بقلم - أحمد مفرح :

 تعديلات قمعية جديدة بالمخالفة للمواثيق و المعاهدات الدولية الملزمة لمصر اهمها اتفاقية مناهضة التعذيب و القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء الاعلان العالمي لحقوق الانسان و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدينة و السياسية.

التعديلات قننت حالات التعذيب بحق المحبوسين و المعتقلين بداخل السجون كما قننت مواد تهدد سلامة الاسر والاهالي و اقرباء المعتقلين اثناء زيارتهم او اعتراضهم على ما يحدث لهم من انتهاكات .

التعديلات الهدف منها هو قمع المعتقلين و المسجونين بداخل السجون و القضاء على أي مظهر من مظاهر حرية الرأي و التعبير لهم ، و توسيع دائرة التعسف لتشمل الاهالي و الاقارب لأول مرة .

التعديلات قننت استعمال القوة بحق المعتقلين و المسجونين قد تصل الي استعمال الرصاص الحي مما يشرعن حالات القتل .

حيث اصدر عبد الفتاح السيسي قرار بقانون رقم 106 لسنه 2015 بموجب السلطة الممنوحة له بالتشريع بتعديلات علي قانون السجون رقم 396 لسنه1965.

و شمل القانون علي مادتين شملت فى الاولي تعديل 14 مادة من مواد قانون السجون و في الثانية اضافة اربع مواد جديدة علي القانون.

والملاحظ من التعديلات ما يلي .

أولا: ملاحظات في الإطار العام .

1- التعديلات لم تتم بشفافية و فوجأ بها المجتمع الحقوقي مثلها مثل جميع القوانين، حيث تنفرد رئاسة الجمهورية ممثلة في عبد الفتاح السيسي في سن القوانين دونما اعتبار للمجتمع المدني .

2- لا يمكن اعتبار المجلس القومي لحقوق الانسان معبرا عن المجتمع المدني حيث انة ليس مستقلا ومنشأ بقرار جمهوري كما أنه قد سبق للمجلس ذاته ان شارك مع وزارة الداخلية فى التعديلات التي قام بها وزير الداخلية السابق محمد ابراهيم علي لائحة السجون في 18 سبتمبر 2014 وقدمها المجلس وقتها في مؤتمر صحفي علي انها لائحة عالمية بالرغم من استمر التعذيب و القتل بداخل السجون دون توقف .

3- حينما نتحدث عن تعديل لقانون السجون فلابد من تبني رؤية شاملة لتغيير كافة التشريعات الخاصة بالسجون وتعديلها بشكل كامل، بداية من قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956، واللائحة الداخلية للعمل بالسجون الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 79 لسنة 1961، وكذلك اللائحة الداخلية للسجون المركزية ولا يمكن الاكتفاء فقط بترقيع قانون تنظيم السجون بتغيير عدة مواد لا تعبر عن التعديلات المطلوبة .

4- يجب ان يكون معلوما أن التفاصيل الخاصة بمعاملة المسجونين غير منصوص عليها بالقوانين واللوائح السابق ذكرها ، وإنما منصوص عليها فقط بدليٍل محظورِ الاطلاع عليه يسمى دليل العمل بالسجون صادر من وزير الداخلية ، حيث لابد أن يتم ذكر كافة التفاصيل المتعلقة بمعاملة المسجونين بلائحة السجون ويتم نشر دليل العمل بالسجون تحقيقًا للشفافية وتمكينًا للمهتمين من تقييم هذا الدليل والوقوف على مدى مطابقته للقوانين واللوائح وعدم مخالفته لها، ومدى التزام إدارات السجون بما جاء به .

5- لم يضيف القانون اي تعديلات علي وضعية اطباء السجون ولا تغيير فى تبعيتهم الكاملة لإدارة السجون، لكونهم من ضباط الشرطة من حيث الإشراف والرقابة وتوقيع الجزاء عليهم وبالتالي فإن هذا الأمر يفقدهم الاستقلالية اللازمة لإتمام عملهم بالشكل الأمثل، لاسيما وأن تقارير هؤلاء الأطباء في اغلب الأحيان تكون هي الفيصل في تحديد مسئولية إدارة السجن عند حدوث أي انتهاك أو تجاوز يمس حقوق المساجين وسلامتهم الصحية والبدنية .

6- : التعديلات كانت منصبة فقط علي السجون كمكان للاحتجاز دونما اي التفات الي اماكن الاحتجاز الأخرى التي يتم احتجاز اعلب المعتقلين فيها (سجون معسكرات الامن المركزي – اقسام الشرطة) فهل ستطبق هذه اللوائح بداخل هذه الاماكن ايضا ، وعلي اي سند قانوني سيتم ذلك ؟؟ .
ثانيا : ملاحظات فيما يخص مواد القانون .
1- التعديلات علي المادة الاولي جاءت شكلية بإضافة بعض العبارات وهي رعاية تأهيل المحكوم عليهم اجتماعيا و ثقافيا في حين انه لا يوضح علي اي اساس سيتم التأهيل الاجتماعي فلا دور للمشرفين الاجتماعيين في القانون او وزارة التضامن الاجتماعي وكذا الثقافي .

2- التعديلات علي المادة 14 رفعت حق المحبوس احتياطيا في وضعة في غرف مؤثثة من جنية و نصف فى اليوم الي 15 جنيه مصري مما يعني ان المحبوس احتياطيا و لمدة شهر عليه ان يدفع 450 جنيه الامر الذي من الممكن ان تأخذه وزارة الداخلية ليكون ذريعة لإنشاء زنازين مؤثثة تؤجر للقادرين ولا عزاء للمحبوسين احتياطيا الفقراء و المحتاجين مما سيزيد من التمييز بين السجناء المطبق اصلا فى السجون.

