بقلم : حسن القباني


التبرئة الهزلية لفرعون مصر القاتل هي تنازل جديد من عبد الفتاح السيسي لامريكا والكيان الصهيوني ومساعديهم ضمن سلسلة تنازلات عديدة لمزيد من الحفاظ على عرش متصدع وزائل ، لتطرح معركة الاستقلال نفسها من جديد ، فلا نجاح كامل للثورة الا باستقلال كامل ، ولا اصطفاف ناجح إلا باعلاء قضية الاستقلال ولا صعود للوطن الا بترسيخ الاستقلال قولا وعملا.
لقد أطلق العدو الصهيوني على مبارك "الكنز الاستراتيجي" ، وكان من الممكن أن تبقي الثورة دون أي انقلاب عسكري غاشم لو لم يسلك ثوار يناير دروب الاستقلال الكامل ورفض التبيعية والهيمنة تحت لافتات عدة ، ولو لم يقم الرئيس البطل المختطف الدكتور محمد مرسي باعلانها صريحة :" من يمتلك الغذاء والدواء والسلاح فقد امتلك إرادته" والبدء في تأسيس هاديء بطيء لدولة الاستقلال والتحرر ، ولكن العدو التقط بدقة اشارات التحرر في مصر فدبر الانقلاب وحرر كنزه الاستراتيجي ورجله المخلص بقرار موقع في "البيت الدموي" كمكأفاة لنهاية الخدمة.
إن احتجاز الفرعون ، ذلك الاحتجاز الفندقي وبحق ، كان مجرد مرحلة من مراحل العصابة الصهيونية الامريكية لترتيب البيت المصري من جديد علي عين البيت الابيض وتل ابيب ، بما لا يخل بقواعد العبودية العالمية والهيمنة الصهيوامريكية ، وسقط في هذه الترتيبات رواد السهرة الحمراء الذين باعهم العسكر في 3 يوليو ، لتعود مصر في 29 نوفمبر 2014 الي لب القضية من جديد : الاستقلال وبالتالي امتلاك القرار الوطني في كل شيء ، أو التبعية والتزلف الي العصابة الصهيونية الامريكية لبقاء الامور على ما هي عليها.
لاشك أن عبد الفتاح السيسي أصبح عبئا علي تلك العصابة الصهيونية الامريكية ، وفشل في تحقيق احلامها حتى الآن ، بعد أن اصبح عبئا علي العصابة الصغيرة مدراء دولة الفساد الموازية ، ومن مجريات الأمور الواضحة أن أمريكا تبحث عن بديل وأن السيسي يقدم تنازلات استراتيجية تهدد وجود مصر كي يواصل البقاء بأي ثمن رغم فشله في كل شيء.
إن نداءات عدة رفعت خلال الايام الماضية ، لجمع المصريين من جديد خلف معسكر الثورة ضد الثورة المضادة ، ومنها دعوات الاصطفاف على الهوية أو الحرية أو القصاص ، وبتقديرنا أن الاستقلال كمبدأ جذري يجب أن يتقدم دعوات الاصطفاف مع دعمه بكل محفزات الدين والدنيا ، من دعوات للحرية والهوية والقصاص، فلا قصاص بدون استقلال ، ولا استقلال دون هوية ، ولا هوية بدون حرية ، ولا شيء من هذا دون وطن وعي ثائر.
إن المنطقة التي تستقبل موجات مباشرة وغير مباشرة من عودة الامبراطورية الغربية لتحتل بلادنا وتسرق ثرواتنا وتهدد مقدساتنا وهويتنا ، وتلغي حرياتنا وحقوقنا، توجب علينا رفع شعارات الاستقلال ورفض الهيمنة والتبعية ، تحت مظلة ثورتنا المجيدة قلب الربيع العربي النابض والحي ، وإن إسلامنا كعقيدة وحضارة قادر علي مدنا بكل سبل المقاومة والتحدي.
إننا لا ندعو لاختصار كل مطالب الثورة في مطلب الاستقلال والتحرر ، ولكن ندعو لجعله البوصلة والمؤشر ، حتى لا تتوه قبلتنا الثورية مجددا ، ويخرج علينا كنزا استراتيجيا سريا جديدا للعصابة الصهيونية الامريكية ، يسرق الثورة للمرة الثانية ، ويلغي اهداف الثورة المصرية ومكتساباتها الدستورية ، ويجعلنا نعيد الكرة مجددا لاقدر الله .
إن افلات الكنز الاستراتيجي للعصابة الصهيونية وزمرته من القصاص العادل ، مسألة مؤقتة ، فالثورة المصرية في الميادين لم تهدأ ولن تهدأ باذن الله عزوجل ، والربيع العربي يتقدم في كل مكان يحرض المشرق على الغضب والتحرر من الهيمنة والعبودية الامريكية ، والمكر الصهيوامريكي يتضح يوما بعد يوما ويقدم كتالوجا لمواجهته واسقاطه بغير رجعة ، ولن تحكمنا أمريكا ولا صبيان أمريكا باذن الله عزوجل ، مالك الملك ، والأرض والسماء .
---------------------
*منسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح