تراجعت مستهدفات النمو الاقتصادي في مصر من 6.4% إلى 5.5% خلال موازنة 2022-2023، بسبب تأثيرات مرتبطة بالأزمة الروسية الأوكرانية، وفقًا لما جاء في كلمة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، هالة سعيد أمام مجلس النواب. كذلك فإن مستهدفات التضخم سترتفع من 7% إلى 10%، أما مستهدفات البطالة فسترتفع من 7% إلى 8%.

واتجهت حكومة الانقلاب نحو بيع بعض الأصول المهمة كالبنوك والشركات والفنادق، ومزيد من الاقتراض، وفرض الضرائب، من أجل تمويل الموازنة الجديدة التي تعاني من عجز حاد، وسط أزمة مالية خانقة بسبب ضعف الإيرادات والتي تأتي معظمها من الضرائب والقروض، مقابل إنفاق مالي ضخم، خاصة مع رغبة الحكومة في استكمال إنشاءات العاصمة الإدارية الجديدة وبعض المشروعات التي تصفها بالقومية.

وفجّرت الأزمة المالية الخانقة التي يمر بها الاقتصاد، خلافات بين أعضاء البرلمان والحكومة، حول التقرير النهائي للموازنة العامة للدولة، للعام المالي الجديد 2022-2023، المفترض تمريره من البرلمان، قبل نهاية شهر يونيو الجاري، على أن يتم تطبيقه بداية يوليو المقبل.

مزيد من الضرائب والقروض

انتظر نواب البرلمان، خطة الحكومة لتمويل العجز الهائل في موازنة تعتمد على المزيد من الضرائب وزيادة أسعار السلع والخدمات الحكومية والاستدانة، لتدبير إجمالي نفقات تبلغ قيمتها 3 تريليونات و66 مليار جنيه، بما يعادل 166 مليار دولار، فاكتفت الحكومة بمجرد وعد بالعمل على تدبير العجز، انقضت مدة تنفيذه، نهاية مايو الماضي.

عرضت الحكومة على النواب، مبادئ وثيقة سياسات ملكية الدولة للمشروعات العامة، لرفع نسبة القطاع الخاص في تمويل الاستثمارات الواردة في الموازنة، من 30% إلى 65%، من دون أن تلتزم بتسليم برنامج متكامل لطرح المشروعات العامة للبيع، أو تحدد سبل تمويل العجز، بين نفقات تقدّر بنحو 166 مليار دولار، وإيرادات تبلغ 82 مليار دولار.

وكشفت البيانات المالية للموازنة المصرية الجديدة (2022-2023) عن ارتفاع حجم الضرائب بنسبة 465% منذ تولي قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي الحكم (8 سنوات تقريبًا).

ومن المقرر أن تبدأ حكومة الانقلاب في فرض زيادات جديدة في أسعار البنزين والغاز والكهرباء في يوليو المقبل، من أجل الحد من عجز الموازنة.

ورطة العاصمة الإدارية

تخطت أقساط الديون وفوائدها، 54% من إجمالي الإنفاق العام، بما يعادل 90 مليار دولار، بزيادة 27 مليارًا عن عام 2021ـ2022، بينما ارتفعت الديون الحكومية الخارجية، إلى 145.52 مليار دولار نهاية ديسمبر 2021.

شنت أجهزة الإعلام الرسمية، التي تديرها شخصيات محسوبة على الرئاسة، هجومًا حادًا على النواب المطالبين بالتقشف وتأجيل تنفيذ مشروعات القطار السريع، والعاصمة الإدارية.

ونال وزراء طالبوا بمنح أولوية الموازنة لخفض التضخم وارتفاع الأسعار، هجومًا مماثلًا، من "الماكينة الإعلامية" التي وصفت المشروعات القومية بأنها "أيقونة يفخر بها أي مصري، أسهمت في إنقاذ الاقتصاد، والحد من البطالة، وأنه من يستمع إلى دعوات وقفها، من دعاة الهدم والأغراض الخبيثة".

