نرصد بعض الفوارق في تعامل أمن الانقلاب مع السجناء، فدائمًا مايعامل النظام السجناء المعارضيين بطرق عقابية شتى، لا يمارسها مع من اقترفوا أبشع التهم مثل الجواسيس والجنائيين، ومقترفي جرائم الاختلاس وسرقة الأموال العامة، ومن هذه الفوارق:

1- المعاناة في برد الشتاء القارس

فاقمت موجة البرد القارس التي تضرب مصر هذه الأيام معاناة المعتقلين السياسيين المعارضين لحكم العسكر، الذين يتعرضون للتعذيب البدني والمعنوي، ويشكون تعنت سجانيهم وإدارة السجون التي ترفض السماح بإدخال أغطية يستعينون بها على برد الشتاء.

ونقلت شقيقة أحد المعتقلين في سجن وادي النطرون عن شقيقها قوله إن إدارة السجن أخرجت جميع المعتقلين السياسيين من الزنازين في السابعة من صباح يوم الجمعة الماضي، وأجبرتهم على خلع ملابسهم، ثم أعادتهم للزنازين بملابسهم الداخلية فقط، لمدة ساعتين بعد أن سحبت كل الأغطية من الزنازين.

في حين أن المخلوع مبارك وولديه ورموز نظامه السابقين عادة ما كانوا يظهرون في محاكماتهم، وهم يرتدون أفخم الملابس الشتوية، ووصفت الزنازين المقيمين بها بالغرف "الخمس نجوم" لما فيها من وسائل التدفئة والترفيه.

2- السياسيون يعانون من سوء التغذية

يعاني المسجونون السياسيون من التكدس وتدني نوعية الطعام، وهو ما لا يعرفه مساجين نظام مبارك والجواسيس؛ حيث عندما تحدث الجاسوس "ترابين" عن زنزانته قال إنه كان يملك ميكروويف يستطيع من خلاله تسخين طعامه، وكان يعامل معاملة جيدة ويتناول الطعام الجيد، وخرج بصحة جيدة بعد 15 عامًا.

أما السياسيون فهم يعانون أشد المعاناة؛ حيث يؤدي الإهمال في النظام الغذائي دائمًا لانتشار الأمراض؛ فإذا لاحظنا النظام الغذائي داخل السجون سوف نجده من أسوأ الأنظمة الغذائية حيث يتم الاعتماد على الفول والعدس والجبن والحلاوة والخضار والأرز كما يقدم لهم في بعض الأحيان بعض اللحوم أو البيض مرة في الأسبوع ويتم إعداد الطعام بسلقه في المياه بدون أي زيوت أو ملح ويكون الإعداد في غاية السوء فالطعام بصفة عامة غير نظيف وغير كاف مما يؤدي إلى انتشار العديد من حالات سوء التغذية والتسمم الغذائي والضعف العام.

أما مساجين سجن "المزرعة" من رجال الأعمال ورموز نظام مبارك فلهم مطاعم فاخرة تقدم لهم ما يطلبون.

3- شكل الزنازين

من نستطيع وصفهم بـ"الكبار" في مصر لايمكن وصف محبسهم بالزنزانة فهي حجرات في فنادق، فغرف الحبس أرضيتها سيراميك وحوائطها بلاستيك ومجاورة لملاعب تنس وقدم خماسي وطائرة وصالة جيم ومستشفي، ففي السنوات الأخيرة تكشفت الرفاهية الموجودة داخل هذا سجن المزرعة والاشبه بناد رياضي أو منتجع متاح للمساجين كل الممنوعات من الاحتفاظ بالنقود وتجهيز الزنزانة بأدوات كهربائية.

فمثلًا رجل الأعمال هشام طلعت - المتهم بالقتل - ورث زنزانة إبراهيم الهواري صاحب قضية أركاديا مول والذي حصل علي ثلاث غرف، جعلهما غرفة واحد، أما هشام فضم عليهما 3غرف أخري وقسم كل المساحة ما بين غرفة نوم ومطبخ وحمام.

