مساحتها 3 أضعاف واشنطن.. تستوعب 7 ملايين نسمة وتضم 100 حي و21 منطقة سكنية.. توفر 1.5 مليون فرصة عمل، وإنجازها في 5 سنوات بتكلفة 45 مليار دولار، هكذا أعلن عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري، عن العاصمة الإدارية الجديدة، لكنه اليوم تراجع عن تنفيذها بعد أسابيع من الإعلان عن البدء في تدشينها تحت إشراف شركة "إعمار" الإماراتية، مبررًا ذلك بأن ميزانية الدولة لن تتحمل إنشاءها.

 

جدول زمني

بداية التهليل للمشروع كانت في المعدل الزمني لتنفيذها عندما أحرج السيسي، الرئيس التنفيذي لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة "الملغي"، بطريقة انفعالية رفضه تنفيذ المشروع خلال 10 سنوات.


وكان الرئيس التنفيذي للمشروع، قال أثناء حديثه مع السيسي، إن المدة المحددة للانتهاء من المشروع؛ هي 10 سنوات، إلا قائد الانقلاب قاطعه: "10 ده إيه؟ ولا 7 كمان. المشروع لا بد ينجز في أسرع وقت، واحنا جاهزين بكل حاجة".


بهذه الواقعة، تعود الأذهان إلى افتتاح عملية تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة، في أغسطس 2014، حين طالب السيسي، رئيس الهيئة الهندسية للمشروع، تقليص مدة إنجازه من 3 سنوات إلى سنة واحدة، دون أن يبدو في الأفق أي بادرة انتهاء من المشروع في الوقت المحدد.

 

التهليل للفكرة

مع المؤتمر الاقتصادي الذي أقيم في منتصف مارس الماضي، تصدر التهليل للعاصمة الجديدة عبر أبواق العسكر الإعلامية التي صالت وجالت عبر شاشاتها تمدح في الشروع الذي لم ير النور، حيث تحدثت عن مقارات حكومية وأخرى للبعثات الدبلوماسية ووحدات سكنية وفنادق، وموقعه المتميز بين القاهرة ومدينة السويس والعين السخنة، وإنشاء مطارًا و90 كيلومترًا مربعًا من حقول الطاقة الشمسية، ويستهدف إنجاز ذلك في غضون 5 إلى 7 سنوات بتكلفة 45 مليار دولار.

 

نتاج لتخطيط علمي!

لم يفت نظام السيسي الاستخفاف بعقول المصريين، عندما قال مصطفى مدبولي وزير الاسكان في حكومة الانقلاب، إن مشروع العاصمة الجديدة هو "نتاج تخطيط علمي".

 

الأجنبي هو الحل

وقبل أن تخطو الحكومة أولى خطواتها في التنفيذ، خرج السيسي على المصريين ليصدمهم بأن المسئولين عن العاصمة الإدارية الجديدة، أكدوا رفض الشركات المصرية المشاركة في بنائها، مما سيضطرهم إلى الإستعانة بالشركات والعمالة الأجنبية، رغم إعلانهم عن توفير المشروع فرص عمل للشباب.

وأضاف السيسي، في كلمته التي ألقاها خلال الندوة التثقيفية السادسة عشر، أنه يريد من الشباب المصري المشاركة والعمل للاستعانة بهم في العاصمة الجديدة حتى لو كان العمل غير مناسب من وجهة نظرهم, خاصة الشباب العائد من ليبيا.

 

 

 

مخاوف من مشاريع قادمة

وسبق وأن شككت صحيفة "ذي إيكونوميست" البريطانية، عندما قالت إن السيسي لم يتعلم ممن سبقوه ودخل فخ الوعود الكاذبة للمشاريع الضخمة والتي ستؤدي إلى كارثة

 
كما قال الدكتور إبراهيم حمدان استاذ الاقتصاد:" أن بداية الفكرة تعتمد على تمويل خارجي، وأرى أن سبب تراجع عبد السيسي عنها هو تراجع الخليج عن تمويلها، مشيرًا إلى أن السلطة الحالية في مصر وضعت نفسها في موقف محرج إقتصاديًا، وقد يتكرر ذلك الأمر مع مشروع استصلاح الأراضي وغيره.
 

وأضاف حمدان، في تصريح لشبكة "رصد"، أنه كان يجب من البداية تأجيل مشروع نقل العاصمة الإدارية من القاهرة إلى طريق القاهرة – السويس، 5 سنوات على الأقل حتى تتمكن الدولة من التقاط أنفاسها في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها، مستنكرًا تهرب الحكومة من استحقاقاتها إلى أمور وصفها بـ"الفاشلة". 

 

فكرة دعائية

وقالت صحيفة "ميدل ايست اي" أن فكرة إنشاء عاصمة جديدة أعلن عنها مسبقًا في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك من قبل ابنه جمال، إلا أن المشروع تم التخلي عنه بعد أن أثبتت دراسة جدوى مبدئية فشل المشروع، وأن الخطة باهظة التكاليف وغير عملية.

 

وبينت الصحيفة البريطانية، إن مشروع "عاصمة مصر الجديدة" شأنه مثل مشاريع السيسي الوهمية التي لم تر النور، وتساءلت الصحيفة: "لماذا لا تستثمر الحكومة في العاصمة الموجودة لديها (القاهرة) والتي تعاني من مشاكل جمة"، وأن رسومات وصور عاصمة مصر الجديدة سرقت من منتجعات سنغافورية وهذا لفت نظر وفد سنغافوري مشارك ولكن لم يخجل المسئولين في مصر من عرض هذا المشروع.

وكانت الصحيفة توقعت في تقرير بعنوان: "شكوك متزايدة من إمكانية تحقيق عاصمة مصر الجديدة" أن يتم التراجع عن المشروع قائلة: "يبدو أن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة الذي طرح في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، سيلحق من سبقه من المشاريع التي أعلن عنها في عهد عبد الفتاح السيسي ولم تر النور، مثل مشروع بناء مليون وحدة سكنية، وجهاز علاج الإيدز المعروف بجهاز الكفتة".

 

رصد