوة دفع يمكن التحكم بها بواسطة المظلي الذي يستخدمها، حسبما ذكر موقع "إيزي فلايت"، الذي أوضح أنها أشبه بطائرة مخصصة لنقل فرد أو اثنين.

ولفت الموقع إلى أن المظلة تحل محل الجناحين في الطائرات التقليدية، بينما يتم تزويد المركبة المعلقة بها بمحرك ومروحة خلفية لمنحها قوة الدفع اللازمة.

وأوضح الموقع أن "مظلة الطاقة" يمكنها الانطلاق بسرعة تتراوح بين 40 و60 كيلومترا في الساعة، مع قدرتها على الوصول لارتفاعات تتجاوز 5700 متر، فوق سطح البحر.

 

صقور القسام والتكلفة بسيطة

استطاع صقور القسام والمظليون التابعون لكتائبه من التدريب الجيد على تقنيات الطيران المظلي؛ ليصلوا إلى هذه الاحترافية التي أبدوها في عملية طوفان الأقصى.

وتتمتع تقنيات الطيران المظلي بمحرك بنسب انزلاق وسرعات أفضل، بخلاف أنها تطير على ارتفاعات منخفضة نسبيًا ما يعزز قدرتها على التخفي، والأهم أنه يمكن إطفاء محركها خلال الطيران لخفض الضوضاء تمامًا، وفقط يستعين قائد الرحلة بدفع الرياح مثل أي مظلة من هذا النوع، ما يزيد القدرة على التخفي، ويناسب العمليات المباغتة من هذا النوع، وفقًا لـ"الجزيرة".

وبالطبع هناك مزايا أخرى تجعل من الطيران المظلي بمحرك مناسبًا جدًا للفلسطينيين، وعلى رأسها التكلفة المنخفضة، فما تنفقه طائرة هليكوبتر في ساعة واحدة يساوي 300-400 ضعف ما تنفقه مظلات من هذا النوع في ساعة واحدة، هذا إلى جانب سهولة وانخفاض تكلفة الصيانة، وسهولة استبدال قطع الغيار، وكذلك انخفاض تكاليف استهلاك الوقود.

وهناك ثلاثة أنواع من المحرك الخاص بهذه التقنية في الطيران، في أحدها يكون المحرك على الظهر ويقودها شخص واحد فقط، وفي أنواع أخرى يمكن أن ترفق معها عربات ثلاثية أو رباعية العجلات، وفي هذه الحالة تبلغ سعة الوقود عادة 10 لترات، مما يسمح بأقصى زمن طيران يبلغ نحو 3 ساعات.

وعمومًا فإن هذه التقنية تحتفظ بطيران مستقل بلا حاجة إلى التدخل لمدة تتراوح بين 3-5 ساعات. وحسب ما رأيناه في المقاطع التي بثتها حماس، فإن الفلسطينيين قد استخدموا تشكيلة متنوعة من هذه المظلات الطائرة، حيث يمكن أن تميز تلك التي يقودها رجل واحد بمحرك على ظهره، وذات الثلاث والأربع عجلات أيضًا.

واعتمادًا على قوة المحرك يتحدد الوزن الذي يمكن أن تحمله المظلات من هذا النوع، لكن يتراوح التحميل النموذجي بين 100-200 كجم، ويمكن أن يزيد على 1000 كيلوجرام في حالات خاصة. وعند استخدام محرك مناسب، فإن الجندي الذي يطير بالمظلة يمكنه أداء عدة مهام معًا، فيلتقط صورًا فوتوغرافية أو مقاطع فيديو، ويمكن أن يُسقط طردًا أو قنبلة، ويمكن أن يطلق النار.

 

حينما تخدمك الفيزياء

جناح المظلات من هذا النوع عبارة عن هيكل قماشي مرن له شكل محدب، مما يعني أن السطح العلوي منحنٍ أكثر من السطح السفلي. يتسبب شكل الجناح هذا في تدفق الهواء بشكل أسرع على السطح العلوي منه على السطح السفلي، مما يخلق فرقًا في الضغط ينتج عنه قوة رفع للأعلى هي ما تدفع الهيكل للطيران.

