25/03/2009

في ذكرى استشهاد شيخ الأمة وإمامها ومفجر ثورتها الشيخ الجليل أحمد ياسين، كان من الواجب أن أسجل بعض المواقف التي شهدتها في حياته وسيرته العطرة، وهذه المواقف التي أعتقد أن على الدعاة وأصحاب الهمم العالية أن يقتدوا بها في نشر دعوة السماء واكتساب قلوب الناس، فكان رحمه الله واسع الصدر، يستمع للجميع، ويترك المتحدث ليكمل فكرته دون مقاطعة، حتى لو طال حديثه، واستطرد بعيدا، فلا يظهر على وجهه الضجر أو المضايقة، حتى أصبح جميع الناس يقصدون بيته المتواضع، فهذا صاحب مشكلة مع جيرانه، وذاك مع زوجته، وغيره يشكي أولاده، وفلان يشتكي ضيق العيش، وقلة المال، وعلان يبغي علاج ابنته ولا مال لديه، وغيره وغيره من أصحاب الحاجات والقضايا المتنوعة، والشيخ رحمه الله يسمع الجميع ويساعد قدر استطاعته، ويتحدث بلطف لمن حاجته فوق طاقة الشيخ، حتى بات من يقصد الشيخ يخرج مجبور الخاطر وراضي النفس حتى لو لم تقض حاجته.
على الرغم من الوقت والجهد الذي يتكلفه الاستماع لحاجات الناس وحل مشاكلهم إلا أنه لم يكن يضجر يوما، أو يمنع سائلا، ولقد كنت يوماً في ضيافة الشيخ فإذا بمجموعة من السائلين يقصدون بيته، فما كان من مرافقيه ومن باب الحرص على الشيخ لتعبه وإرهاقه في ذلك اليوم إلا أن طلبوا من السائلين أن يحضروا في يوم آخر، وعندما علم الشيخ عاتب مرافقيه على ذلك، مؤكدا لهم بألا يمنعوا سائلا أو يردوا صاحب حاجة.
كما كان رحمه الله متواضعا يستمع للصغير ويسلم عليه ويسأل عن كل من يعرف، ولم يرفض طلب لإنسان حتى لو كان طفلاً، ففي إحدى الأيام، وبعدما أدى الشيخ صلاة المغرب في مسجد المجمع الإسلامي بالقرب من بيته، لم يجد جلسات تحفيظ القرآن، فسأل رحمه الله عن السبب فقيل له أن الأولاد لا يلتزمون بالجلسة، وعلى الرغم من التزاماته وانشغالاته إلا أنه أصر أن يحفظ الأشبال القرآن ويجلس بنفسه معهم بعد تحديد مواعيد ثابتة للتحفيظ، وهذا ما حدث بالفعل ولم يتخلف يوما عن موعد التحفيظ، وكان يمازح الأطفال ويحكي لهم حكايات من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقصص الصحابة الكرام، وينظم لهم المسابقات ويقدم الجوائز، والحلقة تكبر وتتسع يوما بعد آخر، حتى خرج منهم العلماء والمجاهدون والشهداء.
كما كان رحمه الله صاحب روح خفيفة، يرسم الابتسامة على وجوه من حوله، ويلاطف الجميع بالمزاح الصادق، ففي إحدى المرات كنت جالسا بجوار الشيخ وكان مرافقه رحمه الله الشهيد المجاهد سهيل أبو نحل حاضرا، فدخلت زوجة الشيخ أم محمد فقال سهيل لها ممازحا نريد أن نزوج الشيخ، فغضبت، وعندما شاهد الشيخ ما حل بأم محمد قال لنا موافق على الزواج بشرط فانتبه الجميع فأكمل الشيخ شروطه قائلا: أول شرط أن تختار أم محمد العروس، والثاني أن تدفع هي المهر والثالث أن تجهز البيت على نفقتها وعندها أتزوج، وهنا انفرجت أسارير أم محمد وابتسمت وضحكنا جميعا لأن ذلك لن يحدث.

هذه بعض المواقف التي عايشتها في حياة الشيخ المجاهد الذي حظي بقلوب الناس واحترامهم فكان بحق قدوة حسنة لمن حوله، حتى دخل الحركة الإسلامية أناس كانوا من ألد الأعداء لها، فقط بمعاملة الشيخ لهم وأخلاقه النبيلة.