26/03/2010م

نافذة مصر/ وكالات :

في كل يوم لدينا قصة جديدة ومع كل إشراقة شمس ينبلج الليل عن أسطورة جديدة وبطولة جديدة من بطولات المجاهدين المختطفين في سجون الظلم والقهر سجون مليشيات عباس الفتحاوية صنيعة الاحتلال الصهيوني ووليدة التآمر الدولي على شعب فلسطين وقضيته.

 في هذه المرة نسلط الضوء على شاب من خيرة شباب فلسطين، شاب حمل هم قضيته وتسلح بالعلم والإيمان وثار في وجه الظلم والطغيان، لم يرض بالذل ولا الهوان، وسار على طريق الدعوة والجهاد طريق الأنبياء والمرسلين ومن بعدهم من الصالحين.. وكنهاية متوقعة لمن يسلك هذه الطريق ويقارع هذا الاحتلال وكمن تسلح بعبارة الشيخ عز الدين القسام رحمه الله .. إنه لجهاد نصر أو استشهاد، فمن الطبيعي أن يجد نفسه في سجون الاحتلال الصهيوني يسطر مع إخوانه المجاهدين آيات الصمود والتحدي والعنفوان ليقضي سنتين من زهرة شبابه في تلك السجون.

وبعد عامين من الصبر والاحتساب خرج ليعانق الحرية ويتنفس هواء فلسطين من غير أشياك ولا تعكير سجانين فكانت الطامة حيث انقضت عليه مليشيا الغدر والخيانة الفتحاوية وبأمر من سيدها دايتون من أجل اختطافه ولم يمضي على الإفراج عنه من سجون الصهيونية سوى ثلاثة شهور ليجد نفسه في سجون صهيونية أخرى ولكن تحت لافتة كتب عليها سلطة فلسطينية وما أبعدها عن أن تكون سلطة وما هي بفلسطينية، وإنما هي صنيعة الاحتلال البغيض والوجه الآخر له.

ما أن دقت عقارب الساعة لتشير إلى الواحدة فجراً حتى هاجمت كلاب دايتون منزله ووسط حالة من الانسلاخ من الشيم والعادات والأخلاق والوطنية والشرف قامت تلك المليشيا باقتياده إلى مراكز اعتقالها سيئة السمعة، وذلك بعد إشباعه من الضرب والشتم والإهانة ، ووجد نفسه في ضيافة جهاز المخابرات الفتحاوي ويا ويحها من ضيافة.

مكث هذا المجاهد في زنازين جهاز المخابرات مدة ستة شهور من بينها أربعة شهور ونصف في زنازين انفرادية، وقضى باقي المدة متنقلاً بين مراكز التحقيق والسجون، يتناوب عليه المحققين ليوهموا عزيمته وهمته دون أن يتزحزح قيد أنملة عن مواقفه، لقد أوهموا أنفسهم بأن لهم دولة وسجون ومنوا أنفسهم بعبارات السلطة والسيادة متناسين أن السيادة لرب العالمين ولدين الإسلام ومهما علا الظالم وانتفخ فانه سيسقط وسيدفع ضريبة ذلك ذات يوم وسيندم على شنيع فعله، وستذيقه الأيادي المتوضئة معنى الذل والهوان، كيف لا وهو الذي ربط مصيره بمصير الاحتلال الغاشم الزائل بإذن الله عز وجل.

أما عن تحقيقهم فحدث ولا حرج، فهو أغرب من منطق فرعون وأعجب من وسوسة هامان وأقسى من عنجهية جنودهما، فقد أبرز له المحقق قائمة من التهم الجاهزة الواقعة في حوالي العشرين صفحة، فما أغرب هذا المنطق، فالمجاهد (أو المتهم كما هو عندهم) لم ينطق بعد ببنت شفه ليجد الآحاد لا بل العشرات من التهم، وكلما أنكر تهمة زادت عدد الإشارات على الورقة من قبل المحقق بأن التهمة ثبتت أي أنه كلما سقطت تهمة سجلت في الورقة عشر تهم وهذا أشبه بمنطق بني صهيون وترجمةً لعبارة هرتزلهم الأكبر سأظل أكذب حتى أصدق ما قلت، أما عن التهم ويا لها من تهم فهي تبدأ بالانتماء إلى كتائب القسام وتنتهي بتشكيل مجموعات مسلحة مناهضة للسلطة، ولهم الحق في أن يخافوا القسام فعند ذكر كلمة القسام ترتجف قلوبهم وعرائضهم لها، كيف لا وهو الذي أدبهم في غزة فأحسن تأديبهم، وما درس الضفة ببعيد، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

