تراجع إنتاج مصر من الأسماك بنسبة 1.4 بالمئة خلال عام، بحسب ما كشف عنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، في نشرته السنوية الإحصاءات الإنتاج السمكي، مثيراً بذلك مفارقات بشأن تضاؤل إنتاج البلد الذي يملك أطوالاً قياسية من الأرض على البحرين الأبيض (995 كيلو متر) والأحمر (1941 كيلو متر)، بالإضافة إلى نهر النيل (1520 كيلو متر).


الجهاز المركزي، قال في أحدث إحصاءٍ له، إن إجمالي كمية الإنتاج السمكي بلغت 2.01 مليون طن في عام 2020 مقارنة بـ2.03 مليون طن في العام السابق له، بنسبة تراجع بلغت 1.4 بالمئة.


وبحسب نشرة "الإحصاء" قبل أيام، فإن النسبة الأكبر من إنتاج الأسماك تُستخرج من المزارع السمكية بنحو 78.9 بالمئة و11.8 بالمئة للبحيرات، و5 بالمئة فقط للبحار و4 بالمئة لنهر النيل.


وقال حسن همام مدير إدارة الإحصاءات الزراعية بـ"الجهاز المركزي" إن الإنتاج الكُلي تراجع في 2020 لكن زادت نسبة الإنتاج بشكل ملحوظ من البحار (5 بالمئة)، ولا تزال أرقام 2021 لم تصدر بعد ولا يُعلم ما إذا كانت النسبة ستقل أو سترتفع العام الماضي.


المصريون زادوا والأسماك تراجعت


ويقول مازن الصواف، خبير الاستزراع السمكي، إنه رغم ارتفاع عدد السكان من 100 مليون نسمة تقريباً في عام 2019 إلى 102.3 مليون في 2020، بنسبة 2 بالمئة إلا أن إنتاج مصر من السمك لم ينمو بنسبة مماثلة ليغطي الزيادة في الطلب والاستهلاك.


وأضاف خبير الاستزراع المصري أن تواضع عدد وكفاءة سفن الصيد، الأمر الذي قلل الاستفادة من البحرين المتوسط والأحمر بشكل أمثل، فضلاً عن أن البحر المتوسط معروف بقلة عدد الأسماك فيه مقارنةٍ بغيره، وأحجام السفن وأعماقها لا تسمح بالإبحار في مناطق أعمق.


ويوضح مازن الصواف، أن ارتفاع أسعار الأعلاف بشكل سريع وصولاً لـ12 ألف جنيه للطن بسبب غلاء الذرة والصويا ومسحوق الأسماك المستوردين من الخارج، جعل تكلفة الإنتاج أعلى من سعر البيع، وبالتالي تكبد المُربون خسائر كبيرة، تدفع بعضهم للإحجام عن النشاط لعدم جدواه الاقتصادية.


بروتين أرخص من اللحوم والدواجن


وأشار الخبير، إلى أن المياه في مصر تُصعِّب الاستزراع، ولا يتعلق الأمر بالندرة لكن الكفاءة والجودة، حيث أن دورة المياه تبدأ بالمرور على الأراضي الزراعية أولاً ثم الذهاب بعد ذلك للمزارع، وهو أمر يفقدها خواصها ويجعلها أقل كفاءةً، والعكس هو الأصوب لأن مياه الاستزراع المحملة بفضلات الأسماك أخصب للتربة وتعد سماداً عالي القيمة.


ويدعو خبير الاستزراع السمكي، إلى إعادة هندسة المنظومة، وتوفير ودعم الأعلاف كفيل بزيادة الإنتاج السمكي، الأرخص كـ"بروتين" عند مقارنته بمصادر البروتين الحيواني الأخرى، مثل اللحوم والدواجن.


وبلغت معدلات التضخم في مصر، في مارس الماضي، مستوى قياسي هو الأول منذ 34 شهراً، بتسجيله 12.1 بالمئة على مستوى الجمهورية، و10.5 بالمئة على أساس سنوي، نتيجة لزيادة الحبوب والأعلاف واللحوم والدواجن، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.


وتتراوح أسعار الأسماك في سوق الجُملة، بين 30 و45 جنيه للبلطي، و50 و210 للثعابين، و150 إلى 180 للسُبيط، و25 لـ42 للمُرجان، و90 لـ170 للدنيس، بينما يصل سعر الجمبري لـ300 جنيه، وترتفع هذه الأسعار في أسواق التجزئة.


تأثير ارتفاع أسعار الأعلاف


ويقول أستاذ رعاية الأسماك بكلية الزراعة بجامعة الإسكندرية وليد فايد إنه في ظل تحدي ارتفاع الأعلاف التي تمثل من 50 بالمئة لـ65 بالمئة من التكلفة الإجمالية للاستزراع السمكي، يبقى اللجوء إلى الحلول العلمية المبتكرة ضرورياً لزيادة إنتاج الأسماك.


ويضيف فايد: "يجب التوسع في زراعة مكونات الأعلاف من الذرة والصويا، لتخفيف ضغط العملة الأجنبية اللازمة للاستيراد، فلا قيمة لزيادة الإنتاج والمعروض من الأسماك ما لم تُخفض تكلفة الإنتاج، لأن الأسعار ستظل مرتفعة أمام المستهلك حتى مع توافر المعروض في السوق".


وينبّه أستاذ رعاية الأسماك إلى أهمية التوسع في إنتاج أسماك رخيصة الثمن مثل البلطي، لاحتوائها على بروتين ولحوم أكثر وتحملها ظروفاً معيشية صعبة، وتناسب مذاقها مع الذوق المصري، عبر نظم استزراع حديثة مثل الأكوابونيك والبيوفلوك.


ويشدد الأكاديمي المصري على أن "الزيادة في إنشاء مزارع سمكية رفع من الإنتاج السمكي في السوق لكن يبقى السعر تحدياً حتى لو توفر المعروض بكثرة.


ووفق وزارة الزراعة، فإن مصر لديها 90 بالمئة من الاكتفاء الذاتي من الأسماك، وتعد السادسة عالمياً في الاستزراع السمكي، فيما يظل نصيب المواطن من الأسماك، أقل من المستوى العالمي، حيث يبلغ سنويا 18 كيلو غرام، بينما النسبة العالمية 20 كيلو بحسب جهاز الإحصاء المصري.