حسن القباني
منسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح
تهل علينا في هذه الأيام الثورية المجيدة ، ذكريات صمود وعزة واباء مختلطة بمشاهد حرق ودماء ونازية ، حيث يمر علي البلاد والعباد ذكري مرور 100 يوم علي مجزرتي فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة "14 اغسطس" ، و مذبحة رمسيس الثانية "16 اغسطس" ، ومحرقة سجن ابو زعبل "19 أغسطس" ، لتمد الثوار الاحرار بمداد التحدي والإصرار لانطلاقة ثورية ثالثة بعد انطلاقة اعتصام 28 يونيو وموجة غضب ما بعد الفض ، نكتب بها نهاية الانقلاب وبدء القصاص بالتوزاي مع تحقيق مطالب الشهداء في البعد الديمقراطي والسياسي .
لقد كان صمود المعتصمين في رابعة العدوية ، وكنت شاهداً عليه ، مبهراً ، وملهماً ، للأحرار في العالم ، وكانت تضحياتهم نموذجا انسانيا ووطنيا شريفا ، ستظل تهلج بتمجيده الالسنة لآخر الزمان ، وكان الصمود كذلك في النهضة ومصطفي محمود ونصر الدين في الجيزة ، كما روي شهود العيان ، وتواصل في رمسيس الثانية ، ليسطر ملحمة بشرية قلما تجدها في التاريخ ، وتبشر بمرحلة جديدة للوطن الذي تشربت تربته غرس هؤلاء الاحرار.
وفي ذات الوقت ، فإن هذه المجازر المروعة التي ارتقي فيها مايقرب من 6 الاف شهيد وشهيدة ، واعتقل اكثر من 11 الف معتقلا سياسيا بينهم نساء وفتيات ، وانتهكت فيها حرمات المساجد وحرقت المصاحف وجثث الشهداء والأحياء ، شكلت مأساة صارخة ، وبكائية تجاوزت كل البكائيات الانسانية في التاريخ الانساني الحديث .
ولذلك لا عجب أن تشهد ثورة الشرعية والكرامة ، عقب كل هذه المجازر ، انطلاقة ثورية واسعة ، استقطبت قطاعات مصرية جديدة ، بانتشار افقي ورأسي ، انحازت للانسان ، وبصرت الحقائق التي شوهت ، وقررت بحسم تحقيق مطالب الشهداء ، غير مبالية بالتضحيات التي تواصلت علي مدار الحراك الثوري بعد الفض حتي الآن.
ولقد كان ظهور ، شارة رابعة الصمود ، بعد الفض مباشرة ، في الفعاليات الثورية ، دلالة بالغة التاثير علي خلود هذه الأيام في التاريخ والنصر القريب لها ، دلالة توحد العالم الحر الغاضب ، وتوجز الكلمات في اشارة 4 اصابع ، وتنطق بالحقيقة وتذكر القاتل بالجريمة ، ولذلك كانت ولازالت موجعة تغيظ القاتل والذي صمت معه علي القتل ، وتصيبه بالوجع والألم والجنون .
إن هذه الدماء الطاهرة التي اريقت في مجازر الانقلاب ، ستظل تلاحق ضمير اشباه الثوار ، الذين باعوهم في كل المشاهد ، لارضاء حساباتهم السياسية الضيقة ، التي جاءت علي حساب الثورة المتصاعدة ضد غدر العسكر والفلول ، وحساب الانسانية المجردة ، لتكون هذه التضحيات شاهدة علي من باع ومن خان ومن ترك اخيه الانسان يواجه بمفرده نازية الطغيان .
كما أن هذه الدماء ستظل تطادر قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وكل الذين شاركوه الخيانة والعدوان ، فمن ظلم سيري نتاج ظلمه سواء في محاكم الدنيا ، أوفي محكمة العدل الالهية ، يوم لا يفلت ظالم من العقاب ، ولا يحسبن قاتلا أنه سيهرب ، فعين السماء لا تغفل ولا تنام ، والدماء لعنات ، لم يصمد أمامها متجبر في اي زمان، والثوار في الميادين ينتظرون الحسم لتعليق الطغاة علي اعواد المشانق .
إن هذه الدماء كذلك تحتاج ، من جميع الثوار ، أن يدركوا أن السياسة يجب ان تكون في خدمة الثورة ، فالثورات تنتج سياسة جديدة وساسة جدد ، وان الحسم الثوري ، هو الطريق لحل سياسي واقعي ينصف الشهداء والاحياء ، وليس العكس فانصاف الحلول اكفان الشعوب ، والمناخ مهييء في مصر للحسم بفضل الله ، وهو حسم مفاجيء ، في رأينا ، سيربك كل الحسابات .
إن تجديد مطالب الشهداء ، علي مدار اسبوع احياء ذكري مرور 100 يوم علي المحارق السيسية ، يحتاج الي انطلاقة ثورية ثالثة ، بتجديد ميداني ، مبني علي تطوير للفعاليات الثورية في ضوء السلمية المبصرة ، التي لا تجنح للعنف ولا تتراجع أمام العنف ، والتي تواجه القمع بصدور عارية وأدوات مدنية جديدة ، ولا ترجع للوراء بظهور مكشوفة ودون تحقيق انجاز ثوري .
إن هذه الانطلاقة نراهن فيها علي استمرار خلق قيادات ثورية ميدانية ، تستفيد من تجارب قهر الطغيان في الثورات المماثلة ، وتبدع في فرض واقع نوعي جديد ، يحسم علي الارض ، مستغلا غباء الانقلابيين ، وظهور خطره علي جميع المستويات والمؤسسات ، وتسرب الضجر والخوف بين صفوف القوة الغاشمة التي يستند اليها .
إننا كما نادينا بالنفس الطويل في الحراك الثوري ، ننادي الان في هذه الانطلاقة الجديدة التي نرقبها وندعو اليها ، الي النفس الطويل في الفعاليات الثورية ذاتها ، واعطاء الفعالية حقها لتحقيق أهدافها وقهر القمع بوسائلها السلمية المدنية المبدعة ، مع التضامن مع كل القطاعات المتضررة من الانقلاب والتي تتقاطع مطالبها مع بعض مطالب ثورة الشرعية والكرامة ، مع الاستمرار في تطوير شعارات الجدران ، وهتافات الثورة .
إن الانقلابيين القابعين بالزور والبطلان في مقرات الشعب ، يطبخون السم للوطن ، ويستنفذون مقدراته وينهكون قدراته ويبيعون ابنائه ، ويقمعون القضاء والقانون والحريات ومحاولات نشر الحقيقة ، مرتعدون من الحراك الثوري المتصاعد واكتسابه يوميا لارض جديدة ، وعلي الجميع ادارك اللحظة الفارقة!
ثوروا تسعدوا وابدعوا تحسموا واصمدوا تنتصروا