ابتكر شباب من الضفة الغربية المحتلة نوعا جديدا من المقاومة اسمها المقاومة بالصور، فعلقوا صورة الشهيد المهندس إسماعيل أبو شنب، رغم مرور 20 عاما على اغتياله، على أحد الجدران التي بناها الاحتلال كعازل بين البلدات والقرى الفلسطينية.
ويوافق اليوم، 21 أغسطس، الذكرى العشرين لاغتيال طائرات الاحتلال عضو المكتب السياسي لحركة حماس المهندس إسماعيل أبو شنب في 2003 باستهداف سيارته بعدة صواريخ، ما أدى إلى استشهاده واثنين من مرافقيه، هما الشهيد مؤمن بارود والشهيد هانى أبو العمرين، وإصابة 19 فلسطينيا آخرين.
والمُهندس الشّهيد القائد إسماعيل أبو شنب، رفيق الشهداء صلاح شحادة، أحمد ياسين، عبد العزيز الرنتيسي، وأحمد الجعبري، تميَز بعقليته المتزنة الواضحة، كان قائدًا محنكًا، سياسيًا مثقفًا، رمزًا وطنيًا، قتل اثر استهداف مركبة يستقلها بخمسة صواريخ صهيونية.
يقول عنه مدير عام المؤسسة الفلسطينية للإعلام إبراهيم المدهون عبر "تويتر": "رحم الله القائد إسماعيل أبو شنب أبو الحسن، رجل الفكر والسياسة والإستراتيجية، أسس "مركز أبحاث المستقبل" الذي تشرفت بالعمل به وإدارته بعد ذلك، وكان نواة بحث وتفكير.".
وأضاف أن "الأخ أبو الحسن (كنية إسماعيل أبو شنب) من رموز الحركة الاتقياء، هادئ متوازن وصاحب قرار، أثر في دوائرها ونخبها".
وتابع في تغريدة تالية "فقد الشهيد إسماعيل أبو شنب موجع جدا، في ظل حملة الاغتيالات التي لم تستثني أحدا من بناة الحركة وقادتها، فمنهم من قضى نحبه وتشرف بالشهادة، ومنهم من أنجاه الله وينتظر في طريق الجادة والدعوة والجهاد. وما زالت التهديدات الصهيونية تطال قيادتنا في الداخل والخارج".
دور في الانتفاضة
ولعب إسماعيل أبو شنب دورا قياديا منذ انطلاق الانتفاضة الأولى، وعينه الشيخ أحمد ياسين نائبًا له، وكلفه بالمسؤولية التنظيمية عن قطاع غزة للقيام بمهمة تفعيل أحداث الانتفاضة فيها، فلعب دورا مميزا في تفعيل الانتفاضة وتطوير أساليبها، ونظم الأجهزة المتعددة لحركة حماس ورتبها وحدد اختصاصاتها.
في بداية عمله الدعوي تعرف المهندس على الشيخ المؤسس أحمد ياسين، وكان يداوم على حضور خطبه ومحاضراته الدينية والوطنية، حتى نمت بينهما علاقة تنظيمية، وعمل بشكل مشترك مع الشيخ على إيقاد شعلة انتفاضة الحجارة عام 1987م، وإطلاق جذوة العمل العسكري ضد الاحتلال ليترأس اللجنة السياسية لحركة "حماس" والتي كانت المسؤولة عن إصدار بيانات الحركة ومنشوراتها.
كما أنه من مؤسسي الجمعية الإسلامية في غزة عام 1976، التي واكبت ظهور "المجتمع الإسلامي" قبل أن تفرز المؤسستان حـركة "حماس" عام 1987.
وفي الحادي والثلاثين من مايو عام 1989م، اعتقل الاحتلال القائد أبو شنب بتهمة اتصاله بالخلية العسكرية التابعة لكتائب القسام التي خطفت الجندي الإسرائيلي إيلان سعدون وقتلته في مايو 1989م، وحُكم عليه بالسجن الفعلي لثماني سنوات، أمضى منها سنتين في العزل الانفرادي، والباقي في سجن عسقلان حتى خرج من السجن عام 1997م.
وخضع لتحقيق قاسٍ. وأخضع للتعذيب من قبل سلطات الاحتلال في سجن الرملة، وتمَّ عزله في زنازين انفرادية لمدة 17 شهرا.
وبعد انتهاء فترة العزل أصبح ممثلا للمعتقلين في الرملة، وشكّل داخل المعتقل قيادة حركة حماس، وذلك بعد انتقاله من سجن الرملة ثم سجن عسقلان الذي نقل إليه حتى انتهاء محكوميته.
