في 27 مارس 2025، نشرت مجلة مجلة نيو إنجلاند الطبية مقالًا بعنوان "جسور الرعاية الصحية – مسارات نحو الثقة في غزة وخارجها"، وهو ثاني مقال فقط يذكر غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي واسع النطاق في أكتوبر 2023. تجاهلت المجلة استشهاد أكثر من 1200 من العاملين الفلسطينيين بالصحة، واعتقال المئات وتعذيبهم، ولم تطالب بمحاسبة أو عدالة، بل دعت إلى بناء الثقة من خلال برامج صحية مشتركة، في موقف يعكس انحيازًا سياسيًا واضحًا.

بدأ المقال بعرض تجربتين متوازيتين لطبيبين، أحدهما إسرائيلي والآخر فلسطيني. الأول يعمل في مركز طبي متقدم، والثاني يخدم وحده في مخيم للاجئين يضم عشرات الآلاف. هذا التوازي المصطنع يخلق انطباعًا بمساواة زائفة ويتجاهل التفاوت الهيكلي العميق بين الطرفين، حيث يُفكَّك النظام الصحي الفلسطيني بينما يُستخدم الإسرائيلي لدعم المجهود العسكري.

اتهم المقال مستشفيات غزة بـ"التسليح" دون دليل، بينما تجاهل العسكرة المتزايدة للنظام الصحي الإسرائيلي، حيث يحمل أطباء السلاح، ويسهمون في تسليح المستوطنين، ويشاركون في الدعاية للحرب. دعمت المؤسسات الطبية الإسرائيلية الهجوم على غزة، وحرّض أكثر من 100 طبيب على قصف المستشفيات دون محاسبة.

ورغم الإشارة إلى قصف مستشفيات غزة، قدّم المقال الدمار كأثر جانبي للحرب، دون مناقشة النية والتخطيط المتعمد وراء استهداف البنية التحتية الصحية. كما كرر مصطلحات استخدمتها السلطات الإسرائيلية لتبرير الهجمات، متجاهلًا الأدلة على الانتهاكات الممنهجة للقانون الدولي.

اقترح الكاتبان إعادة بناء النظام الصحي في غزة من خلال شراكات فلسطينية إسرائيلية، تشمل نقل المرضى إلى مستشفيات إسرائيلية وتدريب الأطباء الفلسطينيين هناك. هذه الخطة تعزز التبعية ولا تعالج الأسس السياسية التي أدت إلى الانهيار، بل تُكرّس السيطرة الإسرائيلية وتعيد إنتاج نفس منظومة القمع.

لا يمكن إعادة بناء الصحة في غزة في ظل الحصار والاحتلال ونظام الفصل العنصري. لا بد من وقف العدوان، ورفع الحصار، وتفكيك البنية الاستعمارية التي تخنق النظام الصحي. أما دعوات الثقة والتعاون، فهي تضلل الرأي العام، وتُستخدم كغطاء لتجميل العنف والإفلات من العقاب.

إذا كان لا بد للصحة أن تكون "جسرًا"، فيجب أن تعبر نحو التحرر والعدالة، لا نحو استمرار الاستعمار والمحو البطيء لشعب بأكمله.

https://www.middleeasteye.net/opinion/new-england-journal-medicine-promotes-health-bridges-while-gazas-hospitals-are-destroyed