يُوافق اليوم 5 يناير ذكرى استشهاد المهندس الشهيد يحيى عياش، كما قال الرنتيسي عنه: "عياش حي لا تقل عياش مات"، فهو كما أرخ فلسطينيون وعربا أسطورة يختصر اسمه في الحياة والعيش الكريم لهذه الأمّة، فقد سطر المهندس  مرحلة جديدة من الصّراع، نقلنا من مرحلة الحجر والمقلاع إلى مرحلة الرّشاش والسيارات المفخخة.

واستشهد المهندس يحيى عياش في ٥ يناير ١٩٩٦ بعد أن اغتاله الاحتلال بواسطة متفجرات زُرعت في هاتف محمول لجأ إليه مضطرا.

هاشتاجات أحيت ذكرى اغتياله ال27 منها #صقر_الكتائب و#يحيى_عياش و#شهيد_القسام وهو القائد في كتائب القسام الذي ما زال اسمه مخلدا في ذاكرة شعوبنا بمن يحسن الثأر وبالند الذي أذل عدوه وثأر لأبطال قبله وبعده.

فهو من نفذ الثأر لدماء شهداء الحرم الإبراهيمي في عملية العفولة والذي جهز الاستشهاديين وجعل من اسمه كابوسا للعدو الصهيوني.

بل وصدق فيه قول أسد فلسطين الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي عندما قال:

عياش حيٌ لا تقل عياش ماتْ

أو هل يجف النيل أو نهر الفرات

عياش شمسٌ والشموس قليلة

بشروقها تهدي الحياة إلى الحياةْ

عياش يحيا في القلوب مجدداً

فيها دماء الثأر تعصف بالطغاةْ


قبل سبعة وعشرين عام، خرجت البلاد عن بكرة أبيها في جنازة الشهيد المهندس يحيى عياش وذلك بعد اغتيال جبان نفذه الاحتلال الإسرائيلي، حيث قام بتفجير هاتفه أثناء تواصله مع أهله.

 

منهج العياش
قال المراقبون إن العياش سيبقى صفحة بطولة تنصع و منهج ثوري يدرس حين أبدع كيميائياً في تحويل الجسد الفلسطيني المهان على الحواجز، والمذل بسحله في الشوارع، و المأسور في الزنازين إلى قذيفة تمتطي الحلم و الفداء بل حين يكون الحزام الناسف على جسد المجاهدين لتمتلأ الساحات من العدو بالدماء، ويبقى "العياش" قذيفة تسقط من الأعداء عشرات و عشرات.

يقول عنه أمير الظل الأثير عبدالله البرغوثي رفيق جهاد العياش : " لقد أحببت يحيى عياش مثلما أحببت القدس تماماً، فعياش ذلك المهندس القسامي أعاد لي من خلال حديثهم عنه روح المقاومة وروح التصدي للظلم والطغيان "

ولكن الشهيد يحيى عياش حكى يوما عن كلاب الأثر فقال "إنهم -أي السلطة- يحاولون بكل جدية اعتقالي أو قتلي فهم بالنسبة لي لا يختلفون عن اليهود سوى أننا لا نحاربهم، لأننا نعتبرهم من بني جلدتنا وهم يحابوننا بالنيابة عن اليهود".

كلمة متداولة
وعبر منصات "التواصل" يتداول الناشطون تعريفا للشَّهِيدِ المُهَندِسِ يَحيَى عَيَّاشٍ، بانه "لرُبَّما أكثَر شَهِيد ما زَال الإحتِلال يَعتَقِد أنَّهُ حَي يُرزَق هُوَ يَحيى عَيّاش، إنَّهُ أكبَر مُرعِب بالنَّسبَة لَه، إنَّ فكرة الحَديث عَنه بَحَدِّ ذَاتِهَا أمرٌ يَدعُو للقَلَقْ والارتِجَافْ، إنَّهُ إلى الآن لا يُصَدِّق نَفسه بأنَّهُ قَتَله! خِلَال مُطَارَدتهُ لِسَنوات قَليلة، بَحثُوا عَنه فِي كُلّ جُغرَافية فِلسطين،حَتّى فِي قَريَتِي التِي رُبَّمَا لَم يَدخُلهَا العَيّاش فِي حَياتِه، لكِن هَوَس الإحتِلال آنذَاك جَعَلهُ يَعتَقِدْ أنَّهُ قَد يَدخُل أي بَيت لِيُخَطِّطْ لتطيير سَقف حَافِلة جَديدَة فِي العَفولة أول القُدس أو ديزنغوف أو نتانيا أو تل أبيب.. لقَد كَان عَيّاش شَظيّة، إن أصَابَت إسرائِيليًا شَعَرَت بألَمِهِ كُل إسرائيل،كان الطَّلقة الأكثَر عُمقًا فِي مَفَاصِلهم."!".