وفي عام 1990 شكّل داخل المعتقل قيادة حركة حماس، وأفرج عنه عام 1997، ليلعب دورا مميزا كقائد سياسي في الحركة، حيث مثلها في الكثير من اللقاءات.
وكان اجتماعياً محبوباً بين الفلسطينيين الذين بكوه بحُرقة بعد إعلان استشهاده، كونه يمتلك شخصية قوية متوازنة مزج من خلالها بين الناحيتين الانسانية والسياسية، حتى أطلقت عليه حركة حماس لقب "صمام الأمان".
مولده في النصيرات
ولد إسماعيل أبو شنب "أبو حسن" عام 1950 في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة.
وذلك بعد عامين من هجرة عائلته من قرية "الجيّة"، حيث استقرت أسرته في نفس المخيم، وكما أبناء فلسطين الذين هُجّروا من ديارهم في نكبة عام 1948، فالمخيم هو عالمهم، والفقر هو القاسم المشترك الذي يجمعهم.
كان والده "حسن" أميا ولكنه كان يستطيع قراءة القرآن الكريم حريص على تعليم أبنائه وخاصة القرآن الكريم. قضى معظم دراسته الابتدائية في مدرسة وكالة الغوث في النصيرات، ما بين عامي 1956 و 1961 حيث تأثّر كثيراً حينها بتوجّهات ورعاية الأستاذ حماد الحسنات أحد الدعاة في النصيرات "وهو من قادة حركة حماس".
درجاته العلمية والأكاديمية
وتمكن من الالتحاق بجامعة المنصورة في مصر ليحصل منها على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية عام 1975، ولكنه حصل على الماجستير في الهندسة المدنية في جامعة كولورادو بالولايات المتحدة الأميركية عام 1982.
وعاد ليعمل مدرسا بكلية الهندسة في جامعة النجاح الوطنية بنابلس حتى أغلقتها سلطات الاحتلال مع اشتعال الانتفاضة الأولى عام 1987، وكان حتى استشهاده محاضرا في كلية الهندسة بالجامعة الإسلامية بغزة.
وشارك في تأسيس كلية المجتمع بالجامعة الإسلامية بغزة عام 1998، وفي تأسيس مركز أبحاث المستقبل بغزة عام 2000.
وكان له دور بارز في توجيه الحركة الطلابية والنقابية في الجامعة لتكون في ريادة المجتمع في مواجهة المحتلين.
و"أبو شنب" من مؤسسي جمعية المهندسين الفلسطينيين في قطاع غزة عام 1976، وكان عضوا في مجلس إدارتها ثم انتخب رئيسا لمجلس إدارتها ونقيبا للمهندسين في العام نفسه.
وجمع بين العمل في تخصّصه والعمل النقابي والمشاركة في الحياة العامة، فكان أحد الشخصيات الاجتماعية المرموقة في القطاع.
وشغل منصب رئيس قسم الهندسة بين عامي 1984م-1985م، كما عمل مهندسًا في وكالة الغوث
تزوّج أبو شنب في عام 1977، وفي تفاصيل شؤونه الحياتية، كان أحد الأعضاء المؤسسين للجمعية الإسلامية، وأشرف على القسم الرياضي فيها خلال فترة مُعينة، وأحد المؤسسين لجمعية المهندسين أو ما تُعرف حالياً بـ"النقابة"، وجرى انتخابه كأحد أعضاء مجلس إدارتها في الدورة الأولى، وانتخابه رئيس للمجلس في الدورة الثانية عام 1980.
رجل توافقي
واختير عضوا في لجنة الإصلاح لتصفية الأجواء وتهدئة الخواطر عند اندلاع الفتنة بين التنظيمات الفلسطينية عام 1986.
صحيفة (فلسطين أون لاين) قالت إن أبو شنب كان ذا حنكة سياسية عالية، وتمتع بعلاقة حسنة وواسعة مع فصائل العمل الوطني والإسلامي في سبيل التوفيق بين المواقف والإجماع على مقاومة الاحتلال، فترسخ دوره البارز في تقوية أواصر الصف الفلسطيني الداخلي.
وأضافت أن إيمانه كان بأحقية القضية الفلسطينية أمام الكيان الباطل، وأن القدس هي قلب الصراع، وأن العمل المسلح هو رأس مال المقاومة، وهو الخيار الأوحد لانتزاع الحقوق وردع الاحتلال.
وأشارت إلى أنه قبل استشهاده بساعات شارك المهندس في اجتماع مطول لقيادة الحركة لمناقشة التطورات الفلسطينية وأوضاع الحركة بحضور الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي. وشكل "أبو الحسن" نموذجاً يحتذى به في الأدب والأخلاق العالية وحُسن التعامل مع عائلته.