نقل موقع "ميدل إيست آي" عن مصادر عراقية أن ممثلين من مصر وإيران يجتمعون في العراق منذ مارس بوساطة بغداد.
وقال في تقرير كتبه "محمد سلامي": "غطت المحادثات التوترات بشأن اليمن ولبنان وسوريا. كما تمت مناقشة إمكانيات اللقاء بين "عبد الفتاح السيسي" والرئيس الإيراني "إبراهيم رئيسي".
وقال المرشد الأعلى "آية الله علي خامنئي" يوم الإثنين، في لقاء مع سلطان عمان، إن طهران ترحب بتحسين العلاقات الدبلوماسية مع مصر.
وأضاف التقرير، أنه بعد تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية، من المرجح أن تستمر المفاوضات بين طهران والقاهرة بجدية أكبر. وخفت حدة التوترات بعد دخول سوريا إلى جامعة الدول العربية واحتمال السلام بين السعودية والحوثيين في اليمن.
وأكد عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني "فدا حسين مالكي" الطبيعة الإيجابية للمفاوضات بين الجانبين في العراق، وقال إن العلاقات بين طهران والقاهرة ستستأنف قريبًا، مع إعادة فتح سفارتي البلدين.

العقبات الرئيسية
وقيّم وزير الخارجية المصري "سامح شكري" في مقابلة مع المذيع المصري "نشأت الديهي"، التطورات بين إيران والسعودية بأنها مهمة، قائلاً إن "مصر ستتخذ خطوات بناءً على تقييم هذه التطورات".
وأشار "ميدل إيست آي" إلى أنه لا تزال العديد من العوامل الداخلية والخارجية عقبة أمام إقامة العلاقات بين البلدين.
في إيران، يعتقد بعض المتشددين أن إقامة علاقات مع مصر ستكون خيانة للقضية الفلسطينية وقبولًا ضمنيًا لاتفاقات كامب ديفيد واستسلامًا للمطالب المصرية - مثل تغيير اسم شارع خالد الإسلامبولي في طهران. 
بعد التطبيع بين الرياض وطهران، غيرت إيران اسم شارع الشيخ نمر - الذي سمي على اسم رجل الدين الشيعي الشيخ "نمر النمر"، الذي أعدمته السعودية عام 2016 وسبب قطع العلاقات - من أحد الشوارع المؤدية إلى القنصلية السعودية.
بالنظر إلى تراجع تصعيد علاقات إيران مع جيرانها الخليجيين، من المرجح أن تتضاءل المعارضة. ستصبح الولايات المتحدة أيضًا أقل معارضة للتطبيع، مع الأخذ في الاعتبار التغيير في نمط التفاعلات الإقليمية والتحول في سياسة الولايات المتحدة من الشرق الأوسط إلى التركيز على الصين والحرب في أوكرانيا؛ حيث رحبت واشنطن بتطبيع العلاقات الإيرانية السعودية حتى بوساطة الصين.

منافع اقتصادية
ولفت "ميدل إيست آي" إلى أن الاقتصاد هو حافز آخر لبدء العلاقات. وشهدت العملة الوطنية الإيرانية انخفاضًا بمقدار 14 ضعفًا منذ انسحاب "دونالد ترامب" من المحادثات النووية في عام 2018، ويبلغ معدل التضخم حوالي 50 بالمائة.
في مصر، بحلول نهاية السنة المالية 2020/2021، بلغ إجمالي ديون البلاد 392 مليار دولار. وشمل ذلك 137 مليار دولار من الديون الخارجية، وهو أعلى بأربعة أضعاف مما كان عليه في عام 2010. كما تضمنت 255 مليار دولار من الديون الداخلية، أي ما يقرب من ضعف الدين المحلي في عام 2010.
وتسعى إيران إلى تجاوز العقوبات الأمريكية والتصدير إلى الدول المجاورة، ومصر فرصة جيدة جدًا لتصدير السلع الاستهلاكية. يمكن لمصر الحصول على بعض السلع الاستهلاكية بموجب شروط الحظر الإيراني بشروط مناسبة وطويلة الأجل، وحتى استخدام عملتها الوطنية.
وذكر "ميدل إيست آي" أن السياحة تمثل حوالي 10-15 في المائة من الاقتصاد المصري وتوفر ملايين الوظائف. وينجذب السياح الإيرانيون إلى مصر من خلال مقابر الشيعة الشهيرة، مثل مقبرة الإمام الثالث للشيعة وضريح "مالك عشتار"، الجنرال الشهير للإمام الأول للشيعة.
وفي مارس، سمحت مصر للإيرانيين بالحصول على تأشيرات عند الوصول إلى شبه جزيرة سيناء لتقليل التوترات وزيادة عائدات السياح الإيرانيين.
بالإضافة إلى ذلك، توفر مصر فرصة جيدة لتصدير النفط الإيراني إلى أسواق خارج المنطقة. في السنوات القليلة الماضية، سعت طهران لتصدير نفطها إلى أوروبا عبر خط أنابيب سوميد.
في مايو 2017، أعطت السلطات المصرية في البداية الضوء الأخضر لطلب إيران، لكنها فشلت. يمكن أن يساعد تطبيع العلاقات في إتمام هذا العقد.
وسيمكن خط الأنابيب إيران من زيادة صادراتها إلى البحر الأبيض المتوسط ​​وجنوب أوروبا بطاقة 2.5 مليون برميل في اليوم.