المطلوب رقم 1
عُرف عياش بعبواته المتفجرة التي أزهقت روح جنود الصهاينة،  ولكن المحلل الفلسطيني خالد سلامين كتب يجيب عن "لماذا صار "المهندس" أسطورة؟!"، فيشير إلى أن "عمر عياش في الجهاد سوى أربع سنوات (1992 – 1996م) ولما استشهد اهتزت لموته الأمة كلها، بل واهتز –فرحا- أعداء الأمة الذين تخلصوا من هذا الشاب الضئيل النحيل، الذي لم يكمل الثلاثين عاما بعد (ولد 1966 – استشهد 1996م)!

وكتب عن صفاته قائلا: "لما وُلِد كان ضئيلا صغيرا لا يحسب من يراه أنه سيعيش، ولما نما تعلق قلبه بالمساجد وصار ملازما لمسجد قريته، وكان حريصا على الصلاة في الصف الأول، تعلم القرآن، وعُرف بهدوء الطبع ولزوم الخجل، فما كان لأحد من غير ذوي الفراسة أن يبصر النفسية العظيمة في الإهاب الخجول".

وعن علمه قال ".. اندرج في سلك الدراسة وظهر تفوقه ونبوغه، ثم دخل كلية الهندسة، قسم الكهرباء، وتخرج فيها متفوقا، ثم منعه الاحتلال من الخروج إلى الأردن لاستكمال دراسته العليا، فبقي في الداخل ليذيقهم العذاب، حتى ارتقى شهيدا".

أما قصة الأسطورة فسببها برأيه أن المقاومة الإسلامية لليهود كانت "تعاني من نقص في كل شيء، الرجال والمال والسلاح والتنظيم، حتى إن عماد عقل –وهو من رواد المقاومة وبواسلها الكبار قبل يحيى عياش- لما رأى بندقية M16 أخذ يُقَبِّلها ويبكي ويضمها إليه ويقلبها بين يديه كمن رأى كنزا ثمينا، لقد بدأ الأمر ببندقية واحدة تنتقل بين الضفة وغزة، وربما بعض المسدسات الخفيفة التي حُصِّلت من هنا وهناك والتي لا تزيد عن أصابع اليد كما يُفهم ممن أرخوا لتأسيس حماس[1]، ولذلك لم يكن لديهم خيار إلا المهاجمة المباشرة من وضع المواجهة اللصيقة (أو بتعبير العسكريين: من النقطة صفر)، وهذا أشبه بالعملية الاستشهادية مع ضعف النكاية في العدو".

وأوضح "جاء يحيى عياش فصنع قفزة في مسار المقاومة، بتمكنه من تصنيع المتفجرات بأدوات محلية موجودة في البيئة الفلسطينية، كان عياش مخترعا مبتكرا، أقام على ترجمة أبحاث البارود حتى تمكن من الوصول إلى هدفه، وهنا صارت المقاومة تستطيع أن توقع النكاية في العدو مع الحفاظ على عناصرها وكوادرها، أو إن اضطرت فإن العلميات الاستشهادية سيذهب فيها الاستشهادي ولكن بعد أن يوقع في العدو خسائر فادحة"، لافتا إلى أنه "هنا تغير الميزان بين المقاومة والعدو.. وهنا بدأت أسطورة المهندس في البزوغ!".

يجيد التضليل
وعن وجهٌ آخر من أسطورته قال إن العياش كان لديه القدرة "على تضليل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، المدعومة بالأجهزة الأمنية العميلة للسلطة الفلسطينية، فبرغم الرقابة اللصيقة استطاع أن يبقى حرا في الضفة، ثم استطاع الهروب إلى غزة، بل واستطاع تهريب زوجته وابنه إلى غزة، ثم استطاع تهريب والدته فالتقى بها ثم عادت مرة أخرى إلى الضفة، وهذا أمرٌ لا يعرف صعوبته إلا من عاينه وعايشه".



