أصدر وزير العدل بحكومة السيسي، عدنان الفنجري، قراراً بإحالة 48 قاضياً من محاكم الاستئناف والابتدائية إلى التحقيق، وذلك على خلفية نشرهم مناقشات في المجموعات القضائية على وسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بصعوباتهم المالية وتراجع استقلاليتهم.
جاء هذا القرار بعد شكوى تقدم بها مدير إدارة التفتيش القضائي، المستشار وفائي حرز أبسخرون، بسبب ما اعتبره حديثاً غير لائق من القضاة حول الأوضاع المالية المتدنية التي يعانون منها، حيث عبّروا عن فقدانهم لامتيازاتهم وتحولهم إلى موظفين تحت إمرة السلطة التنفيذية، الأمر الذي وصفوه بأنه "مذبحة قضائية".
وكشف مصدر قضائي رفيع المستوى عن تفجر الأزمة نتيجة لعدم تطبيق مبدأ المساواة في المرتبات والامتيازات المالية بين أعضاء الهيئات القضائية.
وكانت هذه المسألة قد أُثيرت منذ ثلاث سنوات خلال اجتماع حضره العسكري السيسي، بصفته رئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية، حيث تم الاتفاق على توحيد امتيازات القضاة.
لكن المجلس الأعلى للقضاء لم يُنفذ هذا القرار مما أسهم في زيادة الاحتقان داخل الأوساط القضائية.
في هذا السياق، أرسل رؤساء محاكم الاستئناف الثمانية مذكرة موحدة إلى رئيس المجلس الأعلى للقضاء، المستشار حسني عبد اللطيف، مطالبين بتفعيل قرار السيسي الصادر في يونيو 2021، والذي يدعو إلى توحيد صرف المستحقات المالية بين جميع درجات القضاة.
وقد طالب القضاة بتوزيع البدلات المالية بشكل عادل بين أعضاء محكمة النقض، محاكم الاستئناف، والمحاكم الابتدائية.
وأوضحت المصادر أن مرتبات رؤساء محاكم الاستئناف لا تتجاوز 40 ألف جنيه شهرياً، بينما نظيرتها في محكمة النقض تصل إلى 75 ألف جنيه، ما يعكس فجوة مالية واسعة بين أعضاء الهيئات القضائية.
كما طالب القضاة بضرورة تعديل النظام الحالي لتولي رئاسة المجلس الأعلى للقضاء، بحيث يتم التناوب بين محكمة النقض ومحكمة استئناف القاهرة، وليس قصرها على رئيس محكمة النقض.
وقد أثارت هذه القضية موجة من الغضب بين القضاة الذين اعتبروا أن نظام السيسي العسكري يتسبب في تقويض استقلالية القضاء ويحولهم إلى موظفين تحت سلطات التنفيذية.
في حين دعا العديد منهم إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان العدالة في توزيع الموارد المالية، مؤكدين أن هذا التفاوت يضر بالمصالح القضائية.
وأدى تصاعد الغضب إلى نشر قضاة آخرين لمواقفهم المعارضة على وسائل التواصل الاجتماعي، ما دفع مدير التفتيش القضائي إلى الإبلاغ عن 48 قاضياً والطلب من وزير العدل فتح تحقيق ضدهم.
وبناء على هذا الطلب، تم إحالة القضاة إلى التحقيق ووقفهم عن العمل، حيث اتُهموا بالحديث في مسائل سياسية محظور التطرق إليها.
وفي خضم هذه الأزمة، اعتبر القضاة أن القرار بحقهم يمثل "مذبحة قضائية" تهدف إلى معاقبتهم بسبب انتقادهم للسلطة التنفيذية وهجماتها على استقلال القضاء.