انعكست مساحات الخلافات بين الأطراف الثلاثة، على الشكل النهائي للموازنة الجديدة، زادت مع تخلف رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، عن تقديم خطة بيع الأصول العامة، التي ستمول جزءًا من العجز، المقدر بنحو 30.18 مليار دولار.

يحتسب العجز بنسبة 6.1% من الناتج المحلي، بعد إصدار سندات دولية بقيمة 4.9 مليارات دولار، والحصول على قروض جديدة تبلغ 8 مليارات دولار، وإصدار سندات وأذون خزانة محلية تقدر بنحو 74 مليار دولار.

عقبات بيع أصول الدولة

أكدت مصادر مطلعة عدم قدرة الحكومة على تدبير تمويل العجز في الموازنة، من عوائد بيع الممتلكات العامة، خلال العام الحالي، بسبب عدم انتهاء البنوك الاستثمارية والمؤسسات المالية من تقييم أصول الشركات المطروحة للبيع للصناديق العربية، وفقًا لـ"العربي الجديد".

ورغم عزم رئيس الوزراء على تخارج الحكومة كليًا أو جزئيًا من 79 نشاطًا اقتصاديًا، على مدار 3 سنوات، لم يقدم للجهات الفنية، قائمة نهائية بالأصول المقرر طرحها للبيع، أو الشراكة مع المستثمرين، أو التي سيتنازل عنها بالكامل للقطاع الخاص.

وطلب مدبولي من وزيري الصحة والتعليم، تحديد مجموعة من الجامعات والمدارس العامة، ومراكز التعليم الفني، ومستشفيات عامة، ومراكز الرعاية الصحية، لطرحها للبيع أو المشاركة مع القطاع الخاص والصناديق الاستثمارية، تسهم في دعم موارد الموازنة الجديدة.

تستهدف الحكومة بيع شركات مملوكة للدولة، بقيمة 10 مليارات دولار، لصندوق الثروة السعودي السيادي، خلال الفترة المقبلة، مع الحصول على تمويلات أخرى من قطر والإمارات والكويت، تبلغ قيمتها 15 مليار دولار، لدعم الاقتصاد، بعد أن تلقت تحذيرات من عدم ملاءمة طرح بيع تلك الأصول في البورصة المحلية أو دوليًا، بسبب حالة التقلبات التي تشهدها أسواق المال.

تسعى الحكومة إلى وضع تقديرات مالية لعوائد بيع الأصول العامة، ورصدها كمصادر تمويلية متنوعة، من المستثمرين المحليين أو المؤسسات الدولية، بما يخالف تحذيرات الخبراء، ومنها وكالة فيتش للتصنيف الائتماني التي أكدت أن "مصر استخدمت في كثير من الأحيان، تدفقات المحافظ غير المقيمة، لتمويل عجز الحساب الجاري، ومراهنتها على سياسة نقدية مشددة لتخفيف الضغوط التضخمية على النمو الاقتصادي".

وتشير الوكالة إلى أنه "بصرف النظر عن ارتفاع الأسعار، فإن حكومة الانقلاب التي ستضطر إلى زيادة أسعار الفائدة، ما بين 1 و2% قبل نهاية العام الحالي، ستدفع التضخم إلى الارتفاع، بما يشكل خطرًا وهبوطًا على التوقعات الحقيقية لنمو الناتج المحلي الإجمالي".

تفويض لإرضاء مؤسسة الرئاسة

طلب رئيس الوزراء من الوزارات والجهات المالكة لهذه الأصول، إجراء تفويضات عاجلة، بنقل تبعيتها إلى الصندوق السيادي، الشهر الحالي، ليتولى التنازل نيابة عن الدولة، في عمليات البيع للأجانب أو المستثمرين المحليين، مع بداية العام المالي، لتظهر أرقام عوائد البيع، كمدخلات حقيقية للميزانية الجديدة.

وألزم رئيس الوزراء، الجهات والكيانات والهيئات التابعة للدولة، بعدم إصدار أية قرارات تنظيمية عامة، تتعلق بإنشاء أو تشغيل مشروعات، قد ينتج عنها إضافة أية أعباء مالية أو إجرائية على الميزانية، إلا بعد الحصول على موافقة رسمية من مجلس الوزراء لكلّ مشروع على حدة.