خلال الأسبوع الحالي حدثت تطورات مهمة تعضد مسار الثورة والتحول السياسي في البلدان العربية، فعلي المستوي الداخلي لابد من النظر باهتمام لاستكمال مؤسسات الدولة وخاصة في الوضع الأمني في سيناء ، أما علي المستوي الإقليمي ، حيث يشكل نجاح الثورة الليبية في إسقاط نظام القذافي دفعة للتغيير في العالم العربي، وعلي المستوي الدولي، فمن الملاحظ مسارعة الدول الغربية للتعامل الحثيث مع الأحداث في البلدان العربية.
ويوضح الإخوان المسلمون موقفهم من هذه الأحداث كما يلي:
أولاً: الشأن الداخلي
*** لا تزال تداعيات الجريمة الصهيونية بقتل الجنود المصريين على الحدود تتفاعل داخل المجتمع المصري، حيث لم ير المصريون موقفا حاسما حتى الآن، ولم يقدم العدو الصهيوني الحد الأدنى الذي يمكن أن يقبله المسئولون في مصر وهو الاعتذار الصريح ، فقد خرج وزير دفاع العدو يتحدث بمنتهى الغطرسة بأنه لم يعتذر عن قتل الجنود المصريين، وكل ما قاله أنه يأسف لمقتلهم، وشتان بين الاعتذار الذي هو إقرار بارتكاب الجريمة وطلب الصفح، وبين الأسف الذي هو الحزن والأسى وهو شعور يخالج الإنسان لرؤيته حادثة مؤسفة قد لا تكون له بها علاقة، ولقد وقف الصهاينة نفس الموقف بعد أن قتلوا تسعة من الأتراك على متن السفينة (مرمرة) فى المياة الدولية ولا يزالون يرفضون الاعتذار .
والرأى العام فى مصر يتطلع لقرار حاسم ورادع يتناسب مع كرامة الشعب وعزة مصر، وهو طرد السفير وسحب سفيرنا من تل أبيب، وهو القرار الذى نشر أنه تم اتخاذه ثم تم العدول عنه بعد تدخل الأمريكان، وهو أمر خطير – إن صح – يدل على أن أمريكا لا تزال تتدخل فى شئوننا الداخلية وهو ما يرفضه المصريون جميعا، إضافة إلى ضرورة وقف تصدير الغاز وإلغاء إتفاقية الكويز .
*** أذيع فى إحدى القنوات الفضائية أن هناك عشرين معتقلا مصريا فى السجون الصهيونية بتهمة دعم المقاومة، وواجبنا – إن صح هذا الكلام – أن نسعى لتحريرهم، خصوصا وأنهم لا يكلون عن محاولات إطلاق سراح جواسيسهم ويوسطون مختلف الدول الغربية فى ذلك، ولقد نجحوا فى ذلك مرات عديدة، فلماذا الصمت عن أولادنا فى سجونهم ؟
*** لا تزال محاولات الالتفاف على الإرادة الشعبية بإصدار وثيقة دستورية فى صورة إعلان دستورى جديد تجرى على قدم وساق، يسعى لذلك دون كلل نائب رئيس الوزراء الجديد – للأسف الشديد – بعد أن فشل فى ذلك نائب رئيس وزراء سابق حتى أقيل، ولقد ذكرنا مرارا أن وضع الدستور واختيار الهيئة التأسيسية لوضعه هو حق خالص للشعب لا يجوز الافتئات عليه، وحتى شرط التوافق الوطنى الذى اشترطه المجلس العسكرى غير متحقق، فلقد رفض مبدأ إصدار وثيقة حاكمة للدستور وللهيئة التأسيسية التى تقوم بوضعه 34 حزبا سياسيا، إضافة لكل الحركات الإسلامية، وإن كنا جميعا لا نعترض على تقديم وثيقة أو أكثر فى صورة مقترحات للجنة وضع الدستور، أما فرضها عليها فلا .
*** تكرر حادث الإعتداء على بعض السياسيين فى الفترة الأخيرة كان منهم الدكتور محمد البلتاجى الأمين العام لحزب الحرية والعدالة الذى تم الاعتداء عليه وسرقة سيارته وتليفونه وأوراقه، ثم تم سحل الدكتور أحمد أبو بركة المستشار القانونى لنفس الحزب، وخطف حقيبته وتليفونه وأوراقه، وهى ظاهرة خطيرة لها دلالات سيئة، والإخوان يطالبون المجلس العسكرى ووزارة الداخلية بضرورة تنفيذ وعودهما بتوفير الأمن للمواطنين عامة والسياسيين خاصة، وسرعة ضبط وإحضار الجناة لمعرفة من الذى ينفذ هذه الجرائم وما هى بواعثه، هل هى سياسية أم جنائية، ومن يقف وراءها ؟
ثانياً: الشأن الإقليمي
***فى هذه الأيام المباركة نجح الثوار الليبيون فى دخول العاصمة طرابلس ودخول معقل الحاكم الطاغية بما يعنى انتصار الثورة الليبية – بفضل الله – لتنضم إلى الثورتين التونسية والمصرية، ولتلتحم المساحة الكبيرة من البحر الأحمر حتى تونس تحت حكم شعوبها، والإخوان يأملون أن تكون هذه النتائج عبرة لحكام سوريا واليمن فينصاعان لإرادة الشعبين قبل أن يلقيا نفس المصير، وحتى لا تزداد الخسائر فى الأرواح والممتلكات .. ولقد أصدرنا بيانا في هذه المناسبة منذ يومين .
ثالثاً: الشأن الدولي
***في ظل المشكلات المالية والاقتصادية التي تواجه الولايات المتحدة والدول الأوربية، تسعي هذه الدول لتتبع حالة التطور السياسي في البلدان العربية، وهذا ما يبدو واضحاً في التعامل الدولي مع الثورة الليبية، حيث تبذل جهود لتوفير الدعم المالي والمنح الدولية لمساعدة المجلس الانتقالي في تسيير شئون البلاد، ورغم أهمية هذه السياسات في إنعاش الوضع الاقتصادي خلال المرحلة الانتقالية، فإنه لابد من تجنب الآثار السلبية التي تؤدي لإعاقة التطور السياسي للبلدان العربية وإعادة تكبيلها مرة أخري بالتبعية الاقتصادية والسياسية، وخاصة ما يتعلق منها بالشروط المجحفة والتمويل السياسي من خارج سلطة الدولة.