3- التعديلات علي المادة 38 من القانون الخاصة بالزيارة و المراسلات المقروءة و التليفونية، أدخلت لأول مرة حق اجراء المكالمات التليفونية للمسجونين وهو أمر محمود ، إلا أنها أطلقت يد وزارة الداخلية في جواز منع الزيارة منعًا مطلقًا أو مقيدًا دون تحديد الحالات التي يجوز لها فيها إجراء هذا المنع وغلق السجون في وجه الزائرين ومنعهم من زيارة ذويهم، فلم يتحدد بالقانون على وجه الدقة ما هي الظروف والأوقات التي تبيح لإدارة السجن منع الزيارة .

4- التعديلات علي المادة 34 من القانون تعتبر من ابشع التعديلات إذ أنه وبدلا من ان يتم العمل علي تقليل العقوبات او ما يسمي (التأديب) في القانون فإن السيسي في التعديلات قام بتغليظها وبدلا من ان يقوم بتنقيصها قام بزيادتها ، حيث كانت العقوبات التاديبية في القانون القديم اربع عقوبات تم اضافة عقوبتين لهما ليصبح المجموع 6 عقوبات.

وفيما يخص الملاحظات علي العقوبات نجد الاتي .

أولا : بدلا من ان يقوم السيسي بمنع الحبس الانفرادي كونها جريمة قام بتقنين جريمة الحبس الانفرادي للمعتقلين لمدة 30 يوم كنوع من انواع تغليظ العقوبة حيث كان مقررا في المادة القديمة لمدة 15 يوم فقط ، كما انم لم يحدد سقفا زمنيا للمرات التي يتم وضع المسجونين او المحبوسين بداخل الحبس الانفرادي الامر الذي يمثل اصرارا علي مخالفة القوانين الدولية التي تعتبر الحبس الانفرادي جريمة في حق المعتقلين وتعد شكلا من أشكال التعذيب لما ينتج عنه من آثار نفسية وبدنية. ومعلوم أن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تصنف الحبس الانفرادي ضمن الفصل الخامس من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كنوع من التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وكذلك الميثاق العربي لحقوق الإنسان في فصله الثامن. كما يندرج ضمن البند الأول من اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعت عليها مصر باعتباره "عملا ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديا كان أم عقليا".

ثانيا : تم استحداث غرفة بداخل السجون المختلفة تحت مسمي "غرفة خاصة شديدة الحراسة" حيث يوضح المعتقل او المسجون في هذه الغرفة لمدة 30 يوما دون تحديد للأسباب ويترك الامر للائحة الخاصة بوزارة الداخلية ، مما قد يسمح لإساءة استخدام هذا الحق واستخدامه كتهديد وورقة في يد وزارة الداخلية للضغط بها علي المعتقلين او السجناء لتكون بمثابة غرفة للتعذيب المقننة .

5- التعديلات علي المادة 73 هي زيادة في تهميش دور المجلس القومي لحقوق الانسان و تعظيم من دور وزارة الداخلية .

فبدلا من ان يقوم السيسي بإعطاء المجلس القومي لحقوق الانسان الحق في الاخطار لزيارات السجون، جعلة يتبع الاجراءات العادية إذ لا يحق له زيارة السجون إلا بتصريح من النيابة العامة وهو الامر الذي يمثل دلالة علي عدم اكتراث السيسي و حكومته بالمجلس القومي لحقوق الانسان وحقوقه المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية الاصيلة الحق في زيارة السجون بلا تصريح الاكثر من ذلك أن السيسي اعطي الحقوق المفترضة للمجلس القومي لحقوق الانسان الي مساعد وزير الداخلية للسجون حيث قام بالعمل علي تفسير دورة و رقابته وهو الامر الذي ليس له اهمية باعتباره المسئول عن الاول عن السجون .

6- في المادة 92 تم توسيع بسلط التجريم ضد العائلات و اقرباء المعتقلين و المحبوسين حيث نصت المادة علي الحبس مدة لا تقل عن شهر و بالغرامة التي لا تقل عن 1000 جنية و لا تزيد عن 5000 جنية لاتهامات فضفاضة لا يوجد لها تعريف واضح مثل "ادخال رسائل مخالفة للنظام المقرر"، "اعطاء شيئا ممنوعا للسجين" ، وغيرها من المصطلحات التي قد يتم استعمالها لتهديد ذوي و اقارب المعتقلين و المحبوسين و تصبح سيفا مسلطا علي رقابهم تستعمله وزارة الداخلية ضدهم إذا ما طالبوا بحقوقهم في الزيارة او اعترضوا علي سوء معاملاتهم .

7- التعديلات بإضافة المادة 8 مكرر هي ايضا من اخطر التعديلات فهي وضعت لتقنين استخدام القوة دون تحديد لضرب و تعذيب المعتقلين و المسجونين.

حيث قننت المادة لقوات السجن باستخدام القوة مع المسجون دون ان تحدد ماهي هذه القوة ،وما هو المسموح بها أو عدم المسموح مما معة قد يسمح باستعمال الرصاص الحي بحق المعتقلين و المحبوسين ناهيك عن ان القوة المبهمة هذه سيتم استعمالها في حالات غير مفهومة ولا يوجد لها تعريف واضح مثل " أوامر مستندة إلى القانون او لوائح السجن" و التي بالأساس هي لوائح قمعية و تعسفية الامر الذي يهدد حياة المعتقلين و المحبوسين.