لشهر رمضان رونقه الخاص في تركيا، فقد توارث الأتراك الاستعداد له والاحتفال بحلوله وخاصة ليلة الرؤية وأول سحور وأول يوم صيام حينما تجتمع الأسرة على مائدة إفطار واحدة في جو أُسري جميل يضم كل أفرادها خاصة الجدات والأجداد الذين يمثلون النفحة الجميلة الباقية للحفاظ على تقاليد وعادات رمضان التي تميزه عن باقي شهور السنة.

 ويتميّز شهر رمضان في تركيا بعادات خاصة سواء في تخصيص وجبة ثالثة بين الإفطار والسحور، أو في الأكلات التي يُشتهر بها الشهر مثل كفتة داود باشا التي نقلوها لباقي الدول العربية التي دخلوها أيام السلطنة العثمانية أو خطاب الولاء من الزوج لزوجته أو حتى زغاريد رؤية الهلال.

وعادة ما يبدأ الاستعداد الخاص برمضان منذ النصف الثاني من شهر شعبان حينما تبدأ وسائل الإعلام والجمعيات والمراكز الإسلامية في إذاعة آيات القرآن الكريم سواء قبل أو خلال شهر الصوم وبحضور الآلاف من المسلمين الصائمين، وتبدأ الأُسر التركية في شراء احتياجاتها من السلع والمأكولات والحلوى الرمضانية المفضّلة تماما كما تفعل باقي الأسر في معظم البلاد الإسلامية.

زغاريد الرؤية
ويهتم الأتراك برؤية هلال رمضان فـ له فرحة خاصة لديهم، فبعد إعلان ثبوت الرؤية تنطلق الزغاريد من البيوت خاصة العريقة منها أو التي مازالت تضم الأجيال الكبيرة كالجد والجدة ليعبّروا عن هذه الفرحة التي زف بشائرها إليهم إعلان المفتي بميلاد الهلال وبدء الصوم في اليوم التالي كما يدعو المسلمين لاغتنام هذه الفرصة في العبادة والتضرع والدعاء إلى الله سبحانه وتعالى.

 وتعم الفرحة كل تركيا بعد إذاعة خبر ميلاد هلال رمضان في كل وسائل الإعلام التركية لأنهم ينتظرونه من العام إلى العام في لهفة وحب وحتى البيوت تجدها سعيدة بقدومه فتفوح منها روائح المسك والعنبر وماء الورد.

إنارة المآذن
تنتشر ظاهرة إنارة مآذن الجوامع المنتشرة في تركيا، منذ إعلان ميلاد هلال رمضان عند صلاة المغرب وحتى الصباح الباكر تُرى واضحة في المجتمع التركي مع بدء أيام شهر رمضان المبارك، وأيضا في المناسبات الدينية الإسلامية، إضافة لبدء صلاة التراويح في أول ليلة في رمضان.

ومظهر إنارة المآذن يسمى عند الأتراك بـ “محيا” وهو المظهر المعبر عن الفرحة والبهجة بحلول الشهر المبارك، حيث يتم إنارة حوالي 77 ألف مسجد في تركيا.

أول سحور رمضاني
وبعد الاحتفال برؤية الهلال تبدأ الجدات في تجهيز أول سحور رمضاني ويتكوّن غالبا من الفواكه الطازجة والملبن التركي الشهير المحشو بالمكسرات والقشدة، واللحم المقدّد الذي يتم تجهيزه سابقا استعدادا لهذه المناسبة الكريمة، ثم يدعو الجد «أكبر أفراد الأسرة» أولاده وأحفاده لتناول السحور.

 ويتفق معهم خلاله على حضورهم في اليوم التالي أو أول أيام رمضان للإفطار معه فتجمعهم المائدة الرمضانية التركية العامرة بأشهى المأكولات سواء التقليدية الشعبية أو الحديثة خاصة كفتة داود باشا أشهر طبق تركي قديم أدخله العثمانيون للدول التي حكموها سواء عربية أو إسلامية أيام الإمبراطورية العثمانية.

 وتحمل هذه المائدة العديد من المفاجآت والطرائف وأهمها أن إحدى كرات هذه الكفته تخبأ بها خاتم فضي يصبح من نصيب من يأكلها ويكتشفه تحت أسنانه.

خطاب الولاء الزوجي
ومن تقاليد الأزواج والزوجات خلال رمضان أن يقوم الزوج بإهداء زوجته خطابا يجدد لها فيه ولاءه وحبه الشديد وتأكيده على أنه سيظل طوال عمره أمينا عليها وعلى بيته وأولاده، ويقدّم لها اعتذاره عن أية مبادرات سيئة صدرت منه تجاهها ثم تقوم الزوجة بإهدائه سوارا فضيا تعبيرا منها عن محبتها له وتجديدا للعهد بينهما.

وجبة ثالثة
ومن أهم مظاهر الاحتفالات التركية الخاصة بحلول هذا الشهر أيضا الحرص على تناول وجبة ثالثة بين طعامي الإفطار والسحور وموعدها ما بين الساعة العاشرة والحادية عشرة مساء وتتكون من الأطعمة نفسها التي تفضّلها الأسرة التركية على طعام الإفطار كالخضراوات الطازجة واللحوم وبعض الحلوى المشهورة في تركيا.

اتفاقات الزواج
كما يعتبر شهر رمضان فرصة عظيمة للاتفاق على إتمام الزواج بين العائلات المختلفة التي يصبح عيد الفطر المبارك مناسبة بهيجة لإتمام هذه الفرحة فبعد أن تقوم والدة الخاطب بتقديم شال حريري مطعّم بالخيوط الذهبية والفضية للعروس كعربون محبة دائم لعروس ابنها يقدم الخاطب الذي يصحب أسرته سوارا ذهبيا ثمينا لخطيبته تعبيرا عن حبه وإخلاصه لها.