أظهرت نتائج مسح أجرته "ستاندرد آند بورز جلوبال" أن القطاع الخاص غير النفطي في مصر ظل منكمشًا بشدة للشهر الـ 24 على التوالي في نوفمبر الماضي.

وانكمش القطاع الخاص في نوفمبر الماضي بأعلى معدل له منذ جائحة فيروس كورونا في أوائل عام 2020، حيث أثر ضعف العملة المحلية على ارتفاع التكلفة، وتوافر السلع الأجنبية.

وأشارت "ستاندرد آند بورز جلوبال" إلى أن مؤشر مديري المشتريات في مصر انخفض إلى 45.4 في نوفمبر من 47.7 في أكتوبر، وهو أقل بكثير من الحد الفاصل بين النمو والانكماش والبالغ 50.0. وهذه ثاني أدنى قراءة منذ أن تسببت الجائحة في انخفاض المؤشر في يونيو 2020، وفقًا لـ"رويترز".

 

ضغوط تضخمية سريعة

ورغم ارتفاعه إلى أعلى مستوى منذ فبراير الماضي، إلا أن المؤشر الرئيس لا يزال أقل من متوسطه على المدى الطويل، ويشير إلى انخفاض قوي آخر في ظروف الأعمال. وقد تزامن هذا الانخفاض مع تراجع مستمر في تدفقات الأعمال الجديدة، وانخفضت بقوة ولكن بأدنى مستوى في ثمانية أشهر. وأشارت شركات كثيرة تعاني من انكماش في الطلبات الجديدة إلى الضغوط التضخمية السريعة وانخفاض إنفاق العملاء نتيجة لذلك، بمن فيهم العملاء من الأسواق الخارجية، وفقًا لـ"إندبندنت عربية".

ونتيجة لذلك، فقد انخفض النشاط الإجمالي بوتيرة حادة في أكتوبر الماضي، وانتشر الانكماش على نطاق واسع ليشكل كل مجالات الاقتصاد غير المنتج للنفط. وأظهرت بيانات القطاعات أن الإنتاج قد انخفض في قطاعات التصنيع والإنشاءات والجملة والتجزئة والخدمات، مع انخفاض الأعمال الجديدة أيضًا في كل فئة.

 

أهم أسباب انكماش القطاع الخاص

وأرجعت ستاندرد آند بورز جلوبال هذا الانكماش إلى عدة أسباب، منها:

1 - التوترات الجيوسياسية بخاصة الحرب الروسية في أوكرانيا

واجه قطاع الأعمال في مصر سلسلة من الأزمات، منها خارجية تتعلق بالتوترات الجيوسياسية بخاصة الحرب الروسية في أوكرانيا وتداعياتها على سلاسل الإمداد والتوريد، إضافة إلى الارتفاعات المتتالية في أسعار السلع والغذاء عالميًا، وأيضًا استمرار ارتفاع أسعار الطاقة بنسب قياسية، ما يزيد من حجم الضغوط على الموازنات الحكومية.

2 - الانخفاض السريع في النشاط التجاري

حيث أفاد المشاركون في المسح أن الارتفاع المتسارع للتكاليف وانخفاض الطلبات الجديدة أجبرهم على خفض الإنتاج" بحسب "رويترز".

كما وصلت ضغوط التكلفة في الأشهر الأخيرة إلى أعلى مستوى في أربع سنوات تقريبًا خلال يونيو الماضي. وعلى رغم تراجع معدل تضخم تكلفة مستلزمات الإنتاج للمرة الثالثة في أربعة أشهر، فقد ظل حادًا وأعلى من اتجاه السلسلة في أكتوبر الماضي، حيث شهد ما يقرب من ربع الشركات المشاركة ارتفاعًا في الأسعار على مدار الشهر غالبًا بسبب ارتفاع تكاليف المشتريات.

3 - تعويم الجنيه

حيث "واجهت الشركات المصرية انخفاضًا فوريًا في الطلب بسبب الانخفاض السريع في قيمة الجنيه منذ أواخر شهر أكتوبر"، وفق شريا باتل الباحثة الاقتصادية في "إس أند بي".

وخفضت مصر الجنيه بنسبة 18% في أواخر أكتوبر الماضي، وأشارت إلى تحوّلها نحو نظام سعر صرف أكثر مرونة، في وقت يصارع فيه الاقتصاد تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا. وتراجعت العملة نحو 20% أمام الدولار مسجلة مستويات متدنية قياسية الربع الجاري لتكون الأسوأ أداءً في العالم بعد السيدي الغاني، وفقًا لـ"اقتصاد الشرق مع بلومبرج".

وأضافت باتل أن انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار الأمريكي أدى إلى زيادة ملحوظة في أسعار المواد الخام، التي تفاقمت بالفعل بسبب قيود الاستيراد منذ أوائل عام 2022.

وكان أحد العوامل الواضحة وراء الانخفاض الأخير في الأداء التجاري هو الانخفاض الحاد في قيمة الجنيه مقابل الدولار، إذ تم تعويم العملة للسماح بالموافقة على اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي. أدى ذلك فورًا إلى تسارع حاد في تضخم أسعار المشتريات وصل إلى أعلى مستوى في 52 شهرًا، وفق التقرير.

4 - النقص الحاد في العملات الأجنبية

على الرغم من خفض قيمة العملة بنسبة 14.5% في 27 أكتوبر، والإعلان عن حزمة دعم بقيمة 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وأدى نقص الدولار إلى تقييد الواردات لمدخلات المصانع وتجارة التجزئة.

وقال ديفيد أوين الخبير الاقتصادي في ستاندرد آند بورز جلوبال "أدى انخفاض الجنيه مقابل الدولار الأمريكي إلى زيادة ملحوظة في الأسعار المدفوعة مقابل المواد الخام، والتي تفاقمت بالفعل بسبب قيود الاستيراد منذ أوائل 2022".

5 - الاضطراب الاقتصادي

وأشارت الأدلة المنقولة إلى أن القيود المستمرة على الواردات زادت من الاضطراب الاقتصادي في أكتوبر الماضي، حيث أدى تعليق عمليات الاستيراد، الذي تمّ في أعقاب الحرب الروسية في أوكرانيا، إلى الحد من خسائر احتياطيات العملات الأجنبية، إلا أن عددًا من الشركات واجه صعوبة، مرة أخرى، في الحصول على مستلزمات الإنتاج المطلوبة.

ووفقًا لـ"إندبندنت"، فقد أدى هذا النقص إلى انخفاض الإنتاج وتقلص ملحوظ في نشاط الشراء، وإن كان بدرجة أقل مما كان عليه في سبتمبر الماضي. وأشارت الشركات إلى أن ارتفاع أسعار المواد الخام وقلة الطلبات الجديدة أثّر في نشاط الشراء.

6 - ارتفاع أسعار المشتريات

ارتفعت أسعار المشتريات بشكل عام بسبب ارتباطها بنقص توافر المواد الخام واستمرار التدهور في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأمريكي، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج. وفي حين زادت أسعار الإنتاج، إلا أن ذلك تمّ بمعدل أقل بكثير مما شهدته تكاليف مستلزمات الإنتاج، وأشارت 5% فقط من الشركات إلى ارتفاعها، ويعني تراجع الزيادة أن انخفاض الطلب قد عطّل جزئيًا الجهود المبذولة للحفاظ على اتساق أسعار المبيعات مع النفقات.