حذرت صحيفة "شيكاغو ترابيون" اﻷمريكية من مخاطر تكرار إدارة الرئيس باراك أوباما نفس أخطاء الماضي خلال تعاملها مع مصر.


وقالت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم السبت :" نبرة الانتقادات في واشنطن بشأن سجل حقوق الإنسان الخاص بمصر اختفت تماما مؤخرا، وحلت بدلا منها مصطلحات، الاستقرار، ومكافحة اﻹرهاب، وضرورة تحقيق اﻷمن.


يذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الراعي الرسمي لانقلاب السيسي في 2013 على أول رئيس مدني منتخب لمصر بعد ثورة يناير الرئيس محمد مرسي، بسبب رفضه للهيمنة الأمريكية على الشرق الأوسط ومصر، والعمل على استقلال القرار المصري عن طريق انتاج الغذاء والدواء والسلاح بإيدي مصرية.


وفيما يلي نص التقرير,,


"عبد الفتاح السيسي يدوس على حقوق الإنسان، وسيادة القانون، وحرية الصحافة منذ أن (استولى على السلطة) في مصر قبل عامين، ويطالبه المجتمع الدولي منذ فترة طويلة بالتوقف عن تلك الانتهاكات، لكن لهجة الانتقادات في واشنطن تجاه هذه السياسة تغيرت أخيرا.


وقال السيسي اﻷربعاء الماضي حلال لقاءه بوفد في الكونجرس اﻷمريكي:" يجب عدم تناول أوضاع حقوق اﻹنسان والحريات في مصر من "منظور غربي" بالنظر إلى اختلاف التحديات"، محذرا من أن "سقوط الدولة" في الشرق الأوسط يمكن أن يزيد من تصاعد الإرهاب.


وبينما كان الوفد يجتمع مع قادة (الانقلاب)، كانت الشرطة المصرية تحاصر عشرات الصحفيين الذين كانوا يتظاهرون بسبب اعتقال اثنين من زملائهم، بتهمة "نشر أخبار كاذبة وتهديد الأمن القومي".


زيارة الوفد اﻷمريكي برئاسة "مايكل كول" رئيس لجنة اﻷمن الداخلي بمجلس النواب، تعتبر اﻷحدث في سلسلة زيارات النواب الامريكيين البارزين للقاهرة في الأسابيع الأخيرة، وجزء من زيادة التواصل بين الكونجرس وحكومة السيسي ﻹذابة جبل الجليد الذي يعتري العلاقات منذ 2013.


وخلال هذه الزيارات، النواب الذين سعوا في السابق لتقييد المساعدات الأمريكية لمصر، الآن أكثر استعدادا للعمل مع السيسي وحكومته، رغم المخاوف المستمرة إزاء انتهاكات حقوق اﻹنسان.


ليندسي جراهام، رئيس لجنة المخصصات الخارجية بمجلس الشيوخ اﻷمريكي، كان واحدا من أشد منتقدي السيسي، وقاد حملة لرهن المساعدات العسكرية الامريكية لمصر بالإصلاح السياسي، وبعد زيارته للقاهرة إبريل الماضي واجتماعه بالسيسي لمدة ساعتين، قال "إنه غير رأيه".


وأضاف في تصريحات صحفية:" اعتقد أن السيسي شخص يمكننا التعامل معه، واعتقد أنه الرجل المناسب في الوقت المناسب - بحسب تصريحه، ولكن أفعاله سيتم تحديدها إذا ما كانت على حق أم خطأ.. نحن جميعا ندرك أن السيسي ليست مثاليا، ولكن فشل مصر سيكون كارثة بالنسبة للعالم".


وأوضح جراهام، الوضع اﻷمني تراجع بشدة في مصر منذ عام 2013، ومع حاجة مصر للمساعدة في محاربة الإرهاب، خصوصا في سيناء، تغيرت حسابات العديد من النواب اﻷمريكيين الذين يريدون استخدام أكثر من العصي لتشجيع السيسي على تحسين أوضاع الحريات في مصر،


جراهام، الذي عمل مع جون ماكين رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ لسن تشريعات تقيد تقديم مساعدات لمصر خلال السنوات الثلاث الماضية، يقول إنه حاليا يريد "خطة مارشال" لمنطقة الشرق الأوسط من شأنها أن تزيد بشكل كبير من المساعدات الامريكية لمصر، ودول الخليج الأخرى.


وقال:" أنا على استعداد للعمل مع العديد من أعضاء الكونجرس لتقديم مزيد من المساعدات لمصر، لأننا لا يمكن أن تخسر مصر".


كما قاد رئيس مجلس النواب "بول ريان" وفدا إلى القاهرة إبريل الماضي، وقال لدى عودته : "إنه أثار قضية قمع الدولة للمجتمع المدني".


وأضاف: "يحتاج كل وفد أمريكي أن يفعل ذلك .. ورسالته للسيسي:" إنك تجعل اﻷمور أكثر صعوبة علينا لكي ندعمك عندما يكون لديك الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان".


ريان قال إن السيسي أبلغ الوفد المرافق :" أن "الهدف الرئيسي" هو تحقيق الاستقرار في مصر، لكن رايان رد قائلا: مع تحقيق الاستقرار، يجب أن تتبنى استراتيجية جماهيرية".


في 2011، اعتقل الجيش المصري العاملين في المعهد الجمهوري الدولي الذين كانوا يعملون في مصر، وفي 2012 منعت بعض العاملين من مغادرة مصر في الوقت الذي ينتظر محاكمتهم بتهمة التحريض على الفتنة.

تحول الكونجرس من انتقادات إلى معاملات خاصة مع حكومة الانقلاب يتماشى مع إدارة أوباما، وزير الخارجية جون كيري خفف مؤخرا من مطالبات حكومة السيسي الانقلابية بـ"استعادة الديمقراطية" في مصر، لكنه يصر على ان المساعدات يجب أن تستمر في التدفق.


واستخدمت وزارة الخارجية مرارا صلاحياتها للافراج عن مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية لمصر، رغم أن الحكومة المصرية لم تف بالمعايير التي وضعها الكونجرس حول الإصلاح والتقدم في مجال حقوق الإنسان.


ويرى بعض الخبراء إن الولايات المتحدة تخفف من ضغوطها على مصر حتى لا تنتشر الفوضى على المدى الطويل.


ويقول كول بوكينتفيليد نائب مدير السياسات في مشروع الشرق اﻷوسط الديمقراطي: هناك الكثير من الناس ينظرون إلى مصر ويقولون إن سياسيات السيسي تقود في اتجاه انهيار الحكومة.. نحن نكرر أخطاء الماضي.. الولايات المتحدة كانت تأمل في الحفاظ على الوضع الراهن سابقا، ولكنها فشلت".


وأضاف: البيت الأبيض ساعد في تجاوز الشروط الخاصة بالمساعدات العسكرية لمصر، وتوجيه المزيد من المساعدات لمكافحة الإرهاب، ولكن من دون أي قيود حقيقية على المساعدات، اﻷمر الذي يجعل من احتمالات استخدام المال كوسيلة ضغط للتشجيع على الإصلاحات قد يختفي.


وبعد أربع سنوات غالبا مرتبكة، ومتغيرة، فإن إدارة أوباما والكونغرس استقرا أخيرا على كلمة واحدة - وهي "الاستقرار".