في ذكرى انتصار أكتوبر 1973م تقف البلاد على منعطف مهم يسير بها نحو حالة الاستقرار، ونقل السلطة من المجلس العسكري إلى السلطة المدنية المنتخبة والشعب كله يحدوه الأمل في أن تسرع المسيرة في أمان نحو الأهداف الكبيرة التي ضحى من أجلها وقدم الشهداء والمصابين، ألا وهي الحرية والعزة والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والصلاح والتقدم، وعلي المستوي الإقليمي، تبدو تحديات الثورة واضحة في مواقف تصدر من داخل الكيان الصهيوني، كما تفرض تطورات السياسة العربية ضرورة ترقية التعاون بين الدول العربية، أما علي المستوي الدولي، فإن الكشف عن التعاون الأمريكي ـ اليمني في مكافحة الإرهاب، يثير من جديد هامشية الرغبة في التحول الديمقراطي لدي الدول الغربية.
ويوضح الإخوان المسلمون موقفهم من هذه الأحداث كما يلي:
أولاً: الشأن الداخلي
• إن معدن الشعب المصري يتجلى أروع ما يكون الجلاء في المواقف الفاصلة والتحديات العظيمة، حدث هذا عام 1973م في حرب السادس من أكتوبر التي تأتينا ذكراها الخالدة في هذه الأيام، حيث تجلت عبقرية العسكرية المصرية فعبرت القناة ودمرت خط بارليف الذي كان يؤكد العسكريون الأجانب والمحللون السياسيون أنه يحتاج إلى قنبلة نووية لتدميره، دمره الرجال بخراطيم المياه وجحيم النيران وسواعد الأبطال، وحرروا جزءا عزيزا من أرض الوطن، وحققوا أول نصر للعرب في العصر الحديث وقضوا على خرافة جيش الصهاينة الذي لا يقهر، لقد تجلت الروح المعنوية للمصريين المفعمة بالإيمان بالله والتوكل عليه والالتجاء إليه مع الأخذ بالأسباب المادية والمعنوية، ومن ثم كان هتافهم الله أكبر فنصرهم الله كما وعدهم (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) ولم يكن هذا نصرا للجيش فحسب ولكنه كان أيضا نصرا للشعب الذي التحم به وسانده بل كان نصرا للعرب والمسلمين .
والإخوان المسلمون إذ يهنئون الجيش فردا فردا قادة وجندا، والشعب المصري كله بهذه المناسبة ليرجون أن يتم استصحاب هذه الروح العظيمة التي تجلت في هذه الحرب وتجلت مرة ثانية في ثورة يناير 2011م، يتم استصحابها في هذه الفترة الانتقالية فتتوحد كل الفصائل والقوى والأحزاب على المبادئ وتنحى جانبا المصالح الشخصية والحزبية والفئوية حتى نعبر إلى بر الأمان، ويتسلم دفة السفينة ربانها الماهر ألا وهو الشعب ونوابه حتى تصل إلى أهدافها وغاياتها .
• تم لقاء بين عدد من أعضاء المجلس العسكري على رأسهم الفريق سامي عنان وبين عدد من رؤساء الأحزاب صدر عنه اتفاق على عدة نقاط كانت مثار جدل على الساحة السياسية والمجتمعية، وقد أصدر الإخوان المسلمون بيانا حددوا فيه موقفهم مما صدر عن هذا اللقاء .
ثانياً: الشأن الإقليمي
• عبرت حكومة الكيان الصهيوني عن قلقها من الأوضاع الأمنية في شبه جزيرة سيناء، وقد رأت الخارجية المصرية أن هناك مساع لخلق ذرائع للتدخل في شئون مصر، تحت زعم الانفلات الأمني في سيناء وتروج لصورة سلبية عن الحكومة المصرية في الخارج، ومن الغريب أن تتوافق الرؤية الرسمية في الكيان الصهيوني مع نتائج دراسات وتقارير صادرة عن المراكز البحثية، تشير إلي أن تنامي الاستثمارات المصرية في سيناء تشكل تحدياً استراتيجياً لأمن الكيان، حيث تلقي فكرة زيادة التجمعات السكانية تأييداً واسعاً من الحكومة المصرية والجماهير، وفي ظل هذا الوضع، يمكن القول، أن التوجه نحو تنمية سيناء يتطلب إرادة سياسية قوية تساندها قاعدة شعبية، ليس فقط لتأمين مشاريع التنمية ولكن أيضاً لحماية الثورة من التحديات الخارجية، ولذلك لابد من البدء بخريطة طريق للاستثمار في سيناء وتوفير التسهيلات اللازمة لحفز الاستثمار المحلي والأجنبي.
• إن ما يشهده العالم العربي من تحولات سياسية وتطلعات شعبية نحو الديمقراطية، تجعل الدول العربية علي أعتاب مرحلة جديدة تتسم بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، ولذلك يري الإخوان المسلمون أن هناك فرصة تاريخية لتطوير النظام الإقليمي العربي لكي يكون أكثر فاعلية في التعامل مع التحديات الخارجية، ويكون ذلك من خلال تفعيل دور الجامعة العربية والتوافق حول دور التجمعات الإقليمية في تسهيل التعاون المشترك وتنسيق السياسة بين الدول العربية، وفي هذا الإطار لابد من العمل علي تطوير العلاقات بين الدول العربية من المحيط إلي الخليج توطئة للتكامل الإقليمي.
ثالثاً: الشأن الدولي
• أعلنت الولايات المتحدة عن اغتيال أحد عناصر تنظيم القاعدة في اليمن (أنور العولقي) بالتنسيق مع المخابرات اليمنية، وذلك بعد إعادة (علي صالح) إلي اليمن، وقد أعلن أن هذه العملية تأتي في سياق التنسيق المشترك لمكافحة الإرهاب، ويمكن القول، أن تنفيذ هذه العملية في وقت تتصاعد فيه الثورة اليمنية وتتدهور أوضاع البلاد من الناحيتين؛ الأمنية والاقتصادية يكشف عن مدي الممانعة الدولية لبلوغ الثورات العربية غاياتها، ليس في اليمن فقط، ولكن في سوريا أيضا، وليس هناك استثناء لبلدان أخري، حيث تظل إمكانية التضحية بالديمقراطية لتحقيق مكاسب أخري واحدة من المبادئ الأساسية في السياسة الغربية تجاه شعوبنا.