تتناسب قوة الرفع مع زاوية الهجوم، وهي الزاوية بين جسم المظلة والرياح، كلما ازدادت قيمة زاوية الهجوم فإن ذلك يعني المزيد من الرفع، ولكن أيضًا المزيد من المقاومة، وهي القوة التي تعارض حركة الجناح عبر الهواء، تقلل المقاومة من كفاءة الجناح وتحد من سرعته القصوى.

يوفر المحرك المدمج في المظلة قوة دفع لعدة أغراض، فهو يدفع الإقلاع من على الأرض ويحافظ على الطيران مستمرًا، كما يسمح المحرك للطيار بالتحكم في سرعة واتجاه الرحلة. في هذا النوع من المظلات تُربط حلقات يمسكها القائد في يديه وتُثبَّت بالحافة الخلفية للجناح.

من خلال سحب أحد المفاتيح أكثر من الآخر، يمكن للطيار أن ينعطف يسارًا أو يمينًا، ومن خلال سحب كلا المفتاحين، يمكن للطيار زيادة زاوية الهجوم وإبطاء السرعة أو النزول، ومن خلال تحرير كلا المفتاحين، يمكن للطيار تقليل زاوية الهجوم والإسراع.

عادة ما تطير المظلات من هذا النوع بسرعة تتراوح بين 24-80 كيلومترًا في الساعة على ارتفاعات يمكن أن تصل إلى 5000 متر.

 

السيادة الجوية

وقال الخبير العسكري، العميد سمير راغب، إن استخدام الفلسطينيين لـ "الخفاش الطائر" وطائرات "الدرون"، مكنهم من تحقيق السيادة الجوية لساعات والوصول على عمق كبير داخل الغلاف دون أي اعتراض من الجانب الإسرائيلي.

ولفت الخبير العسكري إلى أن "الخفاش الطائر" يستخدم في العمليات التكتيكية بعمق قد يصل إلى 50 كيلومترًا، لكنه أوضح أن عملية رصده بالعين المجردة ممكنة، وفقًا لـ"سبوتنيك".

وتابع: "هذا الأمر الذي يطرح تساؤلات بشأن وصوله دون اعتراض للمناطق المحددة من قبل الفلسطينيين".

وفجر السبت 7 من أكتوبر، أعلن القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام، محمد الضيف، عن إطلاق كتائب القسام لعملية عسكرية غير مسبوقة ضد الكيان الصهيوني باسم "طوفان الأقصى". وقال الضيف، إن هذه العملية ردًا على جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين واقتحاماته المتكررة للمسجد الأٌقصى.

فيما أعلن الجيش الصهيوني بدء عملية “سيوف حديدية” ضد قطاع غزة، ويواصل شن غارات مكثفة لليوم الخامس تواليًا على مناطق عديدة في قطاع غزة، الذي يسكنه 2.2 مليوني فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة، جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ 2006

ومنذ بدء العملية وبحسب بيان وزارة الصحة الفلسطينية، فقد بلغ إجمالي ما وصل لمستشفيات قطاع غزة حتى اللحظة جراء العدوان 1055 شهيدًا و5184 جريحًا بإصابات مختلفة.

وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، اليوم الأربعاء، أن أكثر من 263 ألف شخص في قطاع غزة قد نزحوا من منازلهم، جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ خمسة أيام، والعدد مرشح للارتفاع.

وأعلنت وسائل إعلام الاحتلال أن أكثر من 1200 إسرائيلي قتلوا في العملية التي نفذتها حركة حماس في غلاف غزة، إضافة إلى أكثر من 3000 جريح بينهم 340 حالتهم خطرة، و23 موت سريري، في حين تشير التقديرات لوجود عشرات الأسرى، ومئات المفقودين.