ومن بين ما حوته سطور هذه الأوراق تهم ذات منطق غريب، ومن بينها أن المجاهد أطلق النار على الجيش الإسرائيلي من مناطق السلطة دون إذن من السلطة ، فلله درك يا أيها المسكين فلو أنك طلبت الإذن من ولي الأمر قبل فعلتك التي فعلت لكنت من الناجين، وربما نلت نوط القدس على شهامتك وشجاعتك، كيف لا والسلطة ليل نهار تمنح تراخيص الأسلحة والأذون بمهاجمة العدو الصهيوني أينما حل ووجد، ويظهر ذلك جليا على شاشات التلفاز، وإذا كنت لا تصدق فأسأل أيادي ليئا رابين وخدود ليفني فلقد أهلكتها نيران المحمود العباس والرفيق الحسيني والياسر العبد ربه والصائب العريقات والطيب الرحيم والنمر الحماد... الخ وصدق قول الشاعر :-  وألقاب مملكة في غير موضعها     كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

أما محاولة الانقلاب على السلطة وتدريب عناصر انقلابية فهي تهمة كل بريء، ولصيقة كل اعتقال، فهذه هي حال السلطة الجبانة التي تنام وتغفو وهي ترتجف خوفاً من أن يحل بها ما حل بالقرون الدحلانية والفتحاوية الأولى أبان تسلطهم على غزة الثوار، ونطمئنهم بأن هذا اليوم ليس ببعيد وما هو على الله بعظيم، فاحرصوا على أن يكون عملكم في الطوابق الأولى حتى إذا قفزتم منها لم تصابوا بأذىً كثير وتلصق التهمة بالقسام.

أما زيارة الأهل فجاءت بعد عناء طويل وبعد شهرين من الاعتقال، أما المصحف الذي أحضر من قبل الأهل فمنع من الدخول وقيل له هذا الكتاب ممنوع، كيف لا وفيه تحريض عليهم وتبشير بنهاية كل ظالم ،وفيه كذلك سلوى وعون للمجاهدين في الكرب والظلمات.

أما عن التعذيب فأصبح معروف عنهم، وأصبح عندهم فنون للتعذيب، وله ممارسين أكفاء من خريجي أسفل كلية من أكاديمية دايتون في أريحا ، فلقد تم شبحه ثمانية أيام متواصلة وبنفس الوضعية، ناهيك عن التفتيش العاري (طبعاً هذا أسلوب صهيوني بامتياز (. أما عن المحاكم والقضاء فهي شر البلية والمبكي المضحك فقد تم اعتقال المحامي مدة ثلاثة أيام بعد تسلمه القضية للدفاع عن موكله، فهذه هي مؤسساتهم الفياضية التي تفيض بالنزاهة والشفافيه والديمقراطية.

ومرت هذه الرحلة مليئة بالآلام والصعاب فلا تسمع منهم إلا سيء الكلام وأسفله من شتم للذات الإلهية وشتم للأعراض، ولا فترات استراحة، وإذا أردت أن تحرك جسدك فلا تستطيع المشي إلا خطوات قليلة، ولا خروج للساحات لرؤية الشمس فهي من الممنوعات فربما تمد المختطف بالأمل بعد الألم.. فكما تشرق الشمس صباح كل يوم معلنة الثورة على الظلام سيأتي اليوم الذي تثور فيه النفوس والأجساد على هذا الواقع وعلى هذه السلطة العائبة، ونعلن في ذلك اليوم أنه قد ولى عهدكم فلا فتح بعد اليوم