أصدر وزير الصحة والسكان، بحكومة الانقلاب خالد عبد الغفار، قرارًا وزاريًا، اليوم، لتنظيم إعطاء الصيادلة حقنًا للمرضى بالصيدليات.

ونصّ القرار الوزاري رقم 561 لسنة 2022، للصيادلة الحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة عند صرف أدوية تستعمل بطريق الحقن بالصيدليات على أربعة أمور:

أولًا – ممارسة الصيدلي الحقن العضلي أو تحت الجلد.

ثانيًا – حصول الصيدلي على دورة تدريبية من أحد المستشفيات التابعة لوزارة الصحة والسكان، أو الجهات المعتمدة منها، أو المستشفيات الجامعية.

ثالثًا - وجود وصفه طبية مكتوبة من الطبيب المعالج تستوجب حقن المريض بالعلاج المطلوب.

رابعًا - التأكد من توفر الأدوية المضادة لأعراض التحسسية داخل الصيدلية، وفقًا لـ"القاهرة 24".

 

لماذا هذا القرار؟

ويرجع قرار وزير الصحة إلى حادثة حقن طفلتين في إحدى الصيدليات بمحافظة الإسكندرية وهي الحادثة التي أحالت فيها النيابة العامة الصيدلانية والعاملة لديها على محكمة الجنايات، لاتهامهما بحقن الطفلتين إيمان وسجدة بحقنة عمدًا، ما أفضى إلى موتهما، بعدما أقامت الدليل ضدهما من شهادة تسعة شهود، وما ثبت بتقارير مصلحة الطب الشرعي، وتبين من معاينة الصيدلية محل الواقعة، ومشاهدة آلات المراقبة بها، وما أقرت به المتهمتان في التحقيقات.

وأفادت النيابة بأن تحقيقاتها خلصت إلى حقن المتهمة العاملة بالصيدلية الطفلتين بمادة "السيفوتاكسيم" من دون اختبار حساسيتهما لها، وهي غير مصرَّح لها بمزاولة مهنة الطب البشري، إذ إن حقن المرضى من الأفعال الماسّة بجسم الإنسان، ويُحظر إتيانه من دون الحصول على هذا التصريح. فيما اشتركت معها الصيدلانية في الجريمة بطريقتي التحريض والمساعدة، إذ حرضتها على حقن الطفلتين، وهي غير مصرَّح لها بمزاولة مهنة الطب، وفقًا لـ"العربي الجديد".

وبينت أن فرط حساسية الطفلتين لتلك المادة أدى إلى مضاعفات لديهما، انتهت إلى هبوط دورتيهما الدموية، وفشل وظائف تنفسهما، ما أفضى إلى موتهما على النحو الثابت بتقرير الصفة التشريحية لجثمانيهما الصادر عن مصلحة الطب الشرعي.

وأكد الدكتور أحمد أبو طالب، عضو نقابة الصيادلة والخبير الدوائي، أن قرار نقابة الصيادلة بشأن وقف إعطاء الحقن سيستمر وستمتنع الصيادلة عن إعطاء الحقن، وذلك بسبب عدم مساندة الجهات المسؤولة بعد واقعة تعرض الزميلة إلى المسائلة والاتهام.

وكشف أبو طالب أنه حتى الآن وصلت الحالات إلى 12 طفلًا ماتوا بسبب إعطاء هذه الحقنة على الرغم من إعطائهم في المستشفيات وليس الصيدليات، أي أنه لم يكن خطأ من الزميلة كما أُشيع، وفقًا لـ"الدستور".

وأوضح أبو طالب، أن الصيدليات كانت تعطي الحقن إلى المرضى كخدمة طبية مجانية لمساعدتهم، إذ يصل عدد إعطاء الحقن إلى 3 ملايين بشكل يومي، مشيرًا إلى أن القانون ينص على وجوب توفير محرقة سنون في الصيدليات، أي أنه ضمنيًا لا مانع من إعطاء الحقن في الصيدليات بحسب القانون.

 

تداعيات صعبة على الصيادلة والمرضى

المعروف بطبيعة الحال أن البيئة المصرية بيئة سهلة وسلسلة، ومن المعتاد أن يذهب أي مريض إلى إحدى الصيدليات للاستشارة الصحية، أو صرف أدوية دون استشارة الطبيب، وخاصة في مثل الحالات البسيطة مثل ارتفاع درجة الحرارة أو نزلات البرد، أو الصداع، أو قياس السكر أو الضغط، وربما تكون الخدمة الأكبر التي يتلقاها المواطنون في الصيدليات هي حقن المرضى حسبما يصفه الطبيب المعالج، أو ربما لاستشارة الصيدلي المتواجد في الصيدلية.

لكن النقابة العامة للصيادية أصدرت، الأسبوع الماضي، بيانًا تطالب فيه أعضائها بعدم حقن المرضى داخل الصيدليات، معللة ذلك بالخوف عليهم من المساءلة القانونية حال حدوث مضاعفات للمريض. وأصدرت نقابات فرعية مثل القاهرة والإسكندرية بيانات تحذر أعضائها من التحويل إلى التحقيق حال حقن المرضى داخل الصيدليات.

وخلال الأيام الماضية، تحدثت وسائل إعلام محلية عن أزمة في الشارع المصري، بسبب امتناع الصيدليات عن إعطاء الحقن للمرضى، خوفا من تكرار سيناريو الصيدلانية المحالة لمحكمة الجنايات، وفقًا لـ"الجزيرة نت".

وفي محافظة الفيوم، تعرضت صيدلانية لمحاولة اعتداء من قبل مواطنين بسبب تنفيذها القرار النقابي بعدم إعطاء الحقن للمرضى.

وقالت الصيدلانية (م ن) إنها تشعر بالحرج من المترددين على صيدليتها كونها قررت الالتزام بالموقف النقابي، وتابعت "أخجل من المرضى خاصة وأن علاقتي بكثير منهم طيبة ويزيد الحرج مع الجيران والمعارف".

وأوضحت أنها باتت خائفة من المسألة القانونية حال تعرض أي مريض لمضاعفات جراء الحقن أو لأي سبب آخر، مبيّنة أن غالبية الحقن التي يطلبها المرضى تكون عبارة عن فيتامينات أو حديد وأحيانًا مركبات لعلاج نزلات البرد.

وأشارت الصيدلانية إلى أن المستشفيات لا يتوفر بها كثير من المضادات الحيوية، وفي نفس الوقت ترفض إدارتها حقن المريض بأي حقنة اشتراها من خارج المستشفى، متسائلة "فأين سيتم حقن المريض طالما أن المستشفى والصيدلية ترفضان؟".