شهدت الأسواق بداية من أول يناير الجاري ارتفاعًا عير مسبوق في أسعار السلع الاستهلاكية بعد انخفاض القيمة الشرائية للجنيه.

وعبر المواطنون عن سخطهم من سوء الأحوال الاقتصادية، وتعويم الجنيه، وندرة وجود السلع في الأسواق، إضافة إلى ارتفاع أسعارها كل يوم بشكل غير مسبوق، مع وصول معدلات التضخم إلى أعلى مستوى لها منذ 5 سنوات.

وتشهد الأسواق موجة غلاء شديدة للمرة الثانية خلال أسبوعين، متأثرة بانخفاض متكرر في قيمة الجنيه، بدأت نهاية ديسمبر الماضي، واستمرت مطلع الأسبوع الجاري.

 

ارتفاع أسعار البضائع يومًا بعد آخر

وفقد الجنيه أكثر من 13% من قيمته وهوى إلى مستويات قياسية جديدة عند نحو 32 جنيهًا مقابل الدولار الأمريكي، الأربعاء الماضي، مع انتقال البنك المركزي إلى نظام صرف أكثر مرونة بموجب شروط حزمة دعم مالي من صندوق النقد الدولي.

وارتفع الجنيه، اليوم، إلى 29.65 أمام الدولار بحسب ما أعلنه المصرف المركزي، ولكن سعر الجنيه بلغ 35 أمام الدولار في الواقع.

وتوقف المواطنون عن شراء اللحوم بسبب ارتفاع الأسعار حيث ارتفع سعر كيلو الدجاج مثلًا إلى أكثر 70 جينهًا، وكيلو اللحوم الحمراء البلدي أكثر من 220 جنيهًا.

ويقول محمود أحمد، صاحب أحد المتاجر إن الأسعار ارتفعت مؤخرًا، خصوصًا منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، ويضيف أن هناك نقصًا في الحبوب. ويشير أحمد إلى أن العديد من تجار الجملة الذين اعتادوا تسليم البضائع إلى التجار، بدأوا في الإغلاق، مؤكدًا أن ارتفاع الأسعار يؤثر أيضًا على أصحاب المتاجر الذين خفضوا الكميات التي يشترونها.

أما التاجر أشرف كامل فيؤكد أنه يبيع البضائع بأسعار مختلفة في الصباح والظهيرة والمساء ويضيف قائلًا "هناك ركود في السوق وكساد اقتصادي. بعض الناس لا يملكون المال. إنها مشكلة بلا حل"، وفقًا لـ"يورو نيوز".

وفي مقاطع فيديو متداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي، تظهر امرأة تستغيث بسبب غلاء الأسعار قائلة إنها عاجزة عن استيعاب أن زجاجة زيت الطهي أصبحت بـ65 جنيهًا. ويظهر المقطع المصور المرأة وهي تقلي قطعًا من البطاطس في كمية قليلة جدًا من الزيت متسائلة “يرضي من هذا؟”، وفقًا لـ"الجزيرة"

وقالت شيماء العبد، في أحد الأحياء الفقيرة بوسط القاهرة، إن الأزمة الاقتصادية جعلتها تشعر "باليأس". وأضافت "حتى أرخص الأطعمة تضاعفت مرتين وثلاث مرات. ماذا يُفترض بنا أن نأكل؟"

وأدى نقص المعروض من السلع، وتهاوي الجنيه مقابل الدولار، إلى تسارع التضخم، ليلقي خبراء اقتصاد ورجال أعمال بالمسؤولية على الحكومة في عدم قدرتها على إدارة الملفات الاقتصادية، ولجوئها إلى تخفيض قيمة العملة، كحل وحيدة لمواجهة الأزمة المالية الطاحنة التي تواجهها.

 

ارتفاع التضخم ونقص السلع الأساسية

وسجل التضخم أعلى مستوى له منذ ديسمبر 2017، متجاوزًا توقعات أصدرتها مؤسسات مالية وبنوك عالمية، قبل يومين، بوصوله إلى 21.4% كحد أقصى.

وأظهرت الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أول أمس الثلاثاء، أن أسعار الحبوب والخبز قفزت بنسبة 58.3% على أساس سنوي الشهر الماضي، وصعدت أسعار اللحوم والدواجن بنسبة 35.5%، والأسماك والمأكولات البحرية 44.2%، والألبان والجبن والبيض بنسبة 48.9%، والزيوت والدهون 21.8%، والفاكهة 15.7%، والخضروات 38.8%، والسكر والأغذية السكرية، 31.4%، والمنتجات الغذائية الأخرى بنسبة 40.9%، والشاي والبن 36%، والمياه المعدنية والعصائر 20.9%.

وسجلت مجموعة الدخان ارتفاعًا بلغت نسبته 14.2%، والملابس والأحذية 15.6%، والأقمشة 23%، والسكن والمياه والكهرباء 6.7% والأثاث والمعدات المنزلية 24.6%، والأجهزة المنزلية 24.3%، والرعاية الصحية 13.6%، وخدمات الهواتف 12.5%، والتعليم 7.7%.

 

معاناة التجار ورجال الأعمال

وبينما تعاني الطبقات الوسطى والفقيرة في مصر منذ سنوات من ارتفاع حاد في أسعار كلّ السلع والخدمات، بفعل تعويم الجنيه ورفع أسعار السلع والطاقة والخدمات والرسوم المختلفة من جانب الحكومة، تمددت المعاناة لتطاول كذلك أصحاب رؤوس الأموال من رجال الأعمال.

وقال عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين، مصطفى إبراهيم، إنّ "التضخم يعكس حالة الفشل الذريع الذي تدار به الأزمة الاقتصادية، عبر فريق وزاري غير متناغم يعمل في إطار جزر منعزلة، من دون الاستماع إلى ذوي الخبرة ورجال الأعمال الذين يعانون على أرض الواقع"، وفقًا لـ"العربي الجديد".

أضاف إبراهيم: "الحكومة تعالج التضخم والانكماش بالعلاج نفسه، بطرق تقليدية في سوق أصبح مريضًا بالسكري والملوحات معًا، ولذلك عندما تحارب التضخم تقتل الاستثمار، بينما الخروج من التضخم يتطلب جراحًا دقيقًا يحمي الاستثمار ويدفع بالإنتاج ليتراجع الاستيراد، وتزيد معدلات التصدير وتوفير السلع للمواطنين".

وأكد عضو جمعية رجال الأعمال "صعوبة استمرار ما بقي من المصانع في العمل والإنتاج، في ظل تزايد خطير بمعدلات التضخم، واتجاه البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة، بمعدلات غير مسبوقة. وتابع: "أصبحنا أمام طريق ضبابي، ما يتطلب منظورًا سياسيًا شاملًا لأزمة صعبة، وشفافية معلومات حقيقية تطمئن الناس على مدخلات بيوتهم وتفهمهم إلى أين سيتجهون، خاصة أن الحكومة تتجه إلى رفع أسعار الوقود، خلال أيام وتدرس زيادة أسعار الكهرباء، بما يزيد معدلات التضخم سوءًا في الفترة المقبلة".