كيف اغتالوه
بعد أربع سنوات من الرعب، استطاعت المخابرات الإسرائيلية –بعد مئات الاجتماعات والخطط وتجنيد العملاء- أن تتوصل إلى يحيى عياش من خلال عميل فلسطيني، فسرَّبت إليه هاتفا محمولا مشحونا بمتفجرات خفيفة في بطاريته، وكان الشهيد ينتظر مكالمة من والده فعمل هذا العميل على فصل الخط الأرضي ليضطر الشهيد لاستعمال الهاتف المحمول، وكانت تحوم فوق البيت الذي رُصِد فيه طائرة، فلما تمت المكالمة لم يأخذ الأمر خمس عشرة ثانية حتى تأكد الإسرائيليون من صوت الشهيد ففُجِّر الهاتف، ليتشوه نصف الوجه الأيمن والكف اليمنى للشهيد، ويُكتب ختام الأسطورة!

 

العملاء والسلطة
يؤكد سلامين أنه "لولا العملاء، ولولا السلطة الفلسطينية العميلة التي كان يقودها الهالك المقبور ياسر عرفات، لحققت المقاومة الفلسطينية نجاحات هائلة غير مسبوقة، دليل ذلك أن أهل الضفة ما زالوا يعانون ولا يجدون غير السكاكين رغم أنهم أهل الاستشهاد والفداء، بينما غزة التي تحررت منهم تصنع الصواريخ والطائرات بغير طيار وتنفذ عمليات أمنية في غاية الخطورة ولا يستطيع الوحش الإسرائيلي الذي اغتصب أربعة بلاد عربية في أيام أن يجتاح قطاع غزة الضئيل المكشوف جغرافيا المراقب على مدار الساعة بعد أربعة حروب!!".

ويكمل أن "استشهاد عياش يفتح ملف هذه الأنظمة العربية العميلة المجرمة التي هي عين العدو وذراعه وسيفه ولسانه، بل هي أشد من العدو، لأنها من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، وهو أمر ينبغي أن يرسخ في يقين الأمة ويقين الحركة الإسلامية، فالواقع الفعلي أن زوال هذه الأنظمة –ولو كان البديل هو الفوضى- أفضل من بقائها، والواقع أن الاحتلال المباشر الصريح لم يفعل فينا ما فعلته هذه الأنظمة، بل لم يستطع أن يستفيد ولا أن يترسخ وجوده إلا بهذه الأنظمة العميلة ذاتها".



قطب والياسين
ويستعرض "سلامين" هذه القامات التي امتدت للعياش فمنها "سيد قطب، ببصيرته النافذة، قد أوصى أهل القدس في مطلع الخمسينات ألا يفكروا في الاعتماد على الجيوش العربية، بل ليعتمدوا على أنفسهم، وهي الكلمة التي رسخت في ذهن وقلب إبراهيم غوشة مؤسس حماس ووعاها منذ صغره، منذ سمعها من الشهيد".

ومنها أحمد ياسين، ففي حلقات شاهد على العصر للشيخ لوجدته في الحلقة الأولى "يصرح بأنه لولا الجيوش العربية لما كانت النكبة، ذلك أن الجيوش العربية كانت تدخل القرى الفلسطينية فتسحب السلاح من الناس، فإذا جاءت المواجهة انهزموا وانسحبوا أمام اليهود فتركوا الناس بلا سلاح!!".

ومنبها كل صاحب موهبة، لا سيما إن كانت في الجانب العلمي، "أن يسعى ليصنع أسطورته الخاصة، وكل موهوب داخله أسطورة تنتظر أن تخرج، لكنها تنتظر بذل الغالي والنفيس من المجهود والأوقات والأموال، ولئن كنا نلوم على من قصر نظره من القيادة فيجب أن نلوم في ذات الوقت من استسلم لقصر النظر وخضع للقرار الخطأ ولم يجاهد ليصنع أسطورته الخاصة فيضع نفسه حيث يرضى الله وحيث تنتفع الأمة على الزمن الطويل والمدى الواسع لا على مستوى التكلفة العاجلة التي يحتاجها التنظيم الآن في القرية أو الحي أو النقابة أو البرلمان.".