أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الأحد، أن صافي الأصول الأجنبية المصرية شهد تراجعًا حادًا في فبراير، إذ انخفض بمقدار 60 مليار جنيه مصري (3.29 مليار دولار) إلى سالب 50.3 مليار جنيه (الدولار يعادل 18.25 جنيهًا).

يمثل هذا تراجعًا للشهر الخامس على التوالي، وساعد نقص العملة الأجنبية على دفع البنك المركزي إلى خفض قيمة الجنيه 15% في 21 مارس، وكانت قيمة صافي الأصول الأجنبية قد بلغت في نهاية سبتمبر 186.3 مليار جنيه.

ويمثل صافي الأصول الأجنبية أصول النظام المصرفي المستحقة على غير المقيمين، مخصوما منها الالتزامات. ووفقًا للبنك المركزي فإن التغيير في حجم صافي الأصول الأجنبية يعكس صافي معاملات النظام المصرفي مع القطاع الأجنبي ومنها الخاصة بالبنك المركزي.

تخارج المستثمرين الأجانب

ومن أهم أسباب تراجع صافي الأصول الأجنبية هو تخارج المستثمرين الأجانب المكثف من أدوات الدين الحكومية في مصر، بحسب تصريحات صحفية لـ رضوى السويفي، رئيسة إدارة البحوث في شركة الأهلي فاروس المالية.

بلغت قيمة صافي الأصول الأجنبية في نهاية سبتمبر الماضي 186.3 مليار جنيه، فيما دفع نقص العملة الأجنبية البنك المركزي المصري إلى خفض قيمة الجنيه بنحو 15% في 21 مارس الماضي.

وترى السويفي أن الأمر لا يدعو للقلق، خاصة وأنه حدث قبل نحو شهرين وحدث أيضًا في 2016، مشيرة إلى أنه مع استمرار حالة عدم اليقين المرتبطة بالأزمة الروسية الأوكرانية فإن تخارج الأجانب من سندات الأسواق الناشئة يعد أمرًا طبيعيًا، لكن "الأهم هو ألا يستمر طويلًا".

الطلب على الدولار

ومن أسباب تراجع صافي الأصول الأجنبية أيضًا من وجهة نظر الخبير المصرفي ونائب رئيس بنك بلوم مصر سابقًا، طارق متولي، هو زيادة الطلب على العملة الأمريكية ونقص المعروض منها، وهو نتيجة طبيعية لتخارج الأجانب من مصر مؤخرًا، حيث خرجت تدفقات تبلغ 15 مليار دولار من استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية، وهو ما يشكل مزيدًا من الضغط على الدولار.

الوديعة السعودية

ويرى متولي، في تصريحات صحفية، أن الاستثمارات الخليجية والمساعدات كالوديعة السعودية الأخيرة البالغة 5 مليارات دولار قد تخفف من ضغوط الطلب على العملة الأجنبية.

وأودعت السعودية نهاية مارس الماضي 5 مليارات دولار في البنك المركزي المصري، بناءً على توجيهات من القيادة السياسية السعودية، ليرتفع بذلك إجمالي الودائع السعودية في البنك المركزي المصري إلى 10.3 مليار دولار، بحسب مصدر سعودي مطلع.

ويتوقع أن ينعكس الاتجاه الهبوطي في صافي الأصول الأجنبية الخاص بالمركزي في مارس، نتيجة الوديعة السعودية والاستثمارات الخليجية في البورصة المصرية.

شراكات إماراتية

وبدأت دولة الإمارات العربية المتحدة في تنفيذ خطة لاستثمار مليارات الدولارات في مصر سعيًا منها لدرء الصدمات الاقتصادية جرّاء الحرب في أوكرانيا التي قد تزعزع استقرار أكبر دولة عربية من ناحية عدد السكان.

وأفادت "بلومبرج نيوز" خلال الأسبوع الماضي أنَّ الإمارات ستستثمر حوالي ملياري دولار عبر شراء حصص مملوكة للدولة في شركات مصرية.

استثمارات قطرية

اتفقت قطر مع الحكومة المصرية على استثمارات وشراكات بقيمة إجمالية تصل إلى 5 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة، بحسب بيان لمجلس الوزراء المصري.

تعد هذه الاستثمارات بمثابة أول دعم اقتصادي قوي من قطر إلى الحكومة المصرية منذ إنهاء الخلافات وعودة العلاقات الرسمية في يناير 2021.

وبحسب الخبير المصرفي طارق متولي، فإن هذه المساعدات يجب أن لا تقل عن 20 مليار دولار، على أن تتنوع مصادرها بين الودائع، والتمويل المرتقب من الاتفاق الجديد مع صندوق النقد الدولي، ولكن الأهم من كل هذا هو الاستثمار الأجنبي.

وترى محللة الاقتصاد المصري في شركة بلتون المالية عليا ممدوح، أن هذه "الاتفاقيات ستزيد الحصيلة الدولارية لمصر بعد خروج الأجانب من أدوات الدين بسبب الحرب الروسية. مع تدفق الدولارات من الخليج سواء قطر أو الإمارات قد نرى الجنيه المصري عند مستويات أقوى مقابل الدولار خلال الشهرين المقبلين، قد يرتفع حتى يصل إلى 17.5 للدولار مقابل الجنيه".

المخاطر الخمسة لتحريك العملة

تراجع سعر صرف الجنيه المصري بنحو 17% منذ معاملات الأسبوع الماضي وحتى الآن، ليسجل 18.38 جنيه مقابل الدولار في البنك الأهلي المصري، أكبر البنوك الحكومية في البلاد. وهذا أول تحرك للعملة المصرية منذ نحو 5 سنوات.

كان المركزي المصري في اجتماع استثنائي الأسبوع الماضي، رفع أسعار الفائدة 1% (100 نقطة أساس)، في محاولةٍ لامتصاص موجة التضخم، ولجذب استثمارات الأجانب بالدولار في أدوات الدين الحكومية، بعد أن خرجت مليارات الدولارات عقب الحرب الروسية-الأوكرانية.

ويقول محللون إن أي تحرك قد يمثل تغييرًا في تدفق الواردات أو الصادرات، أو خروج محافظ أجنبية، أو عمليات سداد الدين الخارجي، أو تغيرات في تدفق تحويلات العاملين، أو تباطؤًا في السياحة.