أما في سجن "العقرب" المكان الأشهر للسياسيين، فلا يتوافر داخل السجن أغطية ومفروشات وينام النزلاء على الأرض مما يؤثر على الحالة الصحية للنزلاء وخاصة كبار السن منهم كما أنه توجد دورة مياه عبارة عن حائط بارتفاع 150سم من جهتين ويكون مكشوف السقف كما لا يوجد عليه باب ونظرًا لعدم الاعتناء بالنظافة فإنه يولد الروائح الكريهة مما تكون سببًا لانتشار الأمراض .

وهناك بعض النزلاء يتم منعهم من التريض عنهم لفترات طويلة مما يؤثر على أرجلهم وعظامهم وحالتهم النفسية، ويعاني معظم المعتقلين من ربو مزمن وقرحة بالمعدة ورمد والتهاب كبدي وبائي وآلام روماتيزمية بمفاصل الأيدى والأرجل والفقرات وأمراض السكر والقلب وقصور في الكلى وارتفاع ضغط الدم وصرع وتليف في الكبد وحساسية بالصدر.

4- المعاملة

عندما حكى الجاسوس المصري لإسرائيل عزام عزام، - الذي تم الإفراج عنه - عن محبسه، قال إنه كان يتعامل معاملة حسنة، وكان يتمتع بوسائل ترفيه عديدة في زنزانته، ولم يشكو من تعذيب أو تعمد لإهانته بالسجن.

أما من يتهم فقط بأنه يتبنى رأي سياسي مخالف للسلطة فإنه يلقى أشد أصناف التعذيب،  فقد أكدت منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان أن آلاف المعتقلين في مصر يتعرضون للصعق بالصدمات الكهربائية والضرب المبرح والتعليق من الأيادى والأقدام والجلد بالسياط والتعليق من قضيب أفقى في أوضاع تؤدي إلي التواء الجسم فضلًا عن التهديد بالاغتصاب والقتل وإلحاق الأذى الجنسى بأقارب المعتقلين وهو ما يعني أن ما حدث في سجن أبوغريب صورة من صور تتكرر بشكل بشع في السجون المصرية.

5-المنع من الزيارة

المنع من الزيارة هو أحد المشاكل الكبرى داخل السجون للسياسيين، حيث يؤدي المنع من الزيارة إلى سوء الحالة النفسية للنزلاء وأسرهم فهو يؤدي في كثير من الأحيان إلى عدم وصول الأدوية للنزلاء وبالتالي تفاقم حالتهم المرضية.

ومنع الزيارات هو أحد الأساليب العقابية لمعارضي حكم العسكر، وهو ما لا يعاني منه المسجونيين لأسباب جنائية، أو من أضروا بالمال العام، وقد دشن أهالي معتقلي سجن العقرب هاشتاج جديد تحت عنوان "افتحوا الزيارة" للمطالبة بفتح الزيارة لذويهم والمغلقة منذ عدة أشهر.

مشاهد من التعذيب

وكشفت الناشطة المصريّة سناء سيف عن بعض مشاهداتها للتعذيب في السجون المصرية على صفحتها على "فيسبوك"، حيث روت أنها كانت في قسم مصر الجديدة، لمدة أسبوعين صيف العام الماضي، بسبب امتحاناتها الجامعيّة، فكانت كُلّ منتصف ليلة تسمع صراخ الأشخاص المحجوزين في الأقسام نتيجة "حفلات التعذيب".

وأشارت سيف إلى أنّ ضابطاً يُدعى كيرلس كان يُعذّب المساجين كُلّ ليلة بشكل متواصل، وروت كيف أصرّ على أنّ يعتدي بالضرب المبرح على شخص ذي إعاقة عقليّة، لأنّه كان مصراً أنّ السجين "يُمثّل".

 وروت أيضاً كيف تم الاعتداء على إحدى الفتيات المسجونات من قبل الضابط نفسه.

ولفتت سيف في منشورها الذي انتشر بشكل واسع على "فيسبوك" إلى أنّها علمت من بعض الضباط الآخرين أنّ "كيرلس" يكره الثورة المصرية، وعندما علم أنّها من الثوار وأخت الناشط علاء عبدالفتاح، وأنّها تكره التعذيب وتنشط ضدّه، قرر أن "يُضايقها" بتعذيب الآخرين، لأنّ أوامر وصلت للضابط بعدم المسّ بها.