حالة من الهرج والمرج طغت على معبر رفح أقصى جنوب قطاع غزة والذي فتحته سلطات الانقلاب العسكري المصرية يومي الخميس والجمعة بعد 103 أيام من الإغلاق.
ويقبع آلاف المسافرين المسجلين في قوائم السفر ضمن الحالات الإنسانية، تحت رحمة الضابط المصري الذي يقايض إشارة مرور الحافلات التي تقلهم بآخرين جرى تنسيق سفرهم عبر طرق التفافية مقابل مبالغ مالية طائلة توضع في جيوب هؤلاء الضباط بالتنسيق مع جهات فلسطينية.
وخلال هذا العام الذي شارف على الوداع لم تفتح سلطات الانقلاب العسكري المصرية المعبر إلا 20 يوما على فترات متباعدة.
شبكة "رصد" تجولت بين طوابير من المعاناة تنتظر السفر، تشكو إلى الله ظلم الظالمين وحصار اليهود وسلطات الانقلاب العسكري المصري معا، وكان لافتًا بطء الإجراءات المصرية في تسفير المسافرين.
وطغى حديث التنسيقات المصرية وهو اسم تجميلي "للرشوة" على ألسنة المسافرين هناك، وهي طرق التفافية لتسفير فلسطينيين دون حجز مسبق للسفر عبر كشوفات الداخلية المعمول بها في غزة، يقوم عليها مكاتب وضباط أمن من السلطة المستنكفين في منازلهم بأمر من محمود عباس، لهم علاقاتهم مع المخابرات والأمن المصري؛ بحيث يدفع المواطن الفلسطيني مبلغًا من المال يبدأ من 1500 دولار حتى 6000 آلاف دولار مقابل تسهيل سفره.
هذا الأمر كان معروفًا ومعهودًا قبل إدارة داخلية حماس للمعابر في غزة، لكنها عادت بشدة هذه الأيام مستغلين بذلك حاجة الناس، طلابًا ومرضى وأصحاب إقامات، إلى السفر، يدفع المقتدر منهم مكرهًا على قضاء مصالحه المعلقة.
وتضطر السلطات على الجانب الفلسطيني إلى الموافقة على الطلب المصري، لضمان سفر العالقين الفلسطينيين، وإلا فإن الجانب المصري لا يجد أي مشكلة في تعطيل حركة السفر أو إغلاق المعبر دون سفر أحد.
الصحفي "محمود فودة" الذي وجد في المعبر أشار في حديث لـ"رصد" إلى أن فتح معبر رفح يتعلق بالمصلحة الاقتصادية والسياسية المصرية، مضيفًا "منْ يظن أن مصر ستفتح معبر رفح بمجرد وصول قوات حرس الرئاسة، واهم".
وأوضح أنه "في يونيو المنصرم فتحت مصر المعبر على مصراعيه لأسبوعين، ضمن اتفاق بين خالد فوزي وزير المخابرات المصرية مع الدكتور موسى أبو مرزوق القيادي بحماس، جرى خلال هذا الأسبوعين إدخال كميات كبيرة من الإسمنت ومواد البناء.
السسيسي وإغلاق المعبر
وكان عبد الفتاح السيسي قال في تصريحات سابقة إن فتح معبر مرتبط بالوضع الأمني في سيناء، ثم عاد وأكد أن فتحه مرتبط بوجود السلطة في المعبر.
وتجاوزت السلطات المصرية هذه المرة البرتوكول المعمول به بين مصر والجانب الفلسطيني؛ إذ أعلنت عن فتح المعبر بشكل مفاجئ قبل ساعات من فتحه ، على عكس العادة في أيام فتحه السابقة؛ حيث كان يتم الإبلاغ قبل أيام، كي يتسنى تنظيم عملية السفر وتجهيز سجلات المسافرين، دون معوقات.
ويقول الصحفي جمال عدوان في حديث لـ"رصد" إن تجاوز البرتوكول المعمول به تسبب بحالة من الإرباك في عملية تجيز سجلات السفر واستدراك وزارة الداخلية بغزة نفسها لوضع الأولوية لأصحاب الحاجات الملحة للسفر.
وتحدث عن المشكلات على الساحة والاحتجاجات وحالة الاستنكار والغضب الشديدين في صفوف المسافرين؛ جراء قيام مصر بإجبار الجانب الفلسطيني على تسفير أصحاب التنسيقات المصرية الخالصة؛ الذين دفعوا الأموال الطائلة لجهات فلسطينية مصرية متنفذة، وإهمال الحالات الإنسانية التي تنتظر دورها.
رشاوى بالإكراه
ويؤكد مراقبون أن "الرشاوى" التي يدفعها الفلسطينيون مكرهين لجهات فلسطينية مصرية متنفذة، لا وجود لها في الوضع الطبيعي وفتح معبر رفح بشكل دائم، مرجعين إغلاقه بهذا الشكل إلى أسباب سياسية متعلقة بالنظام القائم في مصر، إضافة إلى علاقات المصالح ونفوذ الضباط.
اتهامات لسلطة عباس بالتواطؤ
ويتهم الفلسطينيون في غزة السلطة بالتواطؤ في أزمة معبر رفح والقفز على كل الاتفاقيات التي وقعتها مع حركة حماس على طريق انهاء الانقسام وتوحيد مؤسسات الوطن.
وكان مسؤول ملف المصالحة في حركة فتح عزام الأحمد قال عقب توقيع اتفاق المصالحة في الشاطئ غرب غزة قبل عامين ، إن معبر رفح سيتم فتحه بشكل دائم خلال أيام وهو الأمر الذي لم يحدث.
ويرفض محمود عباس إرسال ضباط حرس الرئاسة لإدارة المعبر مع حماس وفق ما تنص عليه الاتفاقيات.
وقال القيادي البارز في حماس موسى أبو مرزوق في تعقيب على دعوات تسليم المعبر للسلطة لإنهاء معاناة المواطنين: لقد عرضنا بعودة ما تسمونه بحرس الرئاسة ورفضتم ، وعرضنا أن يعود من كان يعمل في المعبر سابقا مع إخوانهم القائمين على المعبر الآن وتحت إشرافكم ورفضتم ذلك أيضا.
ورحب الناطق باسم حماس سامي أبو زهري بفتح السلطات المصرية لمعبر رفح وطالب بتمديد فتحه حتى يتم سفر الجميع.