أ.د. محمد حافظ الشريدة  

قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وقال نبينا عليه الصلاة والسلام: {لَا تُشَدُّ اَلرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ اَلْأَقْصَى}.

لقد حدث في مثل هذا اليوم الحادي والعشرين من شهر آب -أغسطس- عام 1969 م أن اقتحم المتصهين المجرم مايكل دينيس المسجد الأقصى المبارك وأشعل النار في الجناح الشرقي لأولی القبلتين ثاني مسجد بني في الأرض للمتقين ثالث مسجد تشد اليه رحال المصلين معراج ومسرى رسولنا الأمين ﷺ! وقد التهمت النيران واجهة المسجد القبلي وسقفه وزخارفه وجميع محتوياته من مصاحف وسجاد! وقد تضرر البناء بشكل كبير ما اقتضی سنوات طويلة لترميمه وإعادته لسابق عهده! وعاد منبر البطل نور الدين كما كان.. ولكن ليس على يد أمثال البطل صلاح الدين!! لقد احترق ما يزيد عن: (1500) متر مربع من مساحته الأصليّة: (4400) متر مربع! مع التذكير بأن المساحة الإجمالية للمسجد الأقصى المبارك (144) دونماً!

وأحدثت النيران أضرارا في أعمدته وأقواسه وزخرفته.. وانهار سقف المسجد نتيجة هذا الحريق الهائل.. وسقط عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبة الرصاصية! وتضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة إضافة للمحراب والجدران وتحطم 48 شباكا مصنوعا من زجاج ملون وجبس! 

واحترق السجاد وكثير من الزخارف والآيات القرآنية.. وقام الاحتلال بقطع المياه عن المسجد وتباطأ بإرسال سيارات الإطفاء لإخماد الحريق.. وهرع الفلسطينيون ومركبات الإطفاء من مختلف المناطق المجاورة.. لإطفاء النيران! 

وقد تمنينا نحن شباب الحركة الإسلامية بثانوية نابلس [الشرعية]: أن لنا أجنحة نطير بها لنساهم في إخماد هذا الحريق! وصرحت رئيسة وزراء حكومة الاحتلال قائلة: إنها لم تنم ليلة تم حرق الأقصى كي لا يقوم العالم الإسلامي: بتحريره من جديد! ولكن كما كان متوقعا [تمخض الجمل فولد فأرا]!

فقد اكتفى المسلمون والعرب بالنكير والسب! ومجلس الأمن بالتنديد والشجب! مضت الأيام والأعوام وأكثر من نصف قرن من الزمان علی إحراق مسری خاتم الأنبياء وخير الأنام ﷺ وما زالت أولی القبلتين تئن وتعاني الأمرين من تدنيس واقتحامات مستوطنين يسعون لتقسيم الأقصی: زمانيا ومكانيا وهدمه بعد ذلك وجعله أثرا بعد عين! 

وقد يطرح سؤال: متى يتحرر هذا المسجد من نير الاحتلال؟

نقول باختصار وعلی اللّه وحده الاتكال: نعم سيأتي النصر وسيهزم الجمع وسيولون الدبر حينما تسقط راية شرذمة العلمانية والقومية والسيداوية والسرطان الأحمر.. وكل راية لا تحمل لواء اللّه أكبر! قال تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} هاتوا مؤمنين مجاهدين صابرين وأبشروا بنصر اللّه رب العالمين!