ليست هذه المرة الأولى التي يشكو فيها سكان الشطر الشرقي من مدينة حلب؛من ظروف الحرب، لكنها قد تكون الأقسى والأشد وطأة منذ بداية الثورة السورية، وذلك بعد إحكام الحصار على الأحياء الشرقية، من قبل قوات النظام والمليشيات الموالية له، تحت غطاء الطيران الروسي.

وقد فرض هذا الحصار تحديات إنسانية جمة على المدنيين، الذين يعيشون في تلك الأحياء الخاضعة لسيطرة الثوار.

وفي غمرة الحديث عن الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها نحو 400 ألف مواطن نتيجة الحصار في حلب، تطفو إلى السطح مشكلة فقدان حليب الأطفال في الأحياء المحاصرة، الأمر الذي دفع بمنظمات معنية عاملة في المدينة؛ إلى توجيه نداءات استغاثة للمنظمات الدولية، مناشدة إياهم بضرورة توفير هذه المادة التي توشك على النفاد.

وفي هذا الصدد، أكد سامر أبو محمود، مدير مؤسسة السعد لتنمية الطفل، التي توزع الحليب مجانا لحوالي ستة آلاف طفل مسجلين لديها سامر، أن مخزون المؤسسة من حليب الأطفال قد قارب على النفاد.

وتوجه أبو محمود إلى حكومات الدول الإسلامية بالقول: "أمر حليب أطفال سوريا عموما وحلب على وجه الخصوص بيدكم، وستحاسبون أمام الله عن كل دقيقة جوع طفل".

وعزا مدير المؤسسة عدم تخزين المؤسسة التي يديرها كميات كبيرة من هذه المادة قبل وقوع الحصار، إلى ما اعتبره "خللا في عمل الأمم المتحدة". وأوضح إن الأمم المتحدة منعت المنظمات المنضوية تحتها من تزويد المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بمادة الحليب، إلا ضمن مشروع تغذية متكامل لتوعية الأم لفوائد الإرضاع الطبيعي".

وتابع قائلا: "لمدة شهرين أو أكثر قبل وقوع الحصار ونحن نحاول تأمين المادة، لكن لم نجد الجهة الداعمة، وما استطعنا توفيره من جهات فردية، لا يسد ولو جزءا يسيرا من متطلباتنا".

وذكر أبو محمود أن الموازنة السنوية لتغطية حاجة خمسة آلاف طفل من مادة الحليب تصل لحوالي نصف مليون دولار أمريكي، مشيرا إلى أن تأمين هذا المبلغ بحاجة إلى تمويل دولي.

في غضون ذلك سجلت أسعار مادة حليب الأطفال في صيدليات ومحال المدينة ارتفاعا جنونيا، حيث وصل سعر العلبة الواحدة (500 غرام)، إن وجدت، إلى حوالي 2400 ليرة سورية.

وعلى إثر هذا الارتفاع في سعر مادة الحليب، أكد رئيس تجمع أطباء حلب الأحرار الدكتور عبد السلام ضعيف؛ أنه ليس بمقدور غالبية الأهالي شراء الحليب لأطفالهم مع وصول السعر إلى ما وصل إليه.

ومن المتوقع، بحسب ضعيف أن تشهد أسعار حليب الأطفال "ارتفاعا غير مسبوق"، مبيناً في حديث لـ"عربي21"؛ أنه "من الطبيعي أن يزداد الطلب على هذه السلعة رغم ارتفاع سعرها، وذلك خوفا من الأهالي على حياة أطفالهم".

وفي الوقت الذي اعتبر فيه "أن الوضع الإنساني قد ينبئ عن كارثة على كافة الصعد"، حث ضعيف المنظمات الأممية المعنية على ضرورة إيجاد ممر إنساني، يتم من خلاله ادخال المواد الأساسية إلى داخل المدينة.

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد دعت النظام السوري الجمعة، على موقعها الرسمي، إلى السماح بالدخول الفوري للمواد الغذائية إلى مناطق حلب المحاصرة، والسماح بمغادرة المدنيين، معتبرة أن استخدام سلاح "التجويع" ضد المدنيين يعتبر بمثابة  "جريمة حرب".