يستقبل المسلمون شهر رمضان المبارك بالتوبة والاستغفار من الذنوب والإقبال على طاعة المولى- تبارك وتعالى- وتقوية رابطة الأخوة الإسلامية والسمو الروحي والصفاء النفسي، لكن النظام السوري المتجبر استقبل رمضان بمجزرة وحشية، وشلال من الدماء إذْ قتل في يومٍ واحدٍ مائة وخمسة وأربعين مواطنًا بريئًا، وأصاب المئات، واعتقل المئات؛ لأنهم خرجوا يطالبون بالحرية والإصلاح والعدل والديمقراطية، معظمهم من أهالي حماة؛ الأمر الذي يُذكرنا بمذبحة حافظ الأسد- الحاكم السابق لسوريا ووالد حاكمه الحالي- في الثمانينيات؛ إذْ قتل من أهل نفس المدينة ما يزيد على أربعين ألفًا من الرجال والنساء والأطفال، ودمَّر المدينة بالدبابات، وكأنَّ بشار الابن يستنسخ جريمة أبيه دون وازعٍ من ضميرٍ ولا رادعٍ من قانون.
والمؤسف أنه يستخدم الجيش بأسلحته الثقيلة في هذه الجرائم، والأصل أن الجيش هو جيش الشعب، وأن الأسلحة بمال الشعب، وأن دوره أن يحمي الوطن والشعب من العدوان الخارجي، فإذا بالنظام الذي تقاعس طيلة أربعين عامًا أن يطلق رصاصةً واحدةً على العدو الصهيوني من أجل تحرير الجولان المحتلة، يصبُّ قذائف الأسلحة الثقيلة وحممها على رءوس المواطنين العُزَّل.
إن الدماء التي تنزف بغزارةٍ على أرض سوريا الحبيبة سوف تكون الوقود الذي يحرق النظام ويحرر الوطن والشعب، إذ لا بد للحرية من ثمن، وهذا الثمن هو الدماء الطاهرة الزكية:
وللحرية الحمراء بابٌ بكل يدٍ مضرجة يُدق
إذا كان قتل نفس بغير حق يعدل عند الله قتل الناس جميعا فما بالنا بجريمة قتل آلاف النفوس، وعدم التورع عن المزيد؟!!
وإذا كان النظام قد تنكَّر لكل الحقوق الإنسانية والدينية والقانونية، فكيف للعرب والمسلمين والشعوب الحرة، وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وهيئة الأمم المتحدة أن تلتزم الصمت إزاء جريمة من أكبر جرائم العصر؟ ولماذا تكتفي الحكومات بتصريحات محتشمة متحفظة تجاهها؟!!
إن الأمر يحتاج حركة ثائرة من الشعوب ومواقف حازمة من الحكومات والهيئات، ولو وصلت لقطع العلاقات، وإدانة التصرفات بكل صراحة، والطرد من مؤسسات المجتمع الدولي باعتباره نظامًا خارجًا على كل الشرعيات.
كذلك نطالب الجيش السوري الذي عهدناه مدافعًا عن الوطن أن يمتنع عن طاعة أوامر النظام بقتل إخوانه من أفراد الشعب، مثلما فعل الجيشان التونسي والمصري؛ إذْ لا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق، وليتذكر قال تعالى: (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) (المائدة: من الآية 32).
الإخوان المسلمون
القاهرة في: 1 من رمضان 1432هـ الموافق 1 من أغسطس 2011م