العوامل الجيوسياسية
وفيما يتعلق بالمخاوف الجيوسياسية الإقليمية، تعتبر إيران أن مصر لها تأثير كبير على السلام في الشرق الأوسط.
ومن بين الأسباب التي دفعت طهران إلى تحسين الاتصالات مع مصر، هو تمديد اتفاقية أبراهام إلى دول عربية أخرى، وتشكيل حلف الناتو العربي، وقمة النقب بحضور مصر.
هذه السياسة لم تذهب سدى. في يونيو 2022، أعلن مسؤولون أمنيون مصريون أنهم لن ينضموا إلى أي تحالف ضد إيران.
وقد تدعم دول عربية أخرى المصالحة بين إيران ومصر بسبب هذه القضية؛ حيث تحاول بعض الدول العربية أن تكون في مأمن من عمل طهران الانتقامي في حال وقوع هذه الهجمات من خلال الاقتراب من إيران.
وقال "حسن أبو طالب"، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عن احتمال نشوب حرب بين إيران وإسرائيل: "مصر ستتأثر بلا شك حتى لو لم تكن متورطة عسكريًا".
ومصر قلقة من تواجد إيران في قطاع غزة وعلاقاتها الوثيقة بحماس والجهاد الإسلامي؛ فالقطاع هو البطاقة الأمنية المباشرة التي تحب القاهرة استخدامها في العلاقات المتوترة بين حماس وإسرائيل.
تريد القاهرة أن تكون الوسيط الأول للسلام في المنطقة، وكما هو الحال مع الهجوم الإسرائيلي على غزة الذي استمر خمسة أيام، تلعب دور الوسيط الأكبر بين المجموعات المعنية.
علاقة مصر بإيران تجعلها قادرة على التعامل مع هذه المشكلة بمزيد من التفهم. طلبت مصر في مفاوضاتها مع طهران عدم القيام بأي أنشطة ضد إسرائيل على الأراضي المصرية.

التدخل الأجنبي
وفي الختام، أوضح "ميدل إيست آي" أن انعدام الأمن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب الذي تسبب فيه الحوثيون، والذي يؤثر على حركة المرور في قناة السويس، هو مصدر قلق كبير للمصريين، ويمكن لإيران حل هذه المشكلة الأمنية بالتأثير على الحوثيين.
إضافة إلى ذلك، فإن نفوذ إيران في العراق وبين الميليشيات التي تعمل هناك يضمن أمن الشركات المصرية داخل العراق، والتي تتمركز في إطار التحالف الثلاثي بين العراق والأردن ومصر.
كما تدعم مصر عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، الأمر الذي يعزز مشروع نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا من منظور أمني.
وتابع: "بعد خفض التصعيد الإقليمي بين تركيا وقطر والبحرين والسعودية والإمارات وإيران، أصبحت طهران والقاهرة جاهزة لبدء فصل جديد. ومع ذلك، فإن بعض المخاوف الأمنية وتدخلات الدول الأجنبية التي ترى في إعادة فتح العلاقات هذه تهديدًا ما زالت تتحدى هذه المصالحة".

https://www.middleeasteye.net/opinion/iran-egypt-ready-start-new-chapter-are