الإسكندرية – محمد صلاح – نافذة مصر

 

النقود في العالم .. هذا هو المحور الرئيسي الذي تدور حوله أبحاث المنتدى الدولي الرابع للنقوش والخطوط والكتابات في العالم عبر العصور، الذي نظمه مركز الخطوط التابع لمكتبة الإسكندرية، بالتعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"، في الفترة من 16 إلى 18 مارس ، كمحور رئيسي للمنتدى بهدف تعزيز الحوار الجاري حول تاريخ الأوراق النقدية والنقود المعدنية ومختلف الكتابات والنقوش على النقود المعدنية في العالم.

 

وقدم علاء الدين شاهين من كلية الآثار، جامعة القاهرة، دراسة تمهيدية بعنوان العملة من حضارات الشرق الأدنى القديم في الألف الأول قبل الميلاد، والتي أشار فيها إلى أنه لم يكن للعرب قبل الإسلام نقود خاصة بهم . وكانت المعاملات التجارية تتم بالنقود المتداولة في شبه الجزيرة العربية آنذاك. وقد أشار القرآن الكريم إلى رحلات العرب التجارية صيفا إلى بلاد الشام يحصلون منها على الدنانير الرومية وشتاء إلى اليمن يحصلون منها على الدراهم الحميرية. كما كانت ترد إلى شبه الجزيرة العربية الدراهم الفضية التي كانت تضرب في الأقاليم الشرقية خاصة في إيران والعراق. وقد أورد البلاذري في كتابه "فتوح البلدان" أن العرب كانوا يبايعون بالدنانير على أنها تبر ويطلقون عليها "العين". كما كانوا يطلقون على الدراهم الفضية كلمة الورق. فلما جاء الإسلام أقر الرسول (صلى الله عليه وسلم ) النقود على ما كانت عليه، وتعامل نفسه بها. وبعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) أقر الخليفة أبو بكر الصديق بسنة الرسول في تـبني النقود المتداولة بين المسلمين ولم يغير منها شيئًا.

 

وتشير هذه الدراسة إلى أن أول عملة سكت من حضارات العالم القديم ربما تؤرخ من القرن السابع قبل الميلاد المعروفة اصطلاحًا بالعملة الليدية / اليونانية من ليديا (بلاد الأناضول) بهيئة بذرة الفاصوليا من الالكتروم (خليط من  الذهب والفضة) ومؤرخة من عهد الملك أرديس (652 – 625 ق.م) ونقش عليها صورة أسد فاتحًا فاه. وكان يوضع على تلك العملات خاتم باسم ملك ليديا كضامن لها ولقيمتها الموحدة. ثم انتقل سك العملة من بعد إلى مناطق مجاورة إلى الفرس الإخميــنيين وإلى اليونان. وكان للمدن الإغريقية دور فعال في تاريخ المسكوكات (العملة) وظل تراثها في هذا المجال ينتقل عبر القرون حتى امتد إلى جميع أنحاء العالم القديم آنذاك. وكان لما استولت عليه  جيوش الاسكندر الأكبر من كنوز بمناطق الشرق الأدنى القديم وتحويلها من بعد إلى نقود  دوره الأساسي في انتشار النقود اليونانية في محيط البحر المتوسط انتشارا  ملحوظا. وعثر على بعض تلك المجموعات من النقود اليونانية في جزيرتي فيلكا والبحرين من حضارات الخليج العربي القديمة.

 

وتضمنت أبحاث المؤتمر بحثاً عن دور سك النقود في المشرق الإسلامي خلال القرنين الثالث والرابع الهجري / التاسع والعاشر الميلادي ، قدمه محمود عرفه من كلية الآداب، جامعة القاهرة، أشار فيه إلى أن دراسة النقود تكشف للباحث كثيراً من الحقائق السياسية والاقتصادية والدينية في تاريخ الأمم والشعوب، لذا فهي تحتاج إلى دراسة شاملة متكاملة لكل جوانبها الفنية والتاريخية لكونها من ناحية أخرى تعد كنوزًا لتطور النقوش والزخارف الكتابية والنباتية والهندسية فضلاً عن الرسوم الفلكية والحيوانية.

 

وأكملت الدراسة أن المشرق الإسلامي حظى بدور ضرب رئيسية وفرعية لسك النقود عامة والدراهم الفضية بصفة خاصة لتوافر معدن الفضة بأقاليم المشرق الإسلامي، لذا يهتم البحث بدور الضرب الرئيسية في الحقبة الزمنية التي تجلى فيها استقلال أقاليم المشرق الإسلامي عن الخلافة العباسية، ولعل من أهمها الدور التي أنشئت في سمرقند ومرو ونيسابور وهراة والمشرق والشاس وهمذان.

 

كما يتطرق البحث لصناعة قوالب السك في المشرق الإسلامي، وعملية ضرب الأقراص المعدنية ومراحلها المختلفة إلى أن تصبح نقودًا متداولة مع الإشارة إلى فريق العمل بدور الضرب من المشرفين والنقاشين والفنانين ومناقشة مدى اعتمادهم على قوالب السك المرسلة إليهم من دار الخلافة المركزية خلال فترات التبعية والاستقلال .