بقلم - سعيد الحاج :
بعد نتائج الانتخابات التركية الأخيرة وعدد المقاعد التي حصل عليها كل حزب، تبدو البلاد أمام مشهد جديد تماما، يحتاج لمقاربة مختلفة عما اعتادته البلاد منذ 2002، ويلوح في الأفق أحد ثلاثة سيناريوهات:
سيناريو يشمل العدالة والتنمية :
حيث تقضي الأعراف الدستورية بتكليف رئيس الجمهورية لرئيس الحزب صاحب أعلى الأصوات (أحمد داود أوغلو) بتشكيل الحكومة، ليسعى الأخير إلى تشكيل حكومة ائتلافية مع أحد الأحزاب الأخرى، أو الحصول على دعمها لتشكيل حكومة أقلية. ورغم أن هذا الخيار متاح نظريا مع الأحزاب الثلاثة، إلا أن الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي أغلقا باب التعاون بشكل قاطع، أما حزب الحركة القومية فقد أوحى بشرطين يتعلقان بموقع أردوغان في الحياة السياسية، إضافة إلى عملية السلام مع الأكراد، الأمر الذي يصعّب فكرة التحالف.
سيناريو يستثني العدالة والتنمية :
إذ لا يشترط الدستور على الرئيس تكليف المتقدم في الانتخابات فقط، وبذلك قد يتم تفعيل هذا الخيار في حال أصرت أحزاب المعارضة الثلاثة على رفض التعاون مع داود أوغلو واتفقت على التحالف فيما بينها، باعتبار أن مجموع أصواتها يعطيها الأغلبية ويؤهلها لإعطاء الحكومة الثقة.
وبذلك تستطيع هذه الأحزاب من الناحية النظرية تشكيل حكومة ائتلافية ثلاثية، أو دعم حكومة أقلية من حزبين منها، لكنه في كل الأحوال خيار صعب التحقق، أولا بسبب الخلافات الكبيرة بين أطراف هذا الائتلاف، خاصة الحركة القومية والشعوب الديمقراطي، وثانيا لأن الكرة في ملعب أردوغان الذي لا يلزمه الدستور بهذا الخيار الذي سيجلس العدالة والتنمية على مقاعد المعارضة.
سيناريو الانتخابات المبكرة :
أما في حال مضى 45 يوما دون تشكيل أي صيغة حكومية، فللرئيس الحق بالدعوة إلى انتخابات مبكرة بالتشاور مع رئيس البرلمان، للخروج من حالة الانسداد السياسي. فضلا عن أي صيغة ائتلافية أو حكومة أقلية تحمل بين طياتها عوامل التنافر والفشل، إضافة لخبرة تركيا السيئة فيما خص الائتلافات الحكومية، مما يجعل سيناريو الانتخابات المبكرة -لاحقا- مطروحا بقوة حتى في حال تشكيل الحكومة.
وفي كل الأحوال، فقد دخلت تركيا مرحلة جديدة في تاريخها المعاصر وباتت على مفترق طرق، فإما حالة استقرار بمعادلات وديناميات جديدة وإما انتخابات مبكرة غير مضمونة السياق أو النتائج. وسيكون المحدد الأبرز للمشهد التركي هو مدى تحلي الأحزاب الأربعة بروح المسؤولية والحكمة في إدارة هذه المرحلة الجديدة، خصوصا في ظل إشارات أولية بتأثر الاقتصاد التركي بالنتائج المفاجئة، وتخوف المواطن التركي من عودة شبح الانسداد السياسي والأزمات الاقتصادية التي عانت منها تركيا ما قبل العدالة والتنمية.