معتصم فتحي، الضابط السابق بالرقابة الإدارية هو "كلمة السر" في القصور الرئاسية التي صدر فيها الحكم بالسجن المشدد 3سنوات، على الرئيس المخلوع حسني مبارك، ونجليه علاء وجمال، في الاستئناف الذي قدموه على الأحكام الصادرة سابقا في قضية.
وهو صاحب البلاغ الأساسي، والضابط الذي استمات من أجل التحقيق في القصور الرئاسية، ولولاه ما كانت تلك القضية لتظهر إلى النور.
وتُعتبر قضية "القصور الرئاسية" هي القضية الوحيدة التي أدين فيها مبارك ونظامه حتى الآن، حيث استطاعوا الإفلات من كل القضايا التي اتهموا فيها والتي كانت منها قضية القرن وقتل المتظاهرين وتصدير الغاز لإسرائيل إلي جانب القصور الرئاسية، إلا أن أوراق الاتهام في القضية الأخيرة ثابتة بشكل مؤكد علي استيلاء الرئيس الذي حكم مصر لثلاثون عاماً علي أموال الشعب.
يَعتبر معتصم فتحي، أن قضية القصور الرئاسية هيّ أكبر قضية إهدار مال عام شهدتها مصر في السنوات العشر الأخيرة، وخاصة أن المتهم فيها هو الموظف العام الأول فى مصر وهو رئيس الجمهورية.
ودلل على قوة موقفه بأن مبارك وأسرته سددوا 104 ملايين جنيه إلي خزائن الدولة، الأمر الذي يؤكد أنهم كانوا ينهبون ويسرقون الأموال.
والأوراق التي قدمها فتحي ضد مبارك ونجليه، تؤكد اختلاسهم 10 ملايين يورو من أموال عامة مخصصة لصيانة القصور التابعة لرئاسة الجمهورية.
فوجئ فتحي بعد 3يوليو 2013، عقب الانقلاب العسكري، بقرار نقله إلى فرع صغير للرقابة الإدارية بمحافظة البحيرة ثم تم تجريده من رتبته ونقله لوظيفة مكتبية بإدارة الشئون القانونية بوزارة التجارة.
وفضلا عن خفض مرتبه الشهري من 12 ألف جنيه إلى 1400 جنيه وفقدانه الامتيازات التأمينية وحرمانه من مكافأة نهاية الخدمة
يتعرض معتصم الآن للتهديدات له ولأسرته. بسبب تصديه للفساد ولتستر القيادة السياسية على شبكات الفساد المتغلغلة على أعلى مستوى.
يقول عن نفسه: "فوجئت قبل نظر قضية القصور الرئاسية، بصدور قرار تعسفي بنقلي من هيئة الرقابة الإدارية إلى وزارة الصناعة بعد خدمة تجاوزت 15 عاما، لم يحصل فيها أبدا على أى جزاء أو تحقيق، فضلا عن استبعادي من الشهادة بالقضية، رغم كوني القائم على إعداد محضر التحريات الأساسي في القضية، وكذلك ضبط كل الأوراق والمستندات والمتهمين".
تاريخ في محاربة الفساد
كُرم فتحي من قبل رئيس هيئة الرقابة الإدارية 3 مرات خلال عامين، لقيامه بضبط العديد من قضايا الفساد الكبرى، ومنها ضبط رئيس هيئة الصرف ورئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للقطن، و4 رؤساء آخرين، وحكم عليهم جميعًا بالسجن.
وعلى إثر ذلك، تم نقله إلى أحد القطاعات الهامة بهيئة الرقابة الإدارية كأصغر عضو بها لمدة 5سنوات، وهو قطاع يتعلق بضبط كبار المسئولين، ونجح بعد شهرين من انضمامه لها في كشف قضية فساد عام 2001 ضمت 13 متهما، منهم رئيس مجلس إدارة شركة الحاصلات الزراعية ورئيس التخطيط العمراني بمحافظة بورسعيد ومدير الأملاك بمحافظة بورسعيد، متلبسين بحصولهم على مبالغ مالية على سبيل الرشوة من بعض رجال الأعمال بوساطة رائد بالقوات المسلحة.
وتمكن فتحي من ضبط رئيس مجلس إدارة شركة الزيوت المستخلصة، ورئيس نادي الاتحاد أثناء تقاضيه مبالغ مالية على سبيل الرشوة من صاحب إحدى الشركات الخاصة، وتم ضبط مبالغ مالية ومشغولات ذهبية بقيمة 2 مليون جنيه، كما تورط في ذات القضية رئيس محكمة ورئيس مباحث العطارين لقيامهما بالحصول على مبالغ مالية على سبيل الرشوة من شقيق المتهم الثانى، لإدخال أحد المتهمين الموضوعين على ترقب الوصول لداخل البلاد، وقد حكم على جميع المتهمين بالسجن من 7 سنوات إلى خمس سنوات، وحكم على المتهم الأول بمصادرة أمواله فى قضية الكسب غير المشروع.
وخلال عامي 2004-2005، تم ضبط نائب رئيس مجلس إدارة شركة حسن علام و2 وكلاء وزارة، و3 مدراء عامين، و10 متهمين آخرين بواقعة حصول الأول وآخرين على مبالغ مالية على سبيل الرشوة تعدت 2مليون جنيه من بعض المقاولين المسند إليهم أعمال إنشاء أنفاق بمدينة القاهرة الجديدة وكوبرى المطار، وقد اعترف نائب رئيس مجلس إدارة شركة حسن علام والموظفون الآخرون بأن جزءا من مبالغ الرشوة التى تحصلوا عليها يتم تسليمها إلى وزير الإسكان شخصياً، أن جزءا من تلك المبالغ تم تجديد وشراء أثاث فيلات رئيس الجمهورية وأبنائه بمدينة شرم الشيخ، وحصل المتهمون على أحكام بالسجن، وبالنسبة لواقعة وزير الإسكان تم حفظها.
وفى عام 2008، تمكن من ضبط 13 متهما في قضية اشتهرت بقضية "ابني بيتك"، حيث تم ضبط رئيس الجهاز التنفيذي لمشروع أبنى بيتك ونائبه وآخرين وعدد 6 ضباط قوات مسلحة سابقين حال طلبهم وتقاضيهم مبلغ 17 مليون جنيه على سبيل الرشوة من بعض أصحاب شركات المقاولات مقابل تسهيل إجراءات إسناد أعمال رفع أتربة، وإنشاء معديات صرف صحي بمدينة 6 أكتوبر، وقد تم الحكم عليهم بالسجن من 10 إلى 5 سنوات.
وفى عام 2008 أيضا، تمكن من ضبط رئيس مجلس إدارة شركة النصر للفوسفات أثناء حصوله على مبالغ رشوة من وكيل إحدى الشركات الأجنبية مقابل قيامه بالموافقة على بيع الفوسفات المصرى بأسعار أقل من قيمته الحقيقية، وقد بلغ مبالغ الرشوة التي تم ضبطها 7ملايين جنيه.
وأصدرت محكمة الجنايات حكمًا على الرئيس المخلوع مبارك بالسجن المشدد لمدة ثلاثة سنوات في القصور الرئاسية، وبمعاقبة نجليه بالسجن المشدد لمدة أربعة سنوات، وحكم على مبارك ونجليه بغرامة تبلغ قيمتها لهم جميعا 125 مليون جنيه مصري وبإعادة 21 مليون جنيه مصري إلى الدولة.
ويرجع الفضل في ذلك إلى الضابط معتصم فتحي الذي كان السبب الأساسي في الإبقاء علي الرئيس المخلوع ونظامه داخل السجن، وكذلك إلصاق التهمة بهم، حيث استطاعوا الإفلات من كافة التهم إلا "القصور الرئاسية" وذلك لاحتفاظ معتصم فتحي بكافة الأدلة والمستندات التي تورط مبارك ونجليه في القضية.