سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية الضوء على الاحتجاجات التي تشهدها السودان ضد نظام الرئيس حسن البشير منذ الشهر الماضي، معتبرة أن ولاء قوات الأمن للبشير غير مضمون في ظل التظاهرات الشعبية التي تزداد كثافة.

وقالت الصحيفة في التقرير الذي نشرته على موقعها الإلكتروني إن البشير يواجه أقوى تحد لحكمه الذي استمر ثلاثة عقود، في ظل الاحتجاجات التي بدأت قبل 4 أسابيع بسبب الأزمة الاقتصادية التي تزداد سوءا.

ونقلت الصحيفة عن أدلين فان هوتي المحلل السياسي قوله:" وضع البشير لم يكن أبدا بهذا الضعف .. لو شعرت قوات الأمن أن ميزان القوة يتحول، فإن ولاءهم ليس مضمونا".

وقال جبريل إبراهيم قائد حركة العدالة والمساواة المعارضة إحدى الجماعات المشاركة في التظاهرات إن:" هدفنا المقبل هو إصابة النظام بالشلل التام.. الشرطة يجب أن توقف الهجمات العنيفة ضد المتظاهرين السلميين".

يشهد السودان تظاهرات غاضبة منذ ديسمبر بعد قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف، في وقت تعاني البلاد من نقص حاد في العملات الأجنبية وتضخم بنسبة 70%.

وتحولت الاحتجاجات التي اندلعت في البداية في بلدان وقرى قبل أن تنتقل إلى الخرطوم، إلى تجمعات مناهضة للحكومة وصفها محللون بأنها أكبر تحد يواجه نظام البشير منذ سنوات.

وفي الخرطوم أوقفت الشرطة العديد من المتظاهرين، بحسب شهود، بينما انتشرت تسجيلات مصورة تظهر مسيرات على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويوم الأحد الماضي امتدت حركة الاحتجاجات، لتشمل إقليم دارفور المضطرب غرب البلاد.

وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذي خرجوا إلى الشوارع في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، ونيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.

في المقابل، أكد البشير الاثنين الماضي أمام حشد من أنصاره في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور (غرب): أن "الحكومة لن تغيّر بالمظاهرات" المناهضة له.

ووقع 22 حزبا سودانيا غالبيتها مشاركة في الحكومة، مؤخرا، على مذكرة رفعتها، للرئيس البشير، للمطالبة بحل الحكومة والبرلمان السوداني، وطالبت الجبهة الوطنية للتغيير، التي تضم 22 حزبا، بتكوين مجلس سيادي جديد يقوم بتولي أعمال السيادة عبر تشكيل حكومة انتقالية تجمع بين الكفاءات الوطنية والتمثيل السياسي لوقف الانهيار الاقتصادي ويشرف على تنظيم انتخابات عامة نزيهة.

واتهمت الجبهة، الحكومة بإهمال تطوير القطاعات الإنتاجية، وعلى رأسها الزراعة وانتهاج سياسات خاطئة أدت إلى تفشي البطالة وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية.

وأضاف البشير:" نحن قلنا لدينا مشكلة اقتصادية... ولن تحل بالحرق والتخريب.. السودان لديه أعداء كثر وهؤلاء لديهم ... ناس لا يعجبهم الأمن والاستقرار، ولكن لن نسمح لهؤلاء بتخريب بلدنا وحرقه ونهب ممتلكاتنا".

ووعد البشير بتوفير حلول لأزمة الوقود قائلا :"سنوفر الوقود عبر إمكانيات محلية وبدعم من بعض الأشقاء، وأحب أن أذكر إخوتنا في دولة الإمارات الذين وقفوا معنا في هذه اللحظة، ونحن سنرتب معهم لتوفير كل حاجة البلاد من الوقود".

وأكد البشير أن الدولة وفرت نحو 4 مليارات دولار من عائدات صادرات المواد غير النفطية، في الوقت الذي تبلغ فيه حاجة البلاد من النقد الأجنبي 8 مليارات دولار.

وفي الأيام الأولى للاحتجاجات، أحرق العديد من المباني والمكاتب التابعة لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في بلدات وقرى.

وتشير السلطات إلى أن 24 شخصا على الأقل قتلوا منذ بدء الاحتجاجات، بينما أفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن حصيلة القتلى بلغت أربعين شخصا بينهم أطفال وموظفون في قطاع الصحة.

ودعا منظمو الاحتجاجات للخروج في مظاهرات شبه يومية في أنحاء البلاد ضد البشير الأسبوع المقبل، في إطار ما سموه "أسبوع الانتفاضة لإسقاط النظام".

وتشير المجموعات الحقوقية إلى أن السلطات السودانية أوقفت أكثر من ألف شخص منذ اندلعت الاحتجاجات الشهر الماضي بينهم قادة في المعارضة وناشطون وصحافيون إلى جانب متظاهرين.