تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، اليوم الخميس، مجموعة من الصور التي تكشف أعمال تجريف حدائق أنطونيادس التاريخية الأقدم في مدينة الإسكندرية، واقتلاع أشجارها بواسطة جرافات الهيئة الهندسية للجيش.


وأظهرت الصور إزالة السور الخارجي بالكامل للحدائق، واقتطاع مجموعة كبيرة من أشجارها المعمرة والنادرة، من أجل بناء وتجهيز محال تجارية ومطاعم وكافيهات في الواجهة، وطرحها للإيجار لصالح المؤسسة العسكرية بعيداً عن الموازنة العامة للدولة.


ويعود تاريخ إنشاء حدائق وقصر أنطونيادس إلى فترة ما قبل الميلاد، وتحديداً العهد البطلمي، حيث أقيمت على مساحة 50 فداناً، وتولى الفنان الفرنسي بول ريشار إعادة إنشائها كنموذج مصغر من حدائق قصر فرساي في باريس عام 1860، خلال عهد الخديوي إسماعيل لتصل مساحتها إلى 96 فداناً.


وسُميت الحدائق بهذا الاسم نسبة إلى البارون اليوناني جون أنطونيادس، الذي عاش في الإسكندرية في القرن التاسع عشر، وتنازل عن ملكيتها لصالح الحكومة المصرية.


وشهدت حدائق أنطونيادس أحداثاً جساماً في مصر، إذ أبرمت فيها معاهدة الجلاء بين الحكومتين المصرية والبريطانية عام 1936. واستضاف قصرها ملوك اليونان وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وألبانيا، أثناء إقامتهم في الإسكندرية.


كذلك، استضاف قصر أنطونيادس الاجتماع التحضيري لإنشاء الجامعة العربية عام 1944، وأقامت فيه الأميرة فوزية ابنة فؤاد الأول وزوجها شاه إيران محمد رضا بهلوي، خلال الشهور الأولى من زواجهما.


ويزين حدائق أنطونيادس مجموعة فريدة من التماثيل الرخامية النادرة لشخصيات أسطورية وتاريخية، منها تماثيل فينوس وكريستوفر كولومبس وماجلان، بالإضافة إلى تماثيل تمثل الفصول الأربعة، وأخرى مصنوعة من أحجار المرمر.


وكان السيسي قد أمر بتولي الجيش مهام الإشراف على أعمال تطوير حدائق أنطونيادس، في تكرار لما حدث مع حدائق المنتزه التاريخية في الإسكندرية، وحديقتي الحيوان والأورمان في محافظة الجيزة، والحديقة الدولية وحدائق الميريلاند والغولف واللوتس والفنون في العاصمة القاهرة، والتي بدأت في التحول تدريجياً من حدائق تاريخية إلى تجمعات للمطاعم والمقاهي.


يُذكر أن المادة 50 من الدستور نصت على أنّ "تراث مصر الحضاري والثقافي، المادي والمعنوي، بجميع تنوعاته، ومراحله الكبرى، المصرية القديمة، والقبطية، والإسلامية، ثروة قومية وإنسانية، تلتزم الدولة بالحفاظ عليه، وصيانته، وكذلك الرصيد الثقافي المعاصر المعماري والأدبي والفني بمختلف تنوعاته. والاعتداء